حزب المؤتمر : انتكاسة التحول من الهيمنة الى ( وحيد أسرة ) !!

2014/08/26 الساعة 11:37 مساءً

المتابع لتصرفات القيادة العليا لحزب المؤتمر الشعبي العام وتحديدا رئيس الحزب علي صالح وتيار صناعة الأزمات تجاه القضايا حديث الساعة والمرحلة نجدهم يعانون من التخبط والارتباك ، واصبحت مواقف الحزب متقلبة ومضطربة الى حد كبير يصل بعضها الى درجة الانتهازية.

المعروف والثابت ان حزب المؤتمر الشعبي العام واحد من الاحزاب " الملكية " في المنطقة العربية، والملكية هنا ليس لها علاقة بأنظمة الحكم الملكية وانما تعبير عن ملكية الحزب من قبل شخص واحد ، هذا هو حال المؤتمر الشعبي العام وهذه حقيقته ، فهو حزب الفرد الذي تخضع كل ادبيات ووسائل وانشطة الحزب لخدمة " المالك " وان الهيكل التنظيمي والمؤسسات التابعة له شكلية في وجودها وتدور حيثما دار المالك " الزعيم " وليس لها قدرة على عقد اجتماع واحد ولو سري دون رغبة المالك .

القيادي سلطان البركاني اعترف ذات مرة على احدى الفضائيات بما معناه ان مغادرة علي صالح قيادة حزب المؤتمر ستكون نهاية الحزب ، هذا الكلام ليس افتراضيا او بعيد عن الحقيقة بل هو الحقيقة الثابتة ، فمغادرة علي صالح لقيادة الحزب تحت اي ظرف ستكون نهاية المؤتمر وتفككه في الشهر الاول لمغادرة علي صالح ، لسبب بسيط جدا وهو ان الحزب اداة من ادوات علي صالح لممارسة السياسة وتسجيل المواقف التي يحتاجها الزعيم، وبالمختصر وكما يتناول المؤتمريين داخلهم ( من تزوج امنا فهو عمنا) وتنتهي علاقة العمومة عندما ينتهي الرابط ..

المتابع لمواقف المؤتمر السياسية يجزم ان المؤتمر تم تفريغه وتفريخه لصالح كيانات اخرى يسعى المؤتمر لخدمتها على حساب مصالحه ومكانته ونفوذه ، والدليل مثلا ان المؤتمر يمتلك نصف حقائب حكومة الوفاق الوطني ويسيطر على اغلبية المناصب في المركز ويسيطر على اكثر من 90% من قيادة السلطات المحلية " المحافظين " والسفارات والقنصليات اليمنية في الخارج ويسيطر على ادارة المؤسسات والهيئات والشركات واللجان الحكومية ويسيطر على البرلمان والشورى والسلطة القضائية اضافة الى سيطرته على مؤسسات الجيش والامن والاستخبارات اضافة الى سيطرته على نسبة كبيرة من منظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية ، واجمالا المؤتمر يسيطر على اغلبية الدولة ومع هذا نجده يطالب بإسقاط الحكومة ويمارس العرقلة ضدها ويسعى لهدمها وتفكيكها ، وهذه الممارسات ليست سياسة خاصة به وانما يقوم بها على سبيل " التبرع " لخدمة طرف سياسي مسلح هي جماعة الحوثي.

طبيعي جدا مطالبة جماعة الحوثي اسقاط الحكومة وحتى النظام لان هذه المطالبة تعتمد على مبرر عدم وجود اي تمثيل للجماعة بشكل رسمي في الحكومة والمؤسسات والهيئات الحكومية ، فهذه المطالبات من قبل جماعة الحوثي مشروعة نظريا، والجديد في ممارسة العمل الحزبي والمشاركة هو المثابرة والزهد المفرط من قبل قيادة المؤتمر الذي يسعى جاهدا لاسقاط الحكومة والنظام عن طريق جر وخفض حصة المؤتمر ورفع وضم هذه الحصة لجماعة الحوثي.

حين تلتقي اي مسئول مؤتمري في السلطة التنفيذية وتطرح عليه مطالبة قيادة المؤتمر بإسقاط الحكومة فيكون رده سريع ورافض لهذه السياسة وبعضهم ينكر وبوضوح هذه السياسة ويعترف بوجود قيادات تعمل لتدمير المؤتمر لانه غير مقبول قيام ان تمارس قيادة المؤتمر سياسة تصغير الحزب ، وان الخطاب السياسي والاعلامي لقيادة المؤتمر لايخدم الحزب في اي محطة من المحطات خلال الثلاث السنوات الماضية.

