ثلاثة وثلاثون عاماً تقريباً كانت هي الفترة التي تولى فيها المخلوع علي عبدالله صالح وحاشيته زمام الحكم في اليمن , وكانت تلك الفترة هي أسوأ فترة حكم في تاريخ اليمن قديمه وحديثه والشواهد على سوء تلك الحقبة الديكتاتورية لحكم صالح بارزة حية وما زال الشعب اليمني يعاني من آثارها الكارثية حتى اليوم . وقد شهدت فترة حكم صالح تصفيات دموية ضد خصومه والموالين له ممن اختلفوا معه فيما بعد كان في الشمال أو الجنوب , وفي عهده لم يستطع بناء دولة يمنية حديثة كما كان يتردد في وسائل إعلامه الرسمية والأهلية ,بل على العكس من ذلك فقد أساء للسلطة ولم تبن في عهده دولة للمؤسسات أو سلطة للشعب لأنه سخر كل مقدرات وثروات اليمن لبناء جيش عائلي ولشراء الذمم وإثارة الفتن والحروب وزعزعة الأوضاع وتدمير كل ما له علاقة ببناء مؤسسات الدولة وسلطاتها المختلفة فحول كل مؤسسات الدولة إلى إقطاعيات خاصة لتثبيت حكمه ومحاولة تأسيس مملكته الصالحية التي كان يحلم بها . 33 عاماً فترة حكم المخلوع صالح كانت بمثابة تاريخ أسود استشرى من خلاله الفساد المالي والإداري والسياسي والأخلاقي وأستحوذ فيه بنو سنحان وقبائل الشمال على مفاصل السلطة وتقاسموا مساحة الوطن بأكمله من قطاعات نفط وغاز وأسماك وأراضي وموانئ ومطارات وشركات استثمارية تاركين شعب بأكمله يتجرع مرارات الفقر والمرض وجرعات التجويع , ناهيك عن مسلسلات زعزعة الأمن والاستقرار وتصعيد الاحتقانات وبؤر التوترات والصراعات والاغتيالات والتفجيرات وأعمال العنف التي كانت تطبخ في مطابخ هذا النظام القمعي ,وما تزال حتى اليوم رغم ما حصدته من خسائر في الأرواح التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء اليمن الأبرار خلال تلك الفترة وما فيها من صراعات دموية خاضها هذا النظام بنفسه وخاضها غيره بالوكالة ابتداء من العام 1978م في الشمال وحرب عام 1979م بين دولتي الشمال والجنوب وتدمير المناطق الوسطى شمالي اليمن سابقاً بالطيران الحربي في سبعينات وثمانينيات القرن الماضي ومروراً بشن الحرب على الجنوب في حرب صيف 1994م مع شريكه حزب الإصلاح وتدمير مؤسسات الجنوب وجيشه وإحالة مئات الآلاف من أبنائه إلى التقاعد القسري , واستهداف الحراك السلمي الجنوبي وقمعه بالآلة العسكرية والأمنية بسبب ولائها لنظام صالح وللقوى النافذة معه والتي لم يكن ولاؤها أنذاك للوطن والشعب إلا منذ تبوأ الرئيس هادي مقاليد الحكم والفترة الانتقالية وبعد فوزه بالانتخابات الرئاسية كرئيس شرعي لليمن في مطلع العام 2012م ,وإصداره الكثير من القرارات التي هدفت إلى هيكلة القوات المسلحة والمؤسسة الأمنية رغم ما واجهه من صعوبات وعراقيل كانت تخططها وبعناية فائقة قوى نظام صالح وشركاؤه في العملية السياسية . . هذه المخططات التي ما تزال تلك القوى مستمرة في تنفيذ مراميها لأجندات خارجية وداخلية أيضاً والوقوف في وجه الرئيس هادي لإجهاض جهوده وانجازاته المضيئة والملموسة في حقن الدماء وبناء الدولة الاتحادية اليمنية الحديثة لا دولة العسكر وميليشيات العنف والإرهاب الديني أو القبلي أو العقائدي . وللأمانة لم يجن الشعب اليمني شمالاً وجنوباً من فترة حكم صالح إلا كوارث الدهر ومصائبه وويلات القتل والدمار وتحويل البلد إلى مسرح للفوضى وسفك الدماء والعنف والفساد الذي ضربت بشدة كل مناحي الحياة ,وكل هذا الذي كان يحدث بالأمس أو اليوم فإنما هو نتاج لديكتاتورية ذلك النظام البائد وصراعاته مع قوى النفوذ الشمالية الأخرى التي عارضته أو كانت تابعاً له في يوم من الأيام .. والمراد منه محاولة الاستيلاء على السلطة ومحاولة إجهاض حركة التغيير والتطوير والتنمية والحداثة التي يقودها بكفاءة وحنكة الرئيس هادي من أجل حل كل مشاكل الوطن وفي مقدمتها قضية الجنوب الذي يطالب أبناؤه باستعادة دولتهم وكذا قضية صعده لما تعرض له الجنوبيون وأبناء صعده من ظلم وقهر من قبل نظام صالح سابقاً . والسؤال المثير كيف سيفسر أبناء صعده من الحوثيين وغيرهم ذلك التحالف المريب مع نظام صالح وبقاياه وقد خاض معهم حروب ستة مع شركائه الخصوم والتي دمرت الأخضر واليابس في محافظة صعده والمناطق المجاورة والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء ودمرت البنى التحتية ومنازل المواطنين وممتلكاتهم ؟ وهل هي الثورات التي تفقد قيمتها الجوهرية والأخلاقية دون أن تراعي مشاعر الناس ؟أم أنها المصالح الضيقة واللهث وراء شهوة السلطة وكرسي الحكم على حساب كل القيم والمبادئ والأهداف التي ضحى الشهداء في سبيلها .. نظام صالح مثلما ساند الحوثيين في اجتياح صنعاء ثم محافظات أخرى بعساكره من وراء الكواليس وظهرت معها الضخامة الحوثية فسوف يندهش السيد عبدالملك الحوثي حينما سيلفت فجأة وإنه وحيداً دون ضخامة حينما سيفكر المخلوع صالح خلع تحالفه مع الحوثي وأن تمدد وبسرعة لا تضاهى هنا أو هناك ,ونظام صالح لن يتخلى بسهولة عن نزعته وتفكيره في التوريت وأن أصبح ذلك ضرباً من الخيال والأوهام .