صفوان حسن سلطان
خلال الفترة الماضية تضاربت المصطلحات السياسية في وطننا الغالي نظرا لتعدد النزاعات التي تتم بين مختلف مراكز القوى القديمة أو الجديدة والتي أدت إلى جهل الكثير بالفرق بين الثورة و الانقلاب, لذا نلخص للجميع التعاريف المتعارف عليها في كافة المعاجم السياسية في أنحاء العالم.
الثورة: التعريف أو الفهم المعاصر والأكثر حداثةً للثورة هو التغيير الكامل لجميع المؤسسات والسلطات الحكومية في النظام السابق لتحقيق طموحات التغيير لنظام سياسي نزيه وعادل ويوفر الحقوق الكاملة والحرية والنهضة للمجتمع. والمفهوم الدارج أو الشعبي للثورة فهو الانتفاض ضد الحكم الظالم بما يحقق العدالة والمساواة و عادة ما يرحب بها المواطن نتيجة الاحتقان السابق لها ضد ظلم الحاكم السابق و تقوم الثورات بإيجاد نظام حكم جديد مختلف تماما عن النظام السابق ومثال على ذلك الثورة الفرنسية و الثورة المصرية و الثورة الإيرانية ( التي ألغت النظام الملكي في إيران و أوجدت النظام الجمهوري.
الانقلاب: إزاحة مفاجئة للحكومة بفعل مجموعة تنتمي إلى مؤسسة الدولة - عادة ما تكون بالتعاون مع الجيش - لتنصيب سلطة مدنية أو عسكرية.تابعة لها يعدّ الانقلاب ناجحا إذا تمكّن الانقلابيين من فرض هيمنتهم، فإذا لم يتمكنوا فإن الحرب الأهلية تكون واردة وهذا ما يحدث غالبا في دول القارة الأفريقية التي يتغير فيها الحاكم فقط دون النظر إلى إيجاد نظام جديد يلبي احتياجات المواطن.
وبإسقاط هذه التعاريف على ما مر به الوطن من فبراير2011م و حتى الآن نجد أن ما حدث في 11من فبراير2011م وفق كافة المصطلحات ثورة مكتملة الأركان قد نختلف في نجاحها من فشلها و لكن تتضمن كافة الأسس المتعارف عليها حيث قامت ضد نظام ظالم حكم اليمن طوال 33 عام ولم يقم بأي واجباته أو الوفاء بقسمة الذي اقسمه أمام مندوبين الشعب, كما أنها طالبت بتغيير نظام كامل وليس شخص واحد فقط من اجل الانتقال بالشعب إلى حالة أفضل من الديمقراطية, كما أن هذه الثورة قام بها أفراد من الشعب هم الشباب و الذين كانوا خارج السلطة في ذلك الوقت ولم يكن هدفهم الوصول إلى السلطة.
أما فيما يخص 21سبتمبر 2014م فهي حركة احتجاجية بدأت بمطالب معيشية في أغسطس من نفس العام كرد فعل حول قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية و حددت مطالبها في ثلاث مطالب رئيسية هي:
1 إلغاء قرار الجرعة.
2- عزل الحكومة في ذلك الوقت.
3- الالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار.
وهذا يؤكد ما أوردناه سابقا بأنها حركة احتجاجية تزعمها طرف سياسي ليكون معبر عن أفراد الشعب الذين احتجوا على ذلك القرار, ولكن ماتم خلال هذه الاحتجاجات هو ما يفعنا لتشبيه ما حدث خلال هذه الاحتجاجات يجعلها اقرب إلى الانقلاب منها للاحتجاجات حيث أن الاحتجاجات الشعبية لا يصاحبها تهديد بالسلاح و حصار للعاصمة من مسلحين يتبعون أطراف مشاركة في السلطة (أنصار المؤتمر الشعبي العام) وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم أحزاب التحالف الوطني عبده الجندي خلال تلك الفترة.
كما يؤكد رأينا بأن ما حدث انقلاب انه لم يصاحبه مطالبة بتغيير نظام الحكم بل بالعكس صاحبة إعلان عن التمسك (بحسب تصريحات قائد الاحتجاجات) بمخرجات الحوار الوطني الشامل التي توصلت إليه كافة الإطراف و المكونات السياسية قبل هذه الاحتجاجات, إلا انه وبعد سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين) على العاصمة صنعاء أرادت الجماعة بتوقيعها اتفاق السلم و الشراكة أن تكون لاعب رئيسي في صياغة المشهد السياسي و لم يقفوا عند ذلك الحد بل تجاوزوه إلى رفضهم لقرار رئيس الجمهورية في تعيين رئيس وزراء وفرضوا عليه تغييره نتيجة إمساكهم بزمام الأمور في العاصمة و هو مارضخ أليه الرئيس, بالإضافة إلى العديد من القرارات الأخرى التي كانت تصدر من الرئيس وتعارضها جماعة الحوثيين, وكذا فأن كافة كتب السياسة تؤكد أن الحركات الانقلابية تقوم بالعب على أوتار الاحتجاجات المعيشية للمواطن بينما تقوم بتنفيذ أشياء أخرى لصالح الجماعة التي تقود الانقلاب.
وبمراجعه سريعة لتصرفات جماعة الحوثي وحلفائها بعد الاستجابة لكافة مطالبهم من أيجاد نقاط أمنية غير تابعه للدولة في شوارع كافة المحافظات التي سيطروا عليها بعيدا عن سلطة الدولة يؤكد ذلك, وما تقوم به من اعتقالات أو توقيفات (حسب مصطلح الجماعة) بعيدا عن الاحتكام لأي قانون في البلد أو مراعاة لقيامهم بهذه الطريقة ليؤكدوا بأنهم خارج سلطة الدولة وأنهم سلطة داخل السلطة.
ومن أهم أوجه الشبه بين تلك الاحتجاجات وبين الانقلاب هو مايتم التهديد به دائما وهو ما ذكر في نهاية تعريف الانقلاب بأنه في حالة مواجهة هذا الانقلاب فأن ذلك يقود إلى حروب أهلية وهذا ما يقوم الحوثي بالتهديد به دائما للضغط على صناع القرار من أجل فرض قرارات معينة تصب لصالحه وحده وبعيده كل البعد عن تحقيق العدالة للشعب.
كما أن تواريخ الثورات توثق بتاريخ انطلاقها بينما الانقلابات توثق بتاريخ انتصارها.
هذه مقارنة بسيطة جدا حول مفاهيم الثورة و الانقلاب و توصيف لما حدث خلال الثلاث الأعوام الماضية وللقارئ الحق في تصنيف ماحدث.