ينتظر المواطنون بتوتر شديد من القوى السياسية الفاعلة الاتفاق المقبول لصيغة معقولة تملأ الفراغ الحاصل في العملية السياسية ، بل وفي رأس السلطة والدولة ، الرئيس قدّم الاستقالة وكذلك رئيس الحكومة وحكومته كانوا قد رموا بها لمرمى اليمنيين كافة .وبموجب ذلك وضعت البلاد على صفيح ساخن، ومتدحرج جدا ، يبعث الخوف من انفجار بركاني كارثي على البلاد ..
الجنوب ليس آمناً ولن يكون في مأمن وكذلك الشمال والشرق والغرب والوسط ، البلاد كلها مهددة بالفوضى والكوارث ،وهذا الواقع الصعب والمُعقّد يتطلب حكمة فائضة وتعقُّل حقيقي من الجميع وعدم التهوّر ،أوالاستجابة للعواطف والمشورات العرجاء ، أو التطمينات الإعلامية غير العليمة أو غير الصائبة والحصيفة ، البلد أمانة في اعناق الكل وخاصة الذين يمتلكون الأدوات القادرة على وقف التصعيد والحد من انهيارالأرضية الوطنية.
الوضع يريد قرارت وخطوات حقيقية تكون كابحة لحالة الاندفاع نحوالهاوية والفوضى ، لا سمح الله . بدلاً من هذا الجنون والاستكبار اللذين لا يصنعان مجداً.
مساء الأحد الماضي أختتم مؤتمر في صالة 22 مايو في العاصمة صنعاء حضره جمع لابأس به من مكونات سياسية واجتماعية ومدنية معينة تقريبا، وبلاشك يعارضه البعض ويوافقه البعض .. المهم لعل من أهم ما جاء في بيانه الختامي هو إمهال القوى السياسية ثلاثة أيام كي تتوافق فيما بينها لملء الفراغ الحاصل في السلطة ، مالم فإن إجراءات حاسمة ونهائية ستُّتخذ من قبل ما اسموها باللجان والقيادة الثورية لملء الفراغ .
دعونا نكون صرحاء وواقعيين ، نعتقد أن عدداً كبيراً من الناس والأحزاب، ربما لم يتفقوا مع مصطلح الثورة وبالنتيجة لن يوافقوا على ما ستقرره هذه اللجان والمؤتمر المذكور ، وبالتالي قدلا يكون ذلك البيان وما ستقرره تلك اللجان هو الحل ،أوالخيار الأنسب للخروج من الأزمة الخانقة والأخطر ربما في تاريخ اليمن الحديث ، لهذا نحن بحاجة لآلية أخرى .
وتلك الآلية الأنسب - في ظني - هي الاجماع الوطني الجاد، أو العودة لنصوص الدستور، طالما والمبادرة الخليجية لم تسر للنهاية وكذلك اتفاقية السلم والشراكة ، وما دون ذلك لن يُكتب له النجاح أو يرى النور قريبا ، أو يعصمنا مما نحن فيه من أمواج وعواصف عاتية.
مرة ثانية وألف نقول : لا يمكن أن يتحقق الأمن والاستقرار والسلام الذي يخدم النهوض ويصنع الإبداع ، في واقع مشكوك فيه، يلفه الغموض ، إلا بتقديم التنازلات من كافة القوى وإيجاد الثقة المتبادلة وعدم الاعتماد على الذات والتأثيرات الأيديولوجية والخارجية .لأن الاعتماد على الذات والخارج يعني الفشل الذريع في إدارة المشهد السياسي والخيانة والعجز في ايجاد واقع يقبل بالجميع ويعمل فيه الجميع ، واقع يتسم بالشراكة والعدالة الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان وتقديم الخدمات للناس وتطمينهم حول مستقبل أبنائهم .
الأمر الذي يتعين فيه وجود خطاب ورؤية توافقية جديدة وصادقة تخترق كل هذه الحواجز والتحصينات المفتعلة وتتجاوزها تماماً وتعلي من شأن الحوار والشراكة الوطنية والتأسيس للدولة المدنية .
اليمن تعيش منذ أسبوعين فراغا تاما في مؤسسة الرئاسة والحكومة ، ما عدا السلطات المحلية التي تعمل في المحافظات ، رغم إن عملها يظل قاصرا ومنقوصا إلى حدّ كبير بحكم إن المركز او الرأس لا يعمل وهذه مشكلة كبيرة ومرعبة ، صدقوني إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه اليوم ، فلن تتمكن وزارة المالية من دفع رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين خلال الأشهر القليلة القادمة، لأنه لا يوجد تدفقات مالية للخزينة العامة، النفط شبه متوقف تصديره ، والضرائب والجمارك في حالة كساد ،و المساعادت الخارجية الحنفي حقها مغلق تماماً ، لأن الخارج لن يساعد الفراغ ويعطي الأموال للفوضى، الخارج يريد حكومة ويريد جهات رسمية يتخاطب معها ويتفق معها ، أما غير ذلك فأعتقد أنه لم يفعل ، وهذا ما سمعته بالنص من أحد أهم السفراء في بلادنا ، حيث اكد أن دولته غير مستعدة على تقديم المساعدات ولا حتى التحاور مع جهات وأطراف غير رسمية ،وهذا يقودنا لنتيجة مخيفة مفادها أسن توقفا كاملا للحياة ولمؤسسات الدولة وللوظيفة العامة يلوح في الأفق، وفي الطريق إلى اكتمال بدره ، مالم يستشعر الفرقاء السياسيون والفاعلون خطورة الواقع، وخطورة الابتعاد عن الدستور، واستمرارية الدعممة والسير في عنوان مجهول ونفق لا ضوء في آخره..
عبارة أخيرة : رجاء تخلوا عن التفاعل الضدي بين الذات والواقع ، الأنا والآخر ، الناس جوعى ، مرضى ، معدمون ، محرومو ن ، ووحدة البلد على المحك، قدموا تنازلات حقيقية وانتصروا للمحبة والسلام والتسامح والوحدة الوطنية ، انتصروا ليمنيتكم .