بعد أن خلق اللهُ تعالى الماء والعرش خلق القلم الأعلى ثُمّ اللّوح المحفُوظ ثُمّ السموات والأرض والملائكة والجن والبهائم وآدم وحواء.
قال تعالى ((وهو الذي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ))
خلق الله آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك. والخبيث والطيب والسهل والحزن وبين ذلك فبل التراب حتى عاد طينا لازبا، واللازب هو الذي يلزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة :
(( قال تعالى ((إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ،فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِين
هذا الجزء من القرآن هو مثال نموذجي بما كان ومازال المسلمون يعتقدونه قبل ظهور العلم والعلماء اللذين أتوا بتفسيرات منطقية وأجوبة علمية لأغلب الأسئلة التي شغلت العقل البشري منذ آلاف السنين الى يومنا هذا .
من الممكن طبعا هنا أن اعرّف أن النظرة الدينية بالنسبة لبداية الخلق أو الكون والتي تدّعي أنها خلقت وتكونت عن طريق قوى غير مرئية خارقة وبأنها لاتتفق مع النظرة العلمية القائمة على أسس مدروسة وبحثية ومنطقية والتي لاتؤمن بالخوارق وإنما بالماديات فقط.
ولكن في كل اشكالها التقليدية النظرة الدينية الخارقة للطبيعة تضع هناك فرضية ( مسّلم بها) أن الكون وسكان هذا الكون خلقوا بواسطة قوى خارقة أو من قبل كائنات تجاوزت العالم المادي وأن هذا العالم المادي هو انعكاس لخطة غامضة مصدرها هذه القوى والكائنات الخارقة وهي خطة يمكن معرفتها من قبل قلة قليلة من البشر توحى اليهم بشكل خارق كذلك ودائما لديهم إجابة لكل شي مهما يكن غموض وصعوبة السؤال.
وإذا حاولت انتقاد أو معرفه أيّ جزء من هذه الخطة أو المساس بها فأنك تعتبر من الخارجين عن الإخلاق والآداب العامة وخارج من الملة حيث لايجوز نقد الأديان وقد يهدر دمك لذلك. ولكن هذه العقليات كانت موجودة في مامضى في العالم الأول في القرون الماضية وقد تخطوا هذه الأفكار الهدامة وغير البنائة خصوصا من قبل الديانة المسيحية والتي كانت تحاصر فكرهم وتقوم بتعذيبهم وحرقهم ويطلقون عليهم المهرطقين .
ولكن مازالت هذه العقلية في نقد الأديان والسؤال عن الدين أو الذات الإلهية محرمة في دول العالم الثالث او الدول التي تملؤها الفقر والجوع والتخلف والمرض كدول أفريقيا وبعض دول العالم العربي.
العلم من الناحية الأخرى ينكر أن هناك قوى خفية خارقة أو غير ماديه وأن أي قوى موجودة في محيط الكون هي ناتج من فعل عشوائي وتكونت بشكل عشوائي تحكمها قوانين طبيعية وكان نتاج هذا الفكر هو ظهور العلوم التي عشنا وتعايشنا في ظلها سنين طويلة وهي علوم الفيزياء والجيولوجيا والأحياء والكيمياء الخ...
طبيعة هذه القوى الخارقة وكل المعارف العلمية لن تكون واضحة إلاّ من خلال جهد الإنسان والبحث والتدقيق والقراءة والتجربة .
والكون يفتح المجال للإنسان أن يسأل الكثير من الأسئلة التي تدور بخاطره وأن يجد اجابات علمية لها من خلال القراءة والبحث ودراسة العلوم الخ...
فهده هموم الإنسان من قديم الأزل لمعرفة أسرار هذا الكون .
وبشكل آخر من البديهي أن الكون لن يأتي الينا ويرد على جميع أسئلتنا بكل سهولة يجب أن نذهب اليه نحن ونعمل بجهد اكبر لنعرف كل الإجابات التي تدور بخواطرنا.
العلم والدّين كأنهما في معركة وبدأت هذه المعركة منذ بداية عصر العلم والعلماء إلى يومنا هذا الحرب مستمرة كلاً منهم يحاول أن ينتصر في هذه المعركة بكل ما اؤتي من قوة وكلاُ منهم يدافع عن مبادئه ويؤمن بها ومستعد للموت من أجل ايصال الحقيقة التي يؤمن بها كلٌ بطريقته أكان بالخدع الدينية أو الخدع العلمية .
منذ ذلك الحين لقد أجاب العلم عن أغلب مايخطر ببال البشر من أسئلة وتفسيرات عن هذا الكون فبتالي لقد غير الإنسان مبدئه بالاستسلام الى العلم وبدأ الإنسان بالتفكير بشكل آخر وأن يتجه الى عدة اتجاهات تزيد من سعة فكره وبدأت عصر الفلسفة الدينية والنقد الديني مع وجود كثرة بوطننا العربي مازالوا متمسكين بالأفكار القديمة أفكار عدم السؤال عن المجهول رافضين أي جدال من هذا النوع .
لذلك بدأ شعور الناس تجاه الدين يضمحل شيئا فشيئا وأصبح يشعر أنه أقل ثقة وليس آمنا كما كان بالسابق قبل ظهور العلم
ولكن مع مرور السنين أتضح للناس خصوصا الغرب والديانات الأخرى أن لا وجود للآلهة وليس هنالك من يراقبهم أو يبقى يقضا من أجل سلامتهم أو مراقبتهم. لذا فلا مناص من أن الأديان لدينا الآن سوف تتلاشى مثل الأديان التي اختفت في العصور القديمة.