طوال ما يزيد عن ثلاثة سنوات ، وأنا أحرصُ، وباصغاء شديد، على سماع ما يقوله السيد / جمال بنعمر من همهمات وطقوس تستخدم كلمات غير مفهومة غالباً ما يستخدمها المشعوذون ..أو مفردات مطّاطية ومنفوخة مثلها مثل البالونات الضخمة التي لا تحمل أي كتلة أو قيمة في الوزن ، بل إنها أخف من بالون يسبح في الفراغ الكوني خارج الغلاف الجوي للأرض .
أعترفُ صادقاً إنني من يوم حلّ علينا السيد /بنعمر كمندوب سامي ، وممثل مبدع ، للأمين العام للأمم المتحدة ، سعادة/ بان كي مون ، لم أفهم لهذا الرجل خطاباً ، أو تصريحاً واحداً ، بحكم إنني كنتُ ،وما زالتُ، شغوفاً جدّاً لالتقاط كلمة أو عبارة مفهومة وواقعية فيما يخصّ جهوده المباركة والمارثونية، لأن كنتُ - وهذا بيني وبينكم - أودُّ من خلالها كأقلّ تقدير، أساعد نفسي في اقناع والدتي العزيزة التي كُلّ يوم تبكي (10) مرّات وهي
تسألني : " كيف أحوالكم يا ولدي ، أسمعهم يقولوا إن الحرب من طاقة لطاقة وإن ( بان بي بون ) شاطر وجدّته عادها من عندنا تزوجت زمان وغابت ،وأوصتهم بأخوالهم ، وقالوا - يا ابني - إنه دُغري ويقدر يلزمهم يهجعوا " ؟
أصدقكم القول إنني كل يوم كنتُ أكذب على والدتي العزيزة وأطمئنها مع كل إتصال إن كل شيء تمام وإن " البزي " بنعمر هدّدهم وامهلهم يومين وإلا الوجه من الوجه أبيض ..
لكن مثلما يقولون إن الكذب مهما طال ، يظل حبله قصير ، في نهاية المطاف ، وبعدما تيقنت أمي إن كلامي المنقول عن ( بنعمر ) فشوش وإنه لا يهش ولا ينش ، وليس ذلك ، فحسب ، بل إنها اتهمتني بإنني مش أمين في نقل المعلومات ويا خوفها إني أطلع أفشرررررررررر.. وأنقل عن ( البزي ) كلاماً ، غير كلامه ، هو والرئيس السابق هادي ، اللي حلفت إنها ما قد فهمت من كلامه وخطاباته حتى كلمة واحدة .إيش معناته إني أفهمهم وأمي لا تفهمهم .
طبعاً ، وربّ ضارة نافعة ، أمي قد صار سمعها ضعيف وما تسمعش كل ما كنتُ أنقله لها بالتلفون ، وإلا لكانت حصلت لي مشاكل كبيرة وكثيرة، لأنها لو سمعت كل ما كنتُ أنقله لها عن هادي ووضوح كلامه ودهائه واخلاصه هو وبنعمر لكانت حاكمتني وجاءت لي من البلاد حبواً تأخذني مباشرة لأقرب قسم شرطة ،أو مكتب للجان الشعبية ،وأمرت بحبسي ، حبس طاعة حتى أتربّي وأعدل عن الكذب وأكون أنقل عن بنعمر وهادي الحقيقة ..وأقول لها مثلما يقول غيري ، ما يفهموش من كلامهم حاجة وخلاااااااص ..
المهم منذ الأسبوع الماضي الحمد لله ، صارحتُ أمي الحبيبة ، وطلبت منها العفو والسماح لأني نقلت لها طوال السنوات الماضية تباشير كاذبة ومعلومات مغلوطة عن( بنعمر ) والرئيس وقلت لها: أمااااااااه اغفري لي أرجوكِ، أعترفُ لكِ إنني كنت أطمئنكِ وأكذب عليكِ ، والحقيقة إننا لم نفهم شيئاً مّما كان يقوله لنا هذا الراجل خلال (38) زيارة لليمن وأكثر من ( 15) تصريحاً وخطاباً في الأمم المتحدة وضِعفها لوسائل الإعلام المختلفة ، فقد كان كلامه - يا أمّاااااااه -لا أول له ولا آخر.
له وهو عبارة عن كلام عام، إنشائي ،هلامي ، مائع ، مكرر،ما يأكّل عيشاً ..ولا يستطيع المتتبع له أن يقف على فكرة واحدة واضحة ، مفيدة ، أوجديدة يُمكن أن يبني عليها موقفاً، أو رؤية ، أو ما يمكن أن يساعده - كحالتي مثلاً - على تطمين أبويه الخائفين على حياة فلذة كبدهم المتواجد في قلب الحدث( العاصمة ) .
ولا أخفيكم سرّاً إنني أضفتُ لأمي إعترافاً ، رغم إنه ما لهاااااااااااش في الحزبية ولم تعد تفهم فيها كثيراً ، وقلت لها : والمشكلة الأعمق - يا أمااااه - هي إن السيد بنعمرانحاز طوال السنوات الماضية لأطراف سياسية معينة على حساب التسوية والمبادرة، وفي مقدمة تلك الأطراف اللي خطفت منّنا المندوب ، حزب( التجمع اليمني للإصلاح ) الذي تحول ( بزيّنا ) لراعى رسمي لمصالح ( الإخوان ) ومنقاداً لوجهات نظرهم منذ العام 2011 ولم يعر بقية الأطراف الكبيرة والعريضة وكذلك سواد اليمنيين الأعظم ،أي انتباه ، او اهتمام يذكر ، وجلس يردد الأغنية التي تقول : " شا سير بعد ياالحبيب والمخارج الله ، إلى أن تورط وورط اليمن وتسبب بنقمة كبرى على حبايبه الإصلاحين وحلفائهم في الدوحة وأنقرة ..
طبعا ، امّي - رعاها الله - ولا فهمت من هذه العبارات والمعلومات الأخيرة والخطيرة حاجة وأضطرت في نهاية المكالمة، إنها تنسحب وتقول لي :
خلّى لي حالي يا ولدي، ما أسمعش ما تقول ، وأوصيك إنك أول ما تقرح جنبكم الرصاص والدانات، إنك لا تفجعني ، رووووووووووووووووح ولا نشتي لك قرررررررش ..
محناش مكلّفين بهم من يقاتل عليهم قاتل ، تعتقد ( المسكينة ) إني جالس أحرس القطاع الجنوبي للعاصمة ، مانعاً الرصاص من أن تقرررح ، والأوضاع من أن تتطوّر وتنهارررر...
المهم وصية أمي سأنفذها وأحاول إني أخرج من البلد تماماً، مع أول فرصة تسنح لي، بس السفارات قد غلّقت ومع هذا ربّك كريم .!