قبلها صُنفت اليمن على أنها دولة رخوة ودولة هشة ودولة فاشلة ، وما من لقب من الألقاب التي تُوحي بكل ضعف إلا واُطلق على اليمن ، كان هذا في السابق ؛ السابق الذي لم تكن فيه ميليشيا حوثية تتربع على هرم القرار السياسي والسيادي ، ولم يكن فيه قاعدة بهذا الحجم والتوغل الحاصل اليوم .
اليوم لا وصف آخر يمكن توصيف حالة اليمن به وينطبق عليها في ظل وضعها المأساوي سوى وصف (اللادولة) فلم تعد هناك دولة بمعنى الدولة من مهام ومسؤوليات ومراكز صنع القرار في مؤسسات الدولة وسيادة القرار ونفوذه على واقع الحياة في إطار جغرافيا هذه الدولة ، وما هو حاصل أن هناك ميليشيا باتت اليوم تتصدر وتصنع القرار في صنعاء .
تتحكم الميليشيا الحوثية بكل شيء في صنعاء إبتداء من حياة الرئيس الخاصة والعامة فلا يستطيع حتى الخروج من منزله ولا يستطيع إصدار قرار يخالف رغبة الحوثي ، وانتهاء بتنظيم حركة المرور في الشوارع والجولات ، حيث يقف مسلح حوثي ببندقيته وثيابه الرثة البالية وقاته في يده وسيجارته في فمه متكئاً على حجر في إحدى الجولات يرقب حركة المرور وعندما يستطيب له الأمر يقوم ليبتز المارة مطالباً إياهم بالمال مقابل تنظيمه لحركة المرور .
يمن اللادولة هذا أصبح الجيش فيه مستضعف ذليل تارة يسلبه الحوثي سلاحه من دبابات ومدفعية وراجمات صواريخ ، وتارة أخرى تقوم القبائل بهذا ، وثالثة تتكفل القاعدة بفعل ذات الشيء ، في يمن اللادولة تجد عنصر حوثي مسلح جاهل لا يستطيع حتى كتابة اسمه يقوم برفقة مجاميع ميليشاوية بالدخول بأسلحتهم إلى الحرم التعليمي في جامعة صنعاء وفي بقية المدارس أيضاً ليتفقد سير التعليم ومدى انضباط الطلاب في التقيد بأوامر السيد فيما يخص نظام التعليم ، ومن عجائب الزمن في يمن اللادولة أن الحوثي يسيطر على معسكرات الدولة وسلاحها الثقيل ويمر الأمر مرور الكرام وطبيعي جداً هذا الفعل من الحوثي ، وحينما تسيطر قبيلة على سلاح للدولة أيضاً يستنفر الحوثي قواه ويستنكر فعل هذه القبيلة ، وأنه فعل يكسر هيبة الدولة ولا بد من إرجاع هذا السلاح إلى معسكرات الدولة ، وكأن ما حُرم على القبائل حلله الحوثي لنفسه وكأني به قد أيقن أنه الدولة ، تماماً مثلما حصل يوم أمس الأول في مأرب وسيطرة القبائل على سلاح يتبع معسكر للحرس الجمهوري الموالي لعفاش ..؟!
لأنه يمن اللادولة فهو لا يطبق القانون ، وإذا كان دولة فالقانون يطلب منه تطبيقه على ميليشيا تعيث قتلاً وخراباً في كل الشمال ، ولأنه يمن اللادولة وبنهج ميليشاوي أيضاً فهو يصب جام إجرامه وفساده على الجنوبيين المسالمين الذين لم يرفعوا قط السلاح في وجه رغم قتله الدائم لهم ، يتعامل تماماً كما تتعامل أي ميليشيا ، يخضع مطأطأ رأسه أمام القوي المتمثل في الحوثي ويستقوي على الآخر المسالم المتمثل في الجنوب .
في ظل وضع يمن اللادولة هذا ، وبعد أن تشيعت صنعاء ولبست حلة الاثنا عشرية بات علينا كجنوبيين أن نوجد وسيلة تحقق هدفنا وتضمن لنا ولوطننا الجنوبي النأي عن مشاكل الشمال وحروبه الطائفية القادمة ، فلا يُعقل أن نربط مصيرنا بمصير دولة تحكمها الميليشيا ، وتتصرف بشؤن البلاد والعباد فيها ، في ظل وضع يمن اللادولة بات علينا تسريع العمل من أجل استعادة دولتنا الجنوبية ولا خيار آخر غيره يمكن أن نقبل به