تستمدُّ أية حكومة في العالم دعمها وقوتها من الشعب ومن ثمّ من الأحزاب السياسية والإعلام والمنظمات المدنية والشباب ، إلى جانب نزاهة وكفاءة أعضائها، ونوعية برامجها ومدى جدّيتها ومقدرتها في تنفيذها.
لا نريد ُ أن نستعيد الماضي حينما نتطرّق في هذا السياق لحكومة “ الوفاق الوطني “ التي تشكّلت بموجب المبادرة الخليجية في نوفمبر 2011 وسجّلت ، حسب الكثير من المراقبين ، أعلى نسبة فشل في تاريخ الحكومات اليمنية تقريباً منذ قيام ثورة 26سبتمبر 1962 وحتّى اليوم ، حيثُ لم تتمكّن من إضافة أي سطر إيجابي، أوتحل مشاكل الناس .
في ظنّي إنكم قد أستشفّيتم ما أريدُ أن أصل إليه هنا وهو الدعوة للإستفادة من تلك التجربة ،والتوقفُ عند أهم الأسباب التي جعلتها تظهر بتلك الصورة السلبية ، وللإنصاف ،هناك أسباب ذاتية في الحكومة نفسها وأسباب خارجية وموضوعية، وبشكل عام نعتقدُ أن أحد أهم تلك الأسباب ،يتمثّل بغياب التناغم بين الأحزاب والقوى السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية ،التي انتقل صراعها المخفي والمعلن من الشارع والأمانات العامة للأحزاب إلى طاولتها ومكاتب وزرئها والمؤسسات والوسائل الإعلامية المختلفة .لهذا سيطرت على الأوضاع برمتها أجواء مشحونة من عدم الثقة، ووصل الأمر إلى إعلان أهم الشركاء فيها براءتهم منها ومن أدائها ، إضافة لما كان يُثار من انتقادات شديدة ولاذعة لرئيسها وتدخُّل عامل السّن في ذلك والإتهامات بوجود إملاءات من قِبل بعض الأطراف السياسية بالتدخُّل في قرارتها ، وربما إن تلك التُّهم لم يسلم منها معظم أعضائها، ناهيك عن كونها ، وهذا معروف، كانت قد جاءت في مرحلة صعبة ومعقدة تخللتها تجاذبات وتحريضات متبادلة وعمليات تقاسم و إقصاء من الوظيفة ، وتفشّي للفساد بصورة لافتة ، الأمر الذي رسّخ لدى السواد الأعظم من الناس قناعة إن الحكومة لم تكن عند مستوى المرحلة وإنها غير قادرة للدخول في العصر وحركة الزمن .
مما سبق يستدعي التوضيح والتنبيه معاً إلى أننا في الأمس كُنّا أمام حكومة أتت بعد أزمة خانقة ، واليوم نحن - أيضا - أمام حكومة أتت هي الأخرى بعد أزمة عاصفة وأكثر من خانقة ،وكلاهما جاءتا بعد مدّ وجزر ومرثونات عدّة وحريق دم وأعصاب، لولا الرحمة التي يولينا إياها أرحم الراحمين لكنّا حالياً نعيش خارج معنى الوطن وروحه ..
على أية حال ،نعتقد ، ورغم التحدّي الأكبر الذي تواجهه الحكومة الجديدة، إلا أنها تمتلك عدّة مقومات وفي مقدّمتها إن رئاستها تختلف تماما عن السابقة وإن “ بعض أعضائها “ أيضا ، من أصحاب كفاءات ، إلى جانب إنها تعي بيقين كبير إنه ليس أمامها أي مجال إلا إنها تنجح ، وتعمل فوق طاقتها ، وتُثبت للجميع إن أداءها وجهودها خالصة للوطن وليس لمصلحة أي طرف آخر، وتأكيد ذلك، من خلال القرارات والسياسات والإجراءات المختلفة والملموسة التي من شأنها تغيير هذا الواقع، الذي لا يكاد حقّاً يحتمل تصرفاتنا وفي أية لحظة قد ينفجر من تحت أقدامنا .
أضيف وأقول نعم ، أمام الحكومة تحدٍ ، نقرّ إنه صعب لكنه غير مستحيل أبدا ، وهي قادرة على اقناع الأحزاب والإعلام المعارضين لها وكل المعنيين بمستقبل هذا الوطن بدعمها ومساندتها بصدق كي تحول يأسنا إلى أمل وليلنا إلى نهار وتباعدنا إلى تقارب ، ومعه أيضا تحويل حياة الناس من دروب الموت المخيف والضيّق إلى فضاء الحياة الرحبة .
عبارة أخيرة أبعثها للحكومة ولكل عضو فيها وللأحزب ولكل عضو فيها وللمؤسسات الإعلامية وللمجتمع المدني ،تذكّروا إنكم أمام مسؤلية تاريخية عظيمة وثقوا إن شموس أعمالكم وتضحياتكم وصدق نواياكم لن تغرب أنوارهاعن سطور تاريخ هذا الشعب ووجدان وضميرأبنائه .وكل عمل رائع وصادق تساهمون به في اخراج يمنكم من هذه الأزمة سيُسجّل باسمكم وسيختزل قيما نبيلة وعِبرلا تحيط بها الصفات وأشكال التعبير ستدرسها حتما،وبكل فخر الأجيال اللاحقة..
شهادة:
الدكتورالقدير/ إسماعيل ناصر الجند ، هذا المحب كثيرا للبلد ، الذي خدمه ويخدمه بكل جد ، حدّثني بكل شفافية وود عن المهندس خالد محفوظ بحّاح - رئيس الحكومة وما يتميّز به من مناقب . وهذا ، حقيقة ما نريده ..دمتم والوطن بألف خير.