تعز لم تكن مدينة هامشية في التاريخ ولم تكن نائية عن ذهن المؤرخين ومنذ عهد الدولة الرسولية إلا وهي في صدارة اهتمام كُتاب التاريخ وقبل ذلك فقد كان الصحابي الجليل هو أول سفير للإسلام وصل إليها ليختط أول مسجدا فيها ( مسجد الجند) ولا تستغربوا إن قرأتم في التاريخ أن سُمعة وهيبة تعز عبر ملِكها الرسولي المظفر وصلت إلى الصين حينما شكا إليه مسلموا الصين من تعسف ملك الصين وعدم السماح لهم بختان أبنائهم فما كان من الملك المظفر إلا أن أرسل برسالة لملك الصين يطلب فيها منه السماح للمسلمين بختان أبنائهم وأرسل له هدية تليق بمقامه ..لقد أرسل الصينيون لصاحب تعز (ملك اليمن) حينها لأنهم يدركون أنه كان القوة الإسلامية الأبرز في المنطقة وقد مزج قوته بالحكمة اليمانية والتي جعلت تعز في عهده حاضرة العلم والثقافة وإلى اليوم وتعز تتصدر المشهد الثقافي.
تعز اليوم تُجر إلى الحرب والإحتراب وإلى الإسقاط ليس لها من ذنب إلا تلك الثقافة والتي جعلت من أهلها رموزا تتصدر مناهضة الظلم والطغيان وتدعوا إلى الحرية وقيم التسامح وسيادة دولة النظام والقانون ، ومنذ الثورة الشبابية الموؤدة وهي تُعاقب على قيامها بأداء الواجب الثوري والريادي والطلائعي ، وحينما عجز أعداؤها عن اشعال فتيل الحرب فيها إبان ثورة الشباب فهاهم يغزونها بالعصبية والطائفية وصار بعض رموزها والذين كانوا يوما من المناهضين لحكم الفرد المستبد يُباعون ويشترون بل وأضحوا كأبي رغال يدُلون الأعداء على دروب تعز ومكامن قوتها وعِفتها .. لقد أضحوا قوادين لاغتصاب عُذريتها وعِفتها المُجللة بثوب الثقافة والتحضر.
اليوم وبعد أن فشلت كل المخططات في إسقاط تعز وإيجاد أعذارا لإسقاطها فلا( كلفوت ولا محطته الكهربائية ولا دماج ولا أنصار الشريعة ولا القشيبي بل و لا الجرعة ) هناك فقد ضاق الأعداء ذرعا بها وأبوا إلا أن يجعلوها رهينة الحزن والألم والخوف والتشرد فقرروا ان يخلطوا أوراقها ويبعثروا أمنها عبر جرها إلى مربع العنف ومن باب الإغتيالات ومن العيار الثقيل وهم يحسبون اليوم أنهم باغتيال الأمين العام المساعد لاصلاح تعز الأستاذ صادق منصور ستشتعل تعز وسيلبس الإصلاح (لامتهُ وعِمتهُ ويتقلد سيفه ورمحه )ويمتطي صهوة جواده قائلا إنها الحرب فيُغِير على مضارب الحوثيين وديارهم فيقتُل رجالهم ويسبي نساءهم وذراريهم فيتداعى أنصار الفريقين وحلفاءهم فتقوم القيامة ويُطرد المحافظ وتنتهك المحارم وتستباح الديار ويعطل ما بقى من نظام وقانون و... هكذا يريد المُخرج غير انه ما علم أن الإصلاح بدأ يُمسك بزمام رشده ويعي ويتلمس خيوط اللعبة بأم عينيه وما على الحوثيون إلا أن يدركوا ذلك أيضا.
بالأمس أُغتيل شيخ المشترك وحكيم الساسة المتوكل فتم التلميح إلى الإصلاح واليوم يُغتال (صادق منصور) فأتمنى ألا يُلمح ويُشار إلى الحوثيين دعوا القول الفصل للعدل والقضاء حتى وإن كانا مُنهكين .