هانحن بين يدي توديع عام ميلاد واستقبال آخر جديد , هاهي أيامه قد انصرمت بكل حلوها ومرها وخيرها وشرها , استودعناها رعاية الله إلى يوم القيامة وليس أمامنا الآ الوقوف على أطلالها والانتباه لدروسها وعبرها والتزود بها للعام الجديد الذي ينبغي أ ن يحذونا فيه الأمل والنهضة والهمة والتطلع إلى أن يكون ميلاد العام الجديد خير من سابقه
هناك أحداث ومواقف جمة مرت على كل واحد فينا منها ما هو على الصعيد الشخصي الفردي ومنها على الصعيد المجتمعي والوطني ومنها ما هو إقليمي وأممي , ونتصفح في سجل ذكرياتنا لنقف على النقاط المضيئة في واقعنا على الصعيد الوطني والتطلع الذي ينشده اليمانيون وهم يسطرون ملحمة الثبات والصبر والمحافظة على وطنهم من أن يكون ضحية الانهيار والسقوط على أيدي مراهقي السياسة ومتسلقيها
كل شعب يكون في غاية الفرح وهو يودع عامه الماضي ليفتح صفحة العام الجديد ,, ولست أعلم كيف سيودع اليمانيون عاما مليئا بالمآسي والدماء والأشلاء والدمار , عاما سقطت فيه الدولة ونهب سلاحها على أيدي المليشيات الحوثية , عاما توقفت أمامه الحقوق والحريات عاجزة عن حصر مآسيها جراء اعتداءات تلك الجماعة, عاما بين ليلة وضحاها فقدنا دولة وفقدنا عملية التسوية السياسية المرعية من قبل الإقليم والعالم والتي كان اليمنيون يتباهون بها طيلة الأعوام الماضية,, عاما أصبحت سيادتنا منتهكة , عاما مزق النسيج الاجتماعي واشتعلت رحى الحرب في أكثر من جبهة وفقد الوطن خيرة أبنائه وقياداته المدنية والعسكرية , وشغل الجميع عن البناء ليتفرغوا لعمليات الإقصاء والقتل التي تمارسها تلك الجماعة ضد الجميع
لسنا محبطين ولسنا بائسين ولكننا لانودع عامنا بسلام نراه ولكننا نرى واقعنا مليء بكل تلك الصورة السوداوية وأشد , لن أبالغ لو قلت أن عامنا المنصرم كان عاما لا ولن ينسى في تاريخنا الحديث , عاما متميزا بعنفه وحروبه
لكن عظمة شعبنا وامتنا تتطلع أن يظهر من بين تلك الصورة السوداوية المأساوية أمل مشرق وتفاؤل قادم نكتبه بين يدي عامنا الجديد الذي يحذونا الأمل فيه أن يكون عام خير وسلام يحقق فيه اليمنيون لأنفسهم تطلعات وأهداف ثورتهم ويتخلصون فيه من كل ذلك الركام... يحذونا أمل أن ننجح بعبور ذلك النفق المظلم إلى اشراقة ونور الخلاص الذي يشدوه ويتغنى به أحرار الأمس واليوم
لقد كان نجاح التونسيون مهد الربيع العربي في انتخاباتهم الأخيرة وميلاد رئيس جديد للبلاد وسعي بانتخابات ديمقراطية نزيهة بعيدا عن الصراعات والدموية بمثابة دافع جديد وأمل آخر لكل عشاق الحرية والراغبين بالعيش الكريم , إن نجاح التونسيين هو نجاح لإخوانهم في كل بلاد الربيع العربي الأخرى
ولذا فإن اليمانيين يتطلعون إلى واقع آخر في العام الجديد واقعا تزدهر فيه ديمقراطية الصندوق الانتخابي على فوهة البندق وماسورة المدفع , إننا أمام تحديات واستحقاقات تتمثل بالاستفتاء على دستور البلاد للمرحلة القادمة بكل متغيراتها والسير نحو انتخابات يحكم بعدها من يعطيه الشعب ثقته ويصوت لمشروعه وبرامجه
هذه صورة حقيقية للخروج من مأزقنا من وجهة نظري وصورة مثلى للتبادل السلمي للسلطة بدلا عن شلالات الدماء , أمل آخر يحذونا أن يتوقف نزيف الدم والفتنة الكبيرة التي تلوح بالأفق لعملية صراع واستنزاف طويل لن يستفيد منه أحد بل سيخسر الجميع , يجب أن تظهر حكمة اليمانيين بارزة وهي تعالج تلك الحالة المعقدة من صور الصراع المسمى بالطائفي
إن الشعب يبحث عن حرية وكرامة وتوقف للظلم والفساد انه يرنو للعيش الكريم والتقدم والازدهار والبناء فمتى ما تحققت تلك الطموحات حل الخير ونمت الوطنية وساهم الجميع في شراكة البناء . فهل يحل علينا العام الجديد جابرا لنا على مآسينا في العام المنصرم , هل يحل علينا العام الجديد وقد لبيت الطموحات وحلت البركات , إنها أمنيات نتمناها ونحن بين يدي العام الجديد راسمين أمامنا أجمل صورة من التفاؤل والطموح وعدم اليأس والقنوط والله وحده يعلم ما تخفيه لنا المقادير.
أمنية :
صدر القرار الجمهوري بتسمية د. عبدالعزيز بن حبتور محافظا لمحافظة عدن ولعلنا إذ نبارك لحبتور قرار التعيين وثقة السلطة به لإدارة عدن في المرحلة القادمة فإننا نتمنى له التوفيق والنجاح في خدمة المحافظة وأبناءها والتخفيف من آلامهم ومشاكلهم وتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم لاسيما في هذا الظرف الصعب والدقيق .. كل التمنيات له بالتوفيق والنجاح