على طاولات (الموفنبيك) تتناسل المشكلات ،و تتفرع المتاهات أكثر،وفي كل جلسة يتقدم المتحاورين خطوة أخرى نحو الهاوية ،لان الجينات المرتبطة بالفشل والإحباط والضغينة لن تنتج أكثر من ذلك ،تذبح الآمال على المقصلة ،وتحرق أحلام المتفائلين على الطاولة ،وتنتحب اللحظات المهدورة من عمر اليمنيين ومن قوتهم اليومي ، وفي أعينهم تسوَد كل الممرات القادمة من جنون المحاورين المغامرين وتتجه صوب المجهول .
تصفعنا أخبار التشفي وبهارات المطابخ العفنة ، ويتسابقون لذبح ما تبقى من امال صباحا ومساء.
مرعبة هي الأخبار التي تخرج من أوكار الخفافيش التي تتغذى من معاناة الغير ،تلك القوالب المشبعة بالضغينة ومهارة شحذ المخالب ونشر الأحقاد ثم تنطلق محلقة مبتسمة.
هكذا يتبختر الإعلام صانع الفتنة ، فرحا وشماتة .
وكأن لم يكفيهم معارك التوحش اليومية حيث الدماء المهدورة والأشلاء المتطايرة وحكامه المغامرين المعتوهين .. تبا لهم من حكام .
الآن تتوحش الجهات في وجه اليمنيين وتهددهم تصريحا وتلميحا ،سفارات تغلق ورعايا يغادرون وأبواق تنعق صباحا مساء عن حافة الهاوية ،والسقوط المرتقب ،والحرب الأهلية التي لن تبقي ولن تذر ،موتا ورمادا ،فيها يختفي النور في أحشاء الليل وتتهاوى أجنحة السلامة ويتوه الممكن ليتجه صوب العاصفة .
مهما توسَع اهتراء رقعة السلامة وتسيدت أنياب الجنون ،وشطحات المغامرين وروايات الانهيارات المميتة . لازال اليمنيين يلملموا كل الأشلاء المتطايرة بصبر في معركة الأمل والتوحش .
ولا زال الأمل قابض على جمر التوحش ،ويرفض مغادرة الواقع رغم الآمال الدفينة والحلم المسلوب والعينيين المتعبتين المتطلعتين للغد .
صبر اليمنيين ينهكهم وحكمتهم لازالت تقاوم .
