أوضح ما في موضوع الاشتباكات بين اللجان الشعبية الجنوبية وقوات الأمن المركزي بعدن التي درات رحاها يومي الأحد والاثنين هو غموضه وضبابية مواقف ساسة حكام عدن ولحج وأبين مدنيين وعسكريين وأمنيين, والذين لا زلنا نكن لشخوصهم كل التقدير.
أنظروا الى هذه العبارة التي وردت في بيان اصدرته للجنة الأمنية بمحافظة عدن التي يرأسها المحافظ د. حبتور يوم الأثنين 16فبراير : (..عبر الاخوة المحافظون واللجنة الامنية بمحافظة عدن عن أسفهم الشديد لما حصل من مواجهات بين أخوة السلاح من اللجان الشعبية وفرع قوات الأمن الخاصة محافظة عدن، وأكدوا حرصهم الشديد على عدم تكرار ذلك مستقبلاً ..).إذا من يقاتل من؟ واين يقف هؤلاء المسئولين من هذه المعارك؟. وهل كان يفترض ان يقتل من قتل في اشتباكات اليومين الماضيين ومن الابرياء الشباب حتى تقرر هذه اللجنة الأمنية في ذلك الاجتماع ان توكل حفظ الأمن للجيش في عدن؟. إذا فموقف هؤلاء الحكام فيه من الغرابة والدهشة ما يكفيه ويجعل حوله ألف علامة استفهام, وموقفهم يمكن تلخيصه على انهم (مع الكل وضد الكل).! هذا هو التوصيف الذي ممكن ان يدركه العقل برغم سواد المشهد وقتامة ديجوره.
ثم لاحظوا كيف صنفت اللجنة الأمنية الضحايا بقولها : (... فأسفرت الاشتباكات عن مقتل 4 من عناصر اللجان واستشهاد المساعد هارون الحاج علي الجباري..). فمن سقط من طرف اللجان الشعبية هو قتيل, ومن سقط من طرف قوات الأمن المركزي فهو شهيد...عجبي!!! وهذا يدل دلالة قاطعة ايضا ان ثمة ضبابية مخيمة فوق رؤوسنا جميعا ومؤامرة تطال حياة شبابنا , وبالتالي لا يوجد حلا أمثل للتعاطي معها غير النصح الذي نقدمه لشباب اللجان الشعبية التي يبذلون جهودا طيبة للحفاظ على الحالة الأمنية برغم المآخذ التي تطالهم من البعض ان يتجنبوا قدر المستطاع أي احتكاك وصدام مع قوات الأمن والجيش الى ان تتضح الرؤية ويتبين الخيط الأبيض من الأسود, وألا لا ينساقوا وراء أوامر غير معروفة المقصد والمغزى, مع عدم تخليهم عن مهمتهم الأساسية بالحفاظ على الحالة الأمنية والممتلكات العالمة والخاصة في هذا الوقت الخطير. فلا يعقل ان يكون هؤلاء الشباب حطب نار حسابات سياسية ,ورجع صدى في عدن لصراع محتدم على السلطة في صنعاء, وهم -أي شباب اللجان الشعبية- لا ناقة لهم فيها ولا جمل. فهل يعقل ان يتم تصوير الأمر لهؤلاء الشباب ان عدوهم هو قائد الأمن المركزي الذي يجتمع ليل نهار مع محافظ عدن والمسئولين الامنيين والسياسيين الجنوبيين في عدن ولحج وأبين.؟ وأي منطق هذا الذي يوجه هؤلاء الشباب الى محرقة مع عدو يلتقي قادته مع قيادات المحافظات الثلاث في مقيل واحد وفوق طاولة واحدة ؟. هذا جنون ما بعده جنون.
من الخصم الذي تقاتله هذه اللجان ولمصلحة من؟؟
ومن يتبع هذا الخصم سياسيا ومن يوجهه أمنيا وعسكريا؟
وكيف يكون عدوا بالميدان وحليفا بالمكاتب والقاعات, وشريكا في البيانات والتصريحات؟.
وبالتالي فخير نصيحة نكررها لهؤلاء الشباب الأوفياء الخُــلص في هذا الزمن الملوث ان يسترشدوا بالعقل ويستعينوا بالبصر والبصيرة, فالوضع فاسد من ساسه حتى رأسه والملعب السياسي ملوث بكل انواع الملوثات ,وعفونته تزكم الأنوف, فحياتكم أيها الأحبة أغلى من رموز التكسب وطلبة الله اصحاب الخطب الديماغوجية المقززة. وقطرة من دمائكم الغالية تنسكب عبثا فالجنوب أحق بها ان كان لا بد لها ان تراق.
ودمتم كما تتمنون ان تكونوا . وكفى .