بطريقتهم الخاصة وبإمكانيات ذاتية بحتة قرر أبناء بني أحمد بمديرية الجعفرية محافظة ريمة أن يمحوا من قاموسهم عهدا من المعاناة وقهر السنوات العجاف..
فعلى مدى عشرات السنين من الانتظار وتوسلات الحكومات المتعاقبة وهم يتطلعون لأن يكونوا ضمن الجمهورية اليمنية أو أن تعترف لهم الدولة بحقهم في المواطنة ولكن دون جدوى..
قدموا كل ما عليهم من الضرائب والزكوات، وساهموا مثل غيرهم في الدفاع عن الثورة والجمهورية، ووهبوا الوطن أنبل وأعز شبابهم الذين قضوا نحبهم في مواطن الشرف وميادين البطولة غير أن الدولة- للأسف- تنكرت لهم وأدارت لهم ظهرها..
اليوم وفي مشهد تلاحمي يبعث على الفخر والاعتزاز قرر أبناء بني أحمد أن يرسموا لوحة جميلة في الوطنية فاتجهوا نحو مشروعهم المنتظر وانخرطوا في ميدان العمل والبذل يشقون الجبال بسواعدهم السمراء ويمدون أهم شريان للحياة يربطهم بالمحافظات الأخرى معتمدين – بعدالله- على جهودهم الذاتية..والذاتية فقط..
مايزيد من روعة هذه المبادرة أنها تأتي متزامنة مع ما تشهده الساحة اليمنية من مشاريع مدمرة وشعارات تحرض على الفرقة والتمزق لكن بني احمد تشهد أروع مشاريعها وأجمل لحظات التلاحم والتوحد حول المصلحة العامة والوطنية...
إن عظمة هذا الطريق والمشروع الاستراتيجي تكمن في قدرته على طي صفحة مؤلمة من الماضي الأليم, وسيتيح ﻷبناء المنطقة التنقل بسهولة ويسر بعد أن كانوا يصارعون الموت ويتجرعون العناء من أجل الوصول إلى قراهم ومساكنهم التي تقع على مرتفعات جبلية وتفتقد لأبسط مقومات الحياة..
وبفضل مواقع التواصل الاجتماعي تداعى شباب بني أحمد المغتربون داخل الوطن وخارجه فبذلوا أموالا من عرق جبينهم فيما كان آخرون في الميدان يناطحون الصخر ويقاومون حرارة الشمس ويشكون غياب الدولة التي تخلت عن أوجب واجباتها..
إن استكمال الشق وتعبيد الطريق الذي سيستفيد منه ما يقارب من 30ألف مواطن سيكون له ثمراته المستقبلية في إعادة روح الحياة إلى تلك المناطق الخلابة وسيسهل الوصول إلى تلك القمم الشامخة والمتشحة بالخضرة والجمال وإبداعات صنع الله، وسيعمل على ايجاد بنية تحتية وتوفير خدمات صحية وتعليمية وتنموية تجعل المنطقة قابلة للحياة وجاذبة للسياحة والاستثمار..
هي نقطة مضيئة وخطوة نادرة وتعبيرعن ولاء وطني خالص يجسده أبناء بني احمد الذين تخلوا عن الانتماءات الضيقة وسجلوا أروع مبادرة استحقت أن تستحوذ على إعجاب المتابعين وأخذت بعض المناطق التي تعاني من غياب مشاريع الدولة تفكر بجدية في نقل التجربة والاستفادة منها..
إن خطوة كهذه لهي جديرة بالاهتمام والتشجيع وبالرغم من نطاقها الجغرافي المحدود إلا أنها تحمل في طياتها رسائل ذات أبعاد وطنية وسياسية. ولعل الرسالة الأهم التي تصل إلى الجميع من وحي هذه الخطوة تقول: لئن تكاثرت أوجاع الوطن وتنكر له بعض أبنائه إلا أن هناك من يبعث التفاؤل ويرنو للمستقبل ويفتح نافذة للأمل ويزيح جزءا من عتمة هذا الليل الملبد بأحلك الهموم...
هي دعوة لوسائل الإعلام التي أسرفت في تغطية الجوانب السياسية وواكبت-مشكورة- كل الأحداث أن تفسح ولو مجالا بسيطا لنوافذ الخير ورسائل الأمل من خلال تخصيص مساحة يسيرة في المنابرالإعلامية لهذه المبادرة المشرقة في زمن قلت فيه المبادرات...