من العباطة أن ترفض جماعة الحوثي المبادرة الرئاسية ، التي أجمعت عليها جميع القوى السياسية ، باستثناء «السيد» طبعا.
ومن الغرور أن تظلّ “ الجماعة” في حشد الوهم وتحريض المنطق السليم ، وقطع الطُّرقات وتكريس القطيعة مع الواقع والمصلحة العامة وحقيقة الأشياء .ومتطلبات المرحلة.
لقد حققت المبادرة ،تقريباً، أهم المطالب التي نادى بها الناس، وربّما من قبل أن يطالب بها الحوثيون أنفسهم، أو قل كانت المطالبات متزامنة لعدد من القوى السياسية والناشطين والمثقفين وغيرهم. بعيداً عن المصادرة.
صدقوني إن الحوثيين سيخسرون الكثير وستتآكل شعبيتهم جراء هذا التعنت الذي يصل درجة المغامرة ، لأن الناس غير مستعدين للدخول في سباق جديد في أنفاق وسراديب الصراع والتخريب والفوضى، وتحويل البلد لساحات صراع عدمي وعبثي لا طائل منه، عدا إن هذا الطرف، أو ذاك يريد أن يشبع غريزة معينة ، أو تحقيق مشروع ما في الذّهنية المتوقفة عن العمل ، مستغلاً في سبيل ذلك لحظة معينة وغفلة من الزمن ، يرى أنها قد لا تتكرر، وبالتالي يضرب ضربته ، ويتكّل على الله.
المسألة يا جماعة ليست بالشكل الذي قد يستبسطه البعض أو على أنها مجرد نزهة للصيد والعودة بدرزن أرنب برّي وتسوير مساحات وضياع جديدة وتكليف مجموعة من العُكفة لحراستها وتثبيت صور القائد ، أو شعار كرامة الأمة على أسوارها وحجارها.
والمسألة ليست ،كما يعتقد بعض المُشعّبين ، بأن سُحب السماء وغمامها تُظللهم والملائكة تحميهم وتبارك خطواتهم والأمور في طريقها لمحو الشقاء عن الطائفة أو السلالة أو العرق و الطريق سالك لبلوغ المجد و«كلفتة الجميع».
ـ المسألة يا جماعة هي أن هناك منطقاً وهناك توافقاً وهناك إجماعاً محلياً وإقليمياً ودولياً على المبادرة وعلى التوافق والشراكة ، ولم تكن ولن تكون من قَبيل«من لفي، لفي له» مثلما كانت جدتي - رحمة الله عليها - ترمي لنا “ بالأفلاس” والمليم في الهواء ، وتقول لنا :«من لفي، لفي له».
فصنعاء ليست “ حوث” أو إنها منطقة صيد مُفلّته تنتظر الفاتحين من فصيل معين من أصحاب الحق في الاستخلاف ، واليمن ليست طيفاً سياسياً واجتماعياً وثقافياً واحداً .. إنما أطياف متعددة وتنوع كبير في كل شيء ، ومثلما إن هناك طموحا للحوثي ، فهناك جبال تفوق الهملايا وهضبة إيفرست من الطموووووح.. والمطااااااااامع للإصلاح والمؤتمر والناصري وللاشتراكي والحراك والبعث.
وحتّى لي أنا الفقير إلى الله تعالى لي طموح ورغبة كبيرين في قيادة أي مسيرة ، لا يهم الاسم ، بقدر ما تكون مسيرة وطنية ،ربانية ،ثورية ، أرضية ، سماوية ..أو،، أو،،أو،،الخ .. المهم هو ان يحتشد تحت رايتها في باب اليمن أو الصالة الكبرى بضعة مئات من الشباب ، ويفضّل العاطلين عن العمل ، ويهتفون باسمي وتمجيدي وبالدّم بالروح إحنا فداء لقلبك، ومستعدون لغزو النجوم وتوحيد الكون تحت رايتك وهكذا .. لكن الواقع والمنطق يقولان عكس هذا تماماً فالطموح شيء والواقع شيء آخر .والمنطق يقول إن جماعة الحوثي مكون مثله مثل أي مكون آخر، والإصلاح مكوّن مثله مثل أي مكون آخر، والمؤتمر كذلك والناصري كذلك ، وأنا وأنتم مواطنون يمنيون مثل أي مواطنين ، نحلم ونصحوا ونحتكم كلنا للممكن وللتّوافق والشراكة ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومعطيات الواقع وحقيقة التحولات نستلف آخر كل شهر إيجار البيت وندعو للرئيس هادي بالتوفيق في إخراج البلد من هذه الأزمات.
اعقلوا يا جماعة واعلموا إن البلد تتسع للجميع وإن الدين لله ، بعيداً عن أي شطحات وطموح يفوق قدرة صدورنا على تحمله. الحوثيون أصدقائي أكثر من الإصلاحيين والحوثيون بالنسبة لي أكثر مرونة من الإصلاحيين والحوثيون أسهل لي في الحوار والنقاش من الإصلاحيين . وابتسامة علي البخيتي ومحمد البخيتي ومحمد عبدالسلام ومحمد المنصور ويحيى شرف الدين وضيف الله الشامي أسرع وصولاً إلى قلبي من ابتسامة اليدومي وحميد وعلي الجرادي ويحيى الأحمدي وغيرهم. لكن علينا أن نقول الحقيقة ونطرح رأينا ،ونصيحتنا بشفافية ونقول للإخوة الحوثيين: اعقلوا وعطفوا خيامكم والقوا على من تبقى من أنصاركم خطبة الوادع.
واشكروا لهم عظيم مسعاهم ، وطمئنوهم بأن الأجر قد ثبت والسماء راضية عنهم وآل بيت المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .قد دعوا لهم في كل مكان ومسحوا على خيامهم مسحة البركة ..وبجاه الله عليكم خلوا لنا حالنا ، نعيش ، بدون المزيد من الجنون والتهور والدماء والدموع والوحشية.