مازلت أتذكر تلك المآسي القادمة من صنعاء عذرا لشاعرنا الجميل البارادوني " هي ليست "مليحة وديدنها الغدر والقتل" ، ولطما استأصل بفكري ؛ أنها منبع كل شر قادم ألينا ، ولم يدر بالخلد إن أزقتها ستشهد قتلنا ، ومن خيراتنا المنهوبة بنيت صروح ومروج لها ، وصدر إلينا كل الحزن والألم ، لم يدر بالخلد أن الجلاد سيصدر حكمه العدل بالضحية ، وكان منطوق الغزوة الكبرى ، وضربت مدينتنا المسالمة من كل حدب وصوب ومزقت أشلاءنا وتناثرت في كل مكان ، وكان يوم الفتح الأعظم أن بنعالهم داسو كرامتنا ، لئيمة أنت يا صنعاء .
إن مايحيرني كثيرا هو واقعنا نحن الجنوبيين وكيفية التعامل مع قضايانا المصيرية وعن مدى احترامنا لوطننا وذلك عبر دراستنا المسبقة لعواقب ومالأت خطواتنا تجاه الشعب والسيادة والثروة والهوية ، ونعلم إن الهجرة الأولى للجنوبيين كانت كارثةٌ أفقدتنا كل شيء ليست العاطفة فحسب كان لها عظيم السبب ، وإنما عوامل متداخلة معظمها قادم من صنعاء كان النصيب الأول نجاحهم واختراق عناصرهم لرجال الثورة ومن ثم اختراقهم فيما بعد للدولة ففعلوا الأفاعيل وقدمت لهم عدن على طبق من ذهب ؛ بعد أن أثخن رجالنا بعظيم من المؤامرات .
وبهذا فقدنا الوطن لأننا سابقا لم نكن على قدر من الصحوة والتحرز بقدر صحوتهم في ضربنا ، وليس أكثر وقع على المرء من أن يستباح لان من يستباح يفقد كل شيء وهو مالكه، و اليوم أيقنت إننا نحن الجنوبيين نسير على رؤوسنا وليس على الأقدام ، فمازلنا نُقتل ونُدمر ونُشتت بأيدينا ، والمتأمل للمهاجرين اليوم يصاب بخيبة كبرى ، و سقوط عفاش في المكلا في عام 2008م مغشيا عليه وإسعافه للخارج هي بداية النهاية لطاغية حدد مصير زواله شعب الجنوب لتفتح قضية هذا الشعب مصارعهم هناك فكانت بوابة النار التي التهمت أفاعيلهم فجعلتهم سكارى وما هم بسكارى والى هذه اللحظة مازال شعب الجنوب يحمل قضيته ومستنصرا لها بعدالتها ، وتغيرت الخصوم وقواعد اللعبة ؛ الأشرار انتهوا وبرز غيرهم والمصيبة أن جنوبيين مهاجرين أضحوا في مواجهة شعبهم وقضيته ويعملون حيال تطلعاته ، و ذلك باتجاهات مختلفة فالعالم لايرى إن للجنوب قضية فحاكمها ورئيس الدولة ورجال الدولة وقائد جيشها الجرار المغوار وأحزاب وتكتلات هم جنوبيون بل إن شعب الجنوب كان حاضرا في نزع حقه من طاولة اللئام بمساعدة بل وبمنة من الإقليم والعالم اجمع ، ومازال الدهاء القادم من صنعاء يحركنا كالعبيد في قتل أنفسنا فحاكمنا ليس بحاكم ورئيس دولتنا بلا دولة وقائد الجيش المغوار بلا عسكر ... ضعاف هم في صنعاء واسود هنا في عدن وعلى صفيح المؤامرات يتماها الجنوبيين هناك فمنهم من يطلق "داعو الجنوب لي " وأخر "سنحافظ على مكتسبات الوحدة حتى أخر قطرة دم " وأخر "جئنا نمثل خيار وطموح شعب الجنوب فرفعنا علم الجنوب في صنعاء شامخا " فقهقهت طويلا ياهؤلاء ؟ ، سيصرع الجمع ويولون الدبر إن للجنوب شعب وان صنعاء مليحةٌ لأهلها .