رفع الدعم عن المشتقات النفطية موضوع حتمي ولا تستطيع اي حكومة الاستمرار في دفع المليارات سنويا لدعم مشتقات النفط خاصة في ظل الايرادات المتواضعة التي تعاني منها الخزينة العامة منذ ثلاث سنوات نتيجة ركود الحركة الاقتصادية وتوقف تصدير النفط بسبب الاعتداءات على الانابيب وسيطرة قبائل حضرموت على ابار النفط والاعتداءات المتكررة على ابراج الكهرباء ، وعملية تحرير اسعار مشتقات النفط حتمية لاي حكومة حالية او قادمة كبديل لوقف التدهور الاقتصادي ، هناك بدائل اخرى كان يجب على الرئيس هادي التعاطي معها على الاقل لإثبات المصداقية في عملية التصحيح خاصة ان ثقة المواطن اصبحت مهزوزة بالقرارات التي تقال عقب كل عملية تحرير للسلع المداومة والتي لا ينفذ منها سوى الجزء المتعلق بحصة المواطن وهي القبول بالزيادة السعرية.
كنت اتمنى للرئيس هادي ان يستوعب الاخطاء السابقة التي كانت تصاحب عملية رفع الاسعار للمشتقات النفطية وتحريرها من الدعم وان يتبنى سياسة جديدة غير تلك السياسات التي تستهدف المواطن من اي عملية لرفع الدعم .
الغضب الشعبي الحاصل هذه المرة جزء كبير منه عفوي بسبب فقدان ثقة المواطن بأي اجراءات تصحيحية وهو مايجب التعاطي مع هذا الغضب بجدية وتقديم نماذج عملية سريعة للتصحيح تفاديا لعدم توسع هذه الاحتجاجات وتتحول الى قضية شائكة دون حل تتوقف بين اصرار الجهات الرسمية وبين المد الشعبي الرافض للزيادة السعرية.
الرئيس يستطيع كسب ثقة المواطن وسحب البساط على القوى التي تستغل عملية تحرير المشتقات النفطية من الدعم وتهيج الشارع لاغراض سياسية .
التوجه الجاد نحو البدائل التي يجب ان ترافق عملية التحرير ضروري للخروج من حالة الفعل ورد الفعل الشعبي والبدء بخطوات عملية تثبت للمواطن مصداقية الدولة في التصحيح بشكل عملي وملموس ، والتوجيهات الــ 12 التي خرج بها اجتماع الاخ رئيس الجمهورية بالحكومة المصغرة تحتاج الى ترجمة عملية .
البدء فورا بتنظيف سجلات الخدمة المدنية والقوات المسلحة والامن من الازدواج الوظيفي والاسماء الوهمية ويجب ان لا ننسى ان العملية اخذت وقتا طويلا دون احراز نتائج عملية، وقف شراء السيارات والاثاث والكماليات وهذا ايضا لم ينفذ رغم التوجيهات المتكررة الا ان التوجيهات تظل حبر على ورق، سحب السيارات التي تم شراؤها بناءا على نقل او تعيين جديد فالثقافة السائدة من زمان ولا زال العمل بها جاري هي ان يتم شراء سيارات خاصة بكل قرار تعيين دون تسليم السيارات التي صرفت على ذمة التعيين السابق وهناك وزراء لديهم سيارات اكثر من عدد افراد العائلة وهناك محافظين و نواب وزراء ووكلاء ومدراء عموم وقادة عسكريين وامنيين وسفراء وغيرهم.
هناك شخص تعين وزيرا وصرفت له حوالي ثلاث سيارات وخلال فترة قصيرة تم تعيينه سفيرا بالخارج وقبل فترة تم تعيينه وزيرا لنفس الوزارة التي كان فيها وبعد ثلاثة اشهر تم تعيينه سفيرا مرة اخرى وحسب علمي الاكيد ان حصته من السيارات خلال تعيينه وزيرا لمرتين يزيد عن ست سيارات تم شراؤها من حساب الوزارة ومنها سيارات باهضة الثمن ولم يقوم بتسليم اي سيارة من السيارات التي تم شراؤها له من الوزارة، هذا نموذج واحد من الوزراء وهناك الكثير، اما مايخص مدراء عموم الوحدات العامة وحسب علمي الاكيد ايضا ان مدير عام احدى الوحدات الهامة تم تعيينه مديرا عاما لهذه الوحدة وكان يعمل في احد الاجهزة وكيلا وتم شراء سيارة له اخر موديل من الجهاز الذي كان يعمل به وكيل وتم شراء سيارتين له من الوحدة التي تعين بها اضافة الى السيارة الخاصة بالوظيفة السابقة وتم تعيينه مؤخرا في منصب كبير واخذ معه الثلاث السيارات وانه سيصرف له سيارات تتعلق بالتعيين الجديد وهكذا، بصراحة شراء السيارات في اليمن يعاني من سيولة شديدة ولا وجود لاي ضوابط تنظم هذه العملية والمطلوب هو قرار بإعادة السيارات التي صرفت بالازدواج .
اجراءات التصحيح يجب ان تطال سجل الضمان الاجتماعي وشهداء الثورة وغيرها لان هذه السجلات يوجد بها الاف الاسماء الوهمية وانا اعرف ان الرئيس السابق كان يعتمد للمسئولين والشخصيات الكبيرة والمشائخ كشوفات من الاسماء الوهمية كشهداء وهي عبارة عن دعم وتشجيع لهم ( شراء ولاءات) اضافة الى مايسمى بالاعتمادات العينية التي تصرف من مخازن تموين القوات المسلحة والامن، وهناك ايضا الكادر الحقيقي المحسوب على القوات المسلحة والامن الذي يعمل بالانتداب لدى المسئولين للعمل في المزارع والعمارات والمرافق التجارية الخاصة بالمسئولين وهذا العدد كبير جدا.
وقف الاعفاءات الجمركية والضريبية لاي جهة او شخص مهما كانت الظروف، تحصيل الضرائب المتأخرة لدى المؤسسات العامة والقطاع الخاص وعدم التنازل ان تحصيلها وعدم العمل بالموضة الجديدة للتهرب من دفع الضرائب من خلال تصفية الشركة او المؤسسة واعلان افلاسها وتقديم الوثائق لمصلحة الضرائب للحصول على الاعفاء وبعد استلام الاعفاء يتم انشاء شركة او مؤسسة بإسم آخر. فهذا احتيال واضح يجب ان يحاسب كل من يتورط في عمليات مثل هذه.
سحب الاراضي التي تم صرفها للنافذين ورجال الاعمال والمسئولين التي لازالت بيضاء ولم يتم استغلالها، محاسبة مسئولي الاوقاف واراضي الدولة الذين تساهلوا وتستروا على نهب الاراضي واعادة تلك الاراضي وبيعها بالمزاد العلني، خصم نسبة لاتقل عن 30% من التكاليف التشغيلية والنثريات للجهات الكبيرة واعتماد الشفافية لمعرفة المصروفات ومراجعتها ، الحد من السفريات الخارجية والتدريب وغيره، تقليص التمثيل الدبلوماسي والقنصلي وتقليص الكادر البشري في القنصليات والسفارات في الخارج، كل مايتعلق بالاصلاحات المالية التي وردت في ادبيات الجهات المعنية بالاصلاح المالي والاداري.
تجاهل عدم رفع المرتبات للعاملين بالقطاع العام ستكون هي المشكلة الماثلة امام الحكومة لان الزيادة في اسعار المشتقات النفطية ستؤثر حتما على كل السلع والخدمات وقد بدأت الاسعار عمليا ترتفع وهذا شيء طبيعي فعلى الاخ الرئيس مراجعة هذا الموضوع بجدية .
اما فيما يتعلق بتوظيف الزيادة السعرية من قبل السلطة واستغلال الغضب الشعبي لاصدار قرارات معينة تلبية لشروط بعض القوى فهده المقايضة ستكون خاسرة وانها ستوقع الرئيس في ورطة وستهز من ثقته ومكانته ومصداقيته ويمكن اتخاذ القرارات التي يرغب اصدارها قبل عملية تحرير اسعار المشتقات النفطية، لان اي قرار يصدر كرد فعل للغضب الشعبي فإنه سيولد غضبا اخر وعقبة اخرى، وهناك من يزينون للرئيس استبعاد قوى التغيير من المعادلة السياسية فهؤلاء هم غير امناء على نصيحتهم للرئيس وانها توريطة له.
الوضع حساس جدا والغضب الشعبي غضب حقيقي والمعالجات الجادة والملموسة هي من ستقنع المواطن بالقبول بالتغييرات التي طرأت على الاسعار وبدون الخطوات الجادة لايمكن الاعتماد او المراهنة على الهرج والمزايدة وتبني الاشاعة وتضخيم الامور من جانب والتقليل من المخاطر من جوانب اخرى ..