في الأيام الأولى من بدايات الوحدة المتسارعة بين عدن وصنعاء، تمَّ استزراع نمط من التعليم السلفي الجهادي في صعدة، وكان أحد طرفي التحالف القبلي العسكري والمالي يشجّع ذلك الاستزراع الذي جاء خارج التاريخ والجغرافيا، وعندما استشعر رأس السلطة مغبّة السير على درب دعم السلفيين لمجرد أنهم يقضّون مضاجع بعض فُرقاء اللعبة السياسية القائمة على التعددية والانتخابات ويتهمون أنصار الإسلام السياسي القابل باللعبة السياسية؛ عند تلك اللحظة استشعر رأس النظام ومستشاروه الميامين أن حراك السلفيين الجهاديين يخرج عن نطاق السيطرة، وهكذا تمَّ تقديم دعم موازٍ لجماعة “الشباب المؤمن” وهي النواة الأُولى لما سُمّي بعد ذلك بـ«الحوثية» نسبة إلى منطقة حوث في صعدة.
كان رد فعل الحوثيين تجاه السلفية الجهادية أمراً طبيعياً تماماً لاعتبار أن صعدة التاريخية كانت ومازالت تمثّل كرسي فقه الكلام الزيدي التاريخي الوسطي، لكن الأمر المقلق تمثَّل في أن الوجه الحوثي المقابل للسلفيين وقع في ذات المصيدة الخطيرة للتعصُّب.
وكلا الطرفين «الحوثيين والسلفيين» ظهرا بوصفهما مجافيين للتاريخ والجغرافيا اليمانية، فالمعروف عن السُنّة اليمنية أنها سُنّة أشعرية وسطية تأخذ بفقه الإمام الشافعي، والمعروف عن الزيدية اليمانية أنها تأخذ بفقه الاعتزال الحكيم ولا تختلف في الأصول مع السُنّة الأشعرية الشافعية، لكن سلفيي صعدة بزعامة الراحل مقبل الوادعي، وحوثيي صعدة بقيادة الراحل حسين بدر الدين الحوثي؛ كانا أبعد ما يكونان عن الشافعية والزيدية معاً..!!.
ومن هنا نستطيع ملاحظة التهافت الكبير في تجيير الصراع القائم بينهما على الخصوصية اليمنية التاريخية.
[email protected]