الحوثيون في ورطة وعليهم تحرير أنفسهم سريعا وقبل أن يأخذهم انتصارهم العسكري إلى مهاوٍ خطرة وكارثية.. أقول مثل هذا الكلام بناء ومعطيات مجتمعية ووطنية واقعية أعدها حصيلة أيام وجيزة على مسألة الحسم العسكري المحرز للجماعة وأنصارها وأشياعها.
فكما هو مؤكد بأن الوصول إلى السلطة أسهل بكثير من حفظها والاستئثار بها، وإذا كان هذا هو حال مليشيات الحوثي حين توافرت لها عوامل عدة مكنتها من اجتياح العاصمة صنعاء ومن فرض منطقها ونفوذها؛ لكنها- ومن الآن وتاليا- ستجد ذاتها في موضع المسؤول المتلقي لكل أشكال النقد والاحتجاج والخصومة، وهذه جميعها كفيلة بخلق اصطفاف شعبي مناهض وعلى غرار ما فعله الحوثي وجماعته خلال الأشهر الماضية.
وحين نقول إن الحوثي وجماعته في ورطة فذاك أن السيد عبد الملك وجماعته وأنصاره في مأزق حقيقي وعليهم أولا كجماعة دينية وأيديولوجية وطائفية مساعدة أنفسهم، كما وعلى القوى السياسية والوطنية والدينية والحزبية مساعدة الجماعة وأتباعها كيما يتحرروا من شرك وجودهم كسلطة وقوة موازية أو قولوا فوق سلطة وقوة الدولة.
نعم فسقوط صنعاء بيد الجماعة وميلشياتها لا يعني أن الحوثية باتت قوة لا تضاهيها جماعة أو قوة؛ بل وعلى العكس فما حققته هذه الجماعة ليس إلا حصيلة بكونها الأكثر تنظيما وجاهزية لاستثمار سخط وعناء جمعي فضلا عن دعم قوى عدة اتفقت مصلحتها مع حركة الحوثي.
صنعاء ليست كل اليمن وأية محاولة لإحلال الجماعة كسلطة وقوة بديلة لسلطة الدولة ولجيشها وأمنها فهذا لا يعني غير فاتحة لكارثة عظيمة.
الحوثية ليست حزباً سياسياً كما وهي ليست حركة مدنية أو ثورية وإنما هي حركة دينية طائفية سلالية جهوية وعلى هذا الأساس تم استغلالها أو قولوا استدراجها كمعارضة سياسية ثائرة مناوئة لحكم ائتلافي لا يستقيم مطلقا مع الزمن الثوري المفترض أنه مجسد له.
نعم نجحت في إسقاط الحكومة وفي خفض الجرعة، بل ونجحت في الاستيلاء على العاصمة بما تعني من دلالة ورمزية سياسية وسيادية، ومع كل ما حققته الجماعة من نجاح على الأرض يصعب القول بأن الحوثية مؤهله لحكم البلد، فمهما قيل وسيقال عن قدراتها وإمكانياتها وقوتها ستبقى في النهاية مجرد جماعة دينية طائفية سلالية لا ترتقي لمصاف الوطن الكبير وثورته ودولته ونظامه.
لتكن الجماعة قد نجحت في حمل راية الثورة الشعبية وفي بسط سيطرتها على عاصمة البلاد؛ لكنها- ومع كل ما أحرزته- يتوجب عليها ألَّا تكون بديلاً لسلطة الدولة بحيث تسارع لتسليم مؤسسات الدولة وفي أقرب وقت.
فكلما تأخرت كان ذلك على حساب شعبيتها وثوريتها، وكلما احتفظت بنفوذ وقوة كان ثمن ذلك مكلفا وباهضا عليها وعلى اليمنيين التواقين للتغير ودونما اكتراث ما إذا كان حامله تقدميا أو رجعيا، قرشيا أو هاشميا، سلميا أو عسكريا.