التخبط والارتباك والانفصام الذي بدى واضحا خلال الشهر الماضي وتحديدا بعد سقوط عمران وتسليمها من قبل المؤتمر لجماعة الحوثي اثبت مدى غياب السيطرة والتحكم على اداء الحزب وخطابه الاعلامي ومواقفه السياسية ومدى التخبط والارتباك والتناقض بشكل غير مسبوق ، ولاول مرة يحدد المؤتمر موقفه من قضية حصار صنعاء من قبل المجاميع المسلحة لجماعة الحوثي ويعلن رفضه لها ويدعو للاصطفاف الوطني والشعبي مع الرئيس والقوى الرافضه لهذا الحصار ورغم ان هذا الموقف صدر رسميا بواسطة بيان من القيادة العليا للحزب وهذا يعني التزام كل قياداته ووسائله الاعلامية بهذا الموقف الا ان خطابه الاعلامي لم يتوافق مع ذلك الموقف وشاهدنا قيادات كبيرة ومقربة من صاحب المؤتمر تسجل موقف مغاير ومتناقض لموقف المؤتمر الرسمي ، والصدمة جاءت بعد ساعات من خلال بيان اخر يحدد موقف المؤتمر ويضع نفسه على الحياد وكأن السلطة التي تطالب جماعة الحوثي بإسقاطها ليست سلطة المؤتمر .

الواقع ان علي صالح وعدد محدد لا يتجاوز اصابع اليد من القيادات العليا لحزب المؤتمر قاموا بتأجير الحزب وتوظيف مكانته السياسية والمهنية لصالح جماعة الحوثي ، وما يثبت صحة هذا هو رفض هذه السياسات من قبل القيادات الموجودة في مؤسسات الدولة التي تعرف معنى اسقاط الحكومة جيدا والنتيجة هو اسقاط المؤتمر من قيادة المؤسسات العامة من مختلف المناصب والوظائف ويترتب على هذا خروج المؤتمر من دائرة الاستحواذ على مفاصل السلطة ، هذه النتيجة نجدها تحقق رغبة لدى شركاء المؤتمر السياسيين لكنها لم ترتقي الى درجة الاصرار التي يمارسها المؤتمر على نفسه.

مواقف وسياسات حزب المؤتمر الخادمة لجماعة الحوثي لا ينكرها اي قيادي في المؤتمر ولم تعد علاقة التزاوج بين قيادة المؤتمر وجماعة الحوثي قابلة للتشكيك بسبب وجود قيادات المؤتمر بالصفوف الاولى لجماعة الحوثي سواء على ارض المعركة العسكرية او السياسية او الشعبية او الحكومية ولايمكن التفريق بين ماهو مؤتمري وماهو لجماعة الحوثي لشدة التزاوج بين الطرفين، ولايوجد اي فارق بين كلام عبده الجندي وعلي البخيتي وبين قناة اليمن اليوم والمسيرة وبين الاولى والشارع والهوية والمنتصف، وعلى هذا يتم قياس بقية المواقف والوسائط .

الفارق الوحيد الذي يمكن استنتاجه هو مقياس الخسارة والمكسب من خلال حسابات مجردة سنجد ان المكاسب تحققت لصالح جماعة الحوثي وعلى مختلف المجالات السياسية والشعبية والمالية والعسكرية والجغرافية واصبحت هي ( الوارث) لوحيد الأسرة!! حزب المؤتمر واصبحت جماعة الحوثي تعتبر ان كل مايتعلق بالمؤتمر من مكاسب ومواقع هي ملك لها واصبحت تراهن على حصة حزب المؤتمر داخل البرلمان والجهاز الاداري للدولة وتعتمد على وجود المؤتمر داخل المؤسسة العسكرية والامنية والاستخبارية والدبلوماسية والسلطة المحلية والقضائية.

هذه الملكية لن تستمر لحزب المؤتمر في حال اسقاط الحكومة او السيطرة على العاصمة والسلطة المركزية وسيغادر المؤتمر المواقع القيادية كما غادرها من قبل في صعده وعمران والمديريات الاخرى في حجة والجوف .

هستيريا الانتقام التي تسيطر على مالك المؤتمر وصاحب الامتياز علي صالح دفعته لتضييع حزب كبير يعتبر ثاني اكبر الاحزاب العربية ونقل ملكيته بالبيع " صوريا " دون قبض اي ثمن يذكر ، ولن يجني علي صالح اي ارباح ولا فوائد سياسية او مادية او معنوية وان هذا البيع يفسر عند المالك " المستفيد " الجديد بأنها خيانة ويرفضون وجود خائن في صفوفهم ولت يستبعد ان يكون رأس علي صالح هو الرقم ( 1) المطلوب التخلص منه وقد يكون النفق كان احد الوسائل لتحقيق ذلك.

تخبط علي صالح وممارسته للانتهازية ناتجة عن فقدانه السيطرة والتحكم فعليا او انه اصبح مجبر لتنفيذ تعليمات جديدة من المستفيد الجديد الذي ترعرع وتمدد وتضخم على أكتاف علي صالح وحزبه وتحول بفضل سياسة التخريف الى قوة تعدت المؤتمر ومالكه الاصلي ، تراجع مواقف علي صالح وحزبه تدل على املاءات يتم فرضها من خارج ارادة علي صالح ومحيطه الانتهازي.

على باقي المؤتمر الاستعداد لتلقي الضربات الموجعة والمؤلمة قريبا التي سيسجلها الحوثيين في مرمى شباكه المتهالكة بعد تفريغ المؤتمر من قوته البشرية وضمها لجماعة الحوثي ، وعلى صقور المؤتمر ان يهيئوا أجنحتهم للقص وقد يكون نتف ريشهم سباقا لذلك ، لا غرابة بالتوقع لحدوث هذه النتائج ومعها سيكون الندم عليه خسارة ..