لا يختلف عاقلان منصفان في الإعتراف بإنجازات الرئيس عبدربه منصور هادي، وقيادته الحكيمة وتعاطيه المدهش مع الملفات الشائكة والمعقدة،سواء الطارئة والمفتعلة، أو التي خلّفتها تركة ثقيلة لعقود من الفساد والفوضى والمتاجرة بالدّين والإنسان،وخلق بؤرالصراعات الممنهجة التي مارستها أطراف عدة ظلت ممسكة وبشبق ،بزمام الإموار ومتحكمة بمصير البلاد ورِقاب العباد ومصادرالثروات والحفاظ على ديمومة مصالحها غير المشروعة.
بكُلّ تجرُّدٍ وشفافية نستطيعُ القول:إن السياسة المتوازنة والذكية للرئيس هادي قد جنّبت البلادأسوأ المآلات والاحتمالات المرعبة كالحروب الأهلية الشاملة والاقتتال الطائفي المباشر وتهتُّك النسيج الاجتماعي وتصدُّع كيانيّ الدُّولة والوحدة.
وعل الرّغم من معرفته المسبّقة بصعوبة المهمّة وعِظم المسؤلية الملقاة على عاتقه، وإدراكه لحجم التحدّيات التي تنتظره، إلا أنه قرّر المضي ، في قلب الصّعب ولم يتردّد،أو يتهرّب أو يعلن الانسحاب من معركته التاريخية ويترك الوطن كي يغرق في ِدماء أبنائه وأطلال أحلامهم ، و لعلّ هذا نابع من: صِفاتُ الرّجولة ،ويقين الأوفياء وقيم القادة وأخلاق الفرسان الحقيقيين .
لهذا لانستغرب اليوم حينما نجدُ منه كُلّ هذه الإرادة والتصميم في إيجاد حلول لأعقد المشاكل بحس وصبروقدرة تحمُّل لاحدود لها ،فلم نجده يوما متململا أو محبطا وهو يواجه كُلّ هذا الكمّ من الموانع المصطنعة والتحديات المفتعلة والمؤامرات المُنسّقة والمكائد الخبيثة ، وهو شبه وحيد ،إلا من دعاء ومحبّة شعبه الذي ينظر إليه كأمل وحيد ،بعد الله ، ينقذه من مخالب الفاسدين والمسكونين بغرائز الطّمع والجشع الكفيلة بتسميم العالم كُلّه.
وفي الوقت الذي كان ، ومايزال ، الرئيس هادي يُسابق الزّمن ويغلق الملفّات واحدا تلو الآخر ويدحر عناصر الشرّ والإرهاب من أبين وشبوة وحضرموت والبيضاء وغيرها ويرمّم جسد الوحدة الوطنية ويعيد للجنوب الثقة بها ويردّ لهم الاعتبار، ويحمي الدولة ومؤسّساتها من السقوط، كانت ، وما تزال ،معظم الأطراف والقوى الفاعلة تنهش في الوطن وتحاول افشال مساعيه وجهوده الجبّارة في انقاذ هذا المركب من الغرق، فالإصلاح - على سبيل المثال - لم يكن يوما عاملا مساعدا لانجاح جهود الرئيس المخلصة،لتلافي الإنزلاق في الفوضى، ولم يكن منذو العام2011وحتى اليوم يهمه أكثر من الاستحواذ على الوظيفة ومراكز القرار وتوسعة دوائر النفوذ وتصفية الحسابات إلى جانب إن جناح حميد الأحمرظلّ يًصعّد من لغة الخطاب المتشنّج، مستأثرا بالشرعية الثورية،ومُحتكرا لها،وتسخيرها ومعها العديد من الإمكانيات الهائلة لكهربة الحياة السياسية ، وفي المقابل ، هناك من عمل على " تشريت " علاقة الرئيس بحزبه المؤتمر الشعبي العام ،الذي وجد ، هذا الأخير نفسه في أكثر من مناسبة وموقف وظرف في وادي وبعض كوادر وقيادات وأنصارحزبه في وادي آخر،وبدلاً من أن يكونوا عاملا مساعدا له وعامل قوة لانجاح مهامه الوطنية
واستحقاقات المرحلة، فقد كانوا - كما يعتقد معظم المراقبين - عامل ضُعف ، اثّر كثيراً على الجهود وأخّر كثيراً من الانجازات، وربّما إن الكثيرمن قرارات التعيينات التي جاءت في مرحلة ما ، لصالح طرف سياسي استأثر بكثير من المناصب ومراكز صناعة القرار، قد ساعدت في حدوث هذه الحالة واستمرارها ،خصوصا وإن هناك من اجاد اللعب على تأزيم العلاقة بين الأمين العام ،وحزبه،رامياً عصفورين بحجر، فمن جهة إنّه اضرّ بدوروتماسك هذا الحزب الكبيروالرائد ، واضرّ بمؤسسة الرئاسة وما تقوم به من أعمال لانجاح التسوية وتوجهها الجاد في استبعاد خيار الفشل من جهة ثانية.
ولم تتوقّف عمليات توالد التحديات التي واجهت وتواجه الرئيس هادي ، ولعل آخرها التصعيد غير المتوقّع والهمجية غير المسؤلة التي تقوم بها جماعة الحوثي، التي استغلت مسألة فساد الحكومة ورفع الدعم عن المشتقات النفطية لتمريرأجندة غر معلنة ،أوشكت ،أو توشك أن تُدخل البلد في دوّامة صراع طائفي وحروب أهلية، لكنّها اصطدمت مرّة ثانية وعاشرة بحكمة ودهاء الرئيس ونفَسهُ الوطني وسِعة صدره ، ومقدرته العالية ، على ضبط النفس وفتح قنوات للحوارحقناً للدماء وحفاظاًعلى المكتسبات وفي مقدمتها الوحدة الوطنية والتسوية .
لقد أستطاع الرئيس عبدربه منصور هادي أن يعمل بتميّز وتألق لافتين وسط هذه البيئة الاستثنائية من المصاعب والمصائعب، مُتخطّياً ، إلي اليوم ،جميع المآزق، التي صُنِعتْ خصّيصاً له، من طرف المعرقلين والمتآمرين والنافذين وشبكات " الفود " والمصالح ،التي تأبى أن تُسلّم بحقيقة التحولات .لتستميت في محاولةمنها لتصدُّر المشهد من جديد، ولا يهمها ذلك في أن يكون على حساب النّظام الجمهوري والمبادرة الخليجية والثوابت الوطنية والوحدة وإرادة الناس.
أعود وأقول : يكفي هذا الرجل شرفا وفخرا تعامله الناجح والقياسي مع ملف القضية الجنوبية التي كانت قاب قوسين ، أو أدنى من الخروج عن السيطرة والابتعاد عن الحل .
واليوم هاهو يؤكد لكل مُشكّك إنه رجل المواقف الصعبة والقرارت الجرئية بإنحيازه للغلابى وتقديمه تنازلا صعبا ، لا يقوم به إلا إنسان مسؤل وحريص على بلاده، وقد تجلّى ذلك من خلال قبوله بتخفيض سعر المشتقات النفطية ، بكل ما يعنيه من صعوبة،غير أنه أتخذه من أجل الفقراء والمساكين وتجنيب البلد الدمار والدماء، إلى جانب استجابته للمطالب الشعبية بتغيرالحكومة بحكومة كفاءات ونزاهة .
وغير ذلك الكثير من المواقف التي قام بها منذو أن تحمّل بشجاعة قيادة الوطن في وقت من أشد وأكثر الأوقات صعوبة ومرارة وضبابية .
عبارة أخيرة . لو لم يعمل الرئيس هادي شيئا لأكتفينا بتعامله المتوازن والكبير مع استفزازات الحوثيين وتصعيدهم للوضع وتماديهم اللاعقلاني الذي من شانه أن يؤدّي لافشال التسوية وفتح بوابات الجحيم الكبرى للبلد و للحروب الطائفية والأهلية التي يستحيل بعد ذلك اغلاقها بخطاب أو خطابين من خطابات عبدالملك الحوثي ، التي تُصرُّ على فتحها