ناطحة غباء

2015/03/24 الساعة 12:14 صباحاً

أغبى خبر طلع ضد ميليشيا الحوثي منذ غادرت صعدة وبدأت الإستيلاء على البلاد هو خبر طلع اليوم.

يقول هذا الخبر الغبي إن "اليمن" طلبت رسمياً من السعودية ودول الخليج ارسال قوات درع الجزيرة الى أراضيها لمواجهة الحوثي!

من هي "اليمن" التي "طلبت رسمياً" من السعودية والخليج التدخل عسكرياً في أراضيها؟ الخبر يشير كما هو واضح الى الرئيس هادي. لا أعرف إنْ كان هادي قد طلب فعلاً من السعودية والخليج التدخل العسكري في بلاده. لكنْ إنْ فعلها، فهو... ماذا؟ المعذرة، لا أجد وصفاً.

وليت الأمر توقف هنا: هناك من يناشد السعودية ودول الخليج بالتدخل عسكرياً في اليمن، هناك من يقترف مناشدات كهذه فعلاً وبكل راحة بال. وهناك أيضاً من ينشر صوراً لقوات ويقول إنها قوات درع الخليج قادمة الى اليمن. وهناك من يقوم بكل هذه الأمور مجتمعة وفوق هذا كله يعتقد أن خبراً كهذا سيخيف الحوثي ويقض مضجعه!
إن هؤلاء يكشفون لنا أن الغباء ليس طبقة واحدة، بل يتكون من عدة طبقات:

أولاً، من الغباء أن يستدعي أي طرف محلي في بلد ما تدخلاً عسكرياً خارجياً لمساندته ضد طرف محلي آخر ولاسيما إذا كنت تتهم هذا الطرف بالعمالة لدولة أجنبية وهو في المقابل يتهمك بالأمر نفسه.

ثانياً، من الغباء الاعتقاد أن درع الجزيرة سيتدخل عسكرياً بسهولة في اليمن.
وإذا افترضنا أن السعودية جازفت وفعلتها، فمن الغباء التفكير أن درع الجزيرة سيحسم الحرب لصالحه وصالح خصوم الحوثي، وهذا ثالثاً.

ورابعاً، إذا افترضنا أن درع الخليج ساعد خصوم الحوثي على الانتصار، وهو أمرٌ مستبعد، فهذا النصر المستبعد لن يشكل نصراً على الحوثي قدرما سيشكل هزيمة لخصومه، إذ سيجعل من الحوثي قوة وطنية في مواجهة عدو خارجي وعملاء.
وخامساً، وسادساً، وسابعاً،..

يمكنني الاستمرار حتى الصباح في تعداد طبقات الغباء التي ترتص واحدة فوق أخرى في هذا الخبر مشكلةً ناطحة سحاب من الغباء الخالص، الغباء الذي تتوّجه في الأخير "طيرمانة". ماهي "طيرمانة" الغباء هذه؟ إنها الإعتقاد بأن هكذا خبر قد يشكل مادة جيدة في المواجهة الإعلامية مع الحوثي!

أنتم بهذا تقومون بالتحشيد والتجييش للحوثي، وأخطر من هذا أنكم تخيطون له بأيديكم مظلة الشرعية الوطنية في مواجهة التدخل العسكري الخارجي وتنسجون لأنفسكم سروال عمالة لا يستر عوراتكم.

تتهمون الحوثي بأنه عميل لإيران وينفذ أجندتها في اليمن والحوثي يتهمكم بأنكم عملاء للسعودية وتنفذون أجندتها في اليمن. وكلاكما محق: هو محق في كونكم عملاء للسعودية وأنتم محقون في كونه عميلاً لإيران. لكن الفرق بينكم وبينه أنكم باستدعائكم درع الجزيرة تثبتون بأنفسكم على أنفسكم العمالة التي يتهمكم بها وتسقطون عنه بأنفسكم العمالة التي تتهمونه بها. فمهما بلغت عمالة الحوثي لإيران، ومهما بدت هذه العمالة واضحة للعيان، إلا أنكم باستدعائكم للتدخل العسكري الخارجي ضده، تغسلونه غسلاً من العمالة وتظهرونه وطنياً. إنكم تمنحونه هدية تاريخية كبرى باستدعائكم لأي تدخل خارجي، فما بالكم حين يكون هذا التدخل سعودياً!

إذا أجبركم الحوثي على قتاله فقاتلوه كقوة يمنية، أو استسلموا وسلموا له البلد باعتباركم قوة يمنية مغلوبة، فهذا أشرف لكم بكثير من استدعاء درع الجزيرة.
ياخصوم الحوثي،

باستدعائكم درع الجزيرة، لن تنتصروا على الحوثي بشرف وطني إنْ انتصرتم، ولن تنهزموا أمامه بشرف إنْ انهزمتم. أما هو، فسيخرج في الحالتين بشرعية وطنية ومكسب تاريخي كبير حتى وإنْ أوصلكم درع الجزيرة الى مران وقتلتم عبدالملك الحوثي هناك.