تخيل انك اصم و ابكم , كل ما يدور حولك صامت , مجهول عنك ,, تخيل انك تريد ان تعرف ما يجري و تشارك في صناعته ..يبدو الامر صعباً للغاية في عالم الصم و البكم ,, فمن سيهتم بهم ؟
تساؤل , أو هي أمنية راودتني قبل اسابيع , لم اتوقع ان تتحقق في زمن شحت فيه السعادة الا من قليل ,هي بادرة لم تجيء من المعنيين بهذا الشأن بالطبع , بل جاءت من فرقة خليج عدن , التي تحدت الجميع بأن تكون اول من اعترف بحق اولائك " المقصيين" في بلدنا , في أن يكون لهم الحق بالاهتمام بهم ايضا , و ليس بجديد عليها في تخصيص يوم " مجاني " لحضور العرض ..
حظي الرائع ان احضر آخر عرض للموسم الأول لمسرحية صرف غير صحي و التي ترجمت على الهواء بلغة الصم و البكم و الى جانبي رئيس منتدى اللغة الرمز الثقافي و المتحدث في مؤتمر تيدإكس عدن الاستاذ / عرفات هاشم , و الاستاذة/ فاتن بشير – منسق المنتدى , و بحضور عشرات من ذوي الصم و البكم .. يااااه , كم كان رائعاً و مبهجاً ذلك الحضور المتحمس لمشاهدة المسرحية , يتابعون باهتمام , يضحكون و يصفقون للممثلين , كم كان راقياً ان يُحترموا كمواطنين عاديين لهم الحق في المشاركة بكل ما يحدث , فالفنان الحقيقي لا يقتصر عمله على عرض عمل يسعد الناس و ينتهي تأثيره بعد ساعات أو ايام , بل هو رسالة سامية تتكلم عن قضايا المجتمع و توصل صوت المعني الى الجميع عبره..
"صرف غير صحي " اخذ عينات من المجتمع كأنموذجاً للفساد المقنع , و ان كانت هناك عينات كثيرة لم يسلط عليها الضوء لأغراض النص المسرحي , و عينات لم يسلط عليها الضوء بشكل مباشر و لكني لمستها في عرضهم الاخير الذي اظهر ( في الخفاء ) عينات فاسدة مقنعة اهملت شريحة من المواطنين و حصرتهم في عالم لم يطبق فيه قانون حقوق الانسان , عالم مسيّج أجبر مواطنيه على تلقي قرارات ذوي السمع و البصر بإجابياته و سلبياته, لا يملكون حق الاعتراض أو حتى ابداء القبول ..
رسالة فرقة خليج عدن السامية وجهت لكل من يهمه الامر , ان في مجتمعنا مواطنون لم ينالوا حقهم في المشاركة بكل القضايا و ان غيابهم عن الساحة لهو عين الظلم نفسه .. و في بلد اهمل تلك الفئة المجتمعية و يسعى حالياً للمضي – بحسب تصرياحات من يقودوه – نحو دولة تؤسس على المواطنة المتساوية , عليه ان يعي تماماً أنه لن يتمكن من تحقيق هدفه الاساس ما لم ينخرط كل مواطنيها بتأسيسها .
شكراً لاخواني الاعزاء مع حفظ الالقاب : عمرو جمال ,فهد شريح , و لفريق العمل جميعهم , و للممثلين الرائعين جميعهم ,و اعجابي الشديد بالمبدع الذي فاجأني بتغيير جلده في شخصية "غازي" و تقمصه إياها الى درجة انستني ان من على المسرح هو الممثل الشاب عدنان الخضر