كنت قد زهدت عن الكتابة حول أولاد الشغالات لعدم فهم البعض أن استخدامي هذا المصطلح ليس مبنياً على طبقية أو احتقار وإنما على تعبير ساخر للوضع الثقافي والاجتماعي برمته. وما أعادني للكتابة حوله هو أنني وجدت في الأمس مشائخ ونواب وأعضاء لجنة حوار يحملون بنادق وسيارات حكم لآل دويد من آل الأحمر في الرماية التي حصلت بينهم ولم يصب أو يقتل أحد لا من آل دويد ولا من آل الأحمر وقبلها كانت قناة سهيل تعرض أحد عشر ثوراً تنس ا ق إلى بيت آل الأحمر حسب ما يسموه بالأسلاف القبلية.
وقبل ثلاثة أيام فوجئنا بالتلفزيون يذيع بيان للجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام يدين فيه حادثة الاعتداء على منزل محافظ محافظة صنعاء وأنا كنت في هذا الاجتماع ولا أذكر أننا ناقشنا ذلك البيان وصباح اليوم الثاني قر ت بيان آخر للتجمع اليمني للإصلاح يدين وبشدة ما أسماه محاولة إستهتداف لحميد الأحمر ومرافقيه, وللأسف الشديد وهذا تعبير قليل عن هذه الثقافة (الخاطئة) فلا البرلمانيون والمشائخ القبليون ولا المؤتمر الشعبي العام وتلفزيونه ولا التجمع اليمني للإصلاح وخطبائه ولا آل دويد ولا آل الأحمر بغض النظر من المعتدي منهم ذكروا أن الضحية هم اثنين قتلى من أبناء وصاب العزيزة واثنين جرحى آخرين نتيجة تلك المغامرات الطائشة بين بعض رجالات حاشد وبكيل فلا وسطاء عرفوا أين كان يجب أن يذهبوا بالبنادق والسيارات والأثوار ولا دولة عرفت من هم المجني عليهم وأخذت الجناة وأحالتهم إلى القضاء لإنصاف المظلومين والأخذ بحق دم الأبرياء أحدهم كان عامل بسيط يجمع المعلبات الفارغة براتب خمسة عشر آلف ريال شهرياً والآخر طالب في الثانوية جاء ليحل محل أخوه الذي يعمل في بوفية لمدة أسبوع ليتمكن أخوه من الذهاب إلى القرية لزيارة والدته واثنين جرحى آخرين.
أهذه هي ال حياة التي حلمنا بها وسعينا من أجلها أهذه هي أخلاق المجتمع الذي عرفناه وعشنا معه أهذه هي الأحزاب المدنية المبشرة بعهد الحريات والحقوق والحياة الحضارية لا بارك الله لهم جميعاً ولا بارك لكل من سكت وهو قادر على الفعل أو القول.
على هذه الجريمة البشعة التي أزهقت فيها أرواح مساكين أبرياء والأبشع هو سكوت جميع الأطراف دولة وأحزاب ومجتمع وانصرافهم نحو آل دويد وآل الأحمر والذين لا يحتاجون وقفة الأحزاب معهم.
أولاد الشغالات يريدون دولة تحميهم ان قدرت وتأخذ حقهم ان عجزت عن حمايتهم وأنا لست ناطق باسمهم هنا. أولاد الشغالات يريدون أحزاب تلتفت للمساكين والبسطاء وليس إلى الأغنياء وأهل النفوذ ولا يريدون أحزاب سلبتها القبيلة والمال روحها. أولاد الشغالات يريدون مجتمع يهتم بأبنائهم العمال والفلاحين وليس بالأصهار والأقارب وشيوخ القبائل.. أولاد الشغالات في حال غابت الدولة والأحزاب والمجتمع الحر وأصبحت الفوضى والغابة هي السائدة لا يريدون أن يقتل أو يجرح أحد ولكن إذا كان لابد من ذلك فهم يريدون إذا تقاتلت حاشد وبكيل وكان لا بد من ضحايا فعلى الضحية أن تكون من حاشد أو بكيل وليس من وصاب أو تعز أو البيضاء أو عدن أو حجة أو إب أو غيرها.. أولاد الشغالات يريدون في حالة غياب القانون والدولة أن لا تذهب الأحكام والديات والأثوار لآل الأحمر وآل دويد، بل يذهبوا بأحكامهم وأثوارهم لأهل وصاب إن لم تكن هناك دولة تأخذ الجناة الى النيابة والقضاء, وآسفاه على تلك الدولة وآسفاه على تلك الأحزاب التي دانت ما تعرض له الجلادين ولم تدين ما تعرض له الضحايا حتى ولو بالإشارة للجريمة المقيتة التي حدثت لإثنين أبرياء من أبناء اليمن من منطقة وصاب.
هل نحن في بلد حي محترم لديه دولة ومجتمع حر وصاحب قيم؟ أم نحن في غابة لا تسكنها إلا الوحوش المجردة من العواطف ومن كل معنى نبيل أو قيم جميلة.
يا أهل وصاب ويا أهل اليمن جميعاً هل تستطيعوا اليوم استعادة اليمن وأحزابها وروحها من يد القبيلة والمال، فلتفعلوا وإن كنتم غير قادرين فالأمل في الشباب الصاعد وأجياله أن تفعل ما كان عليكم فعله وسيحكم التاريخ على تقاعسكم وتخاذلكم.
ولأن كثيرين جاءوا من الريف ومن القبيلة وأنا واحد منهم ونحن نحمل صورة وردية للحياة التي سنجدها مع المجتمع المدني والأحزاب وكل معاني المدنية والحداثة ولكننا ربما وللأسف لم نرى تلك الحياة وثقافة منظماتها وأحزابها تختلف كثيراً عن تلك الحياة في قلب القبيلة والحياة البدائية بل ربما هنالك ماقد نجده إيجابي في بعض قيم الريف على هذه المدينة وأنا شخصياً كنت أعتقد أن هنالك صراع بين الحداثة والجديد مع التقليدي والقديم تقوده القوى السياسية بمنظماتها وأحزابها ولكني بدأت أرى وأتمنى أن أكون مخطئ أن هناك صراعاً ينحصر بين القديم والأقدم منه فقط.
أرجو أن تكشف أيام المستقبل الأتية أن هذا الإحساس ليس صحيحاً وأن الأعتقاد السابق لدي هو الصحيح.