يتحدث الحوثي وصالح عن الوحدة ومحاربة القاعدة في مناطق مثل تعز ومأرب وعدن وغيرهم دون وجه حق أو شرعية دولة وبمنطق وصاية على بقية اليمنيين لا منطق فيه ولا يمكن للآخرين قبوله.
عندما اسقط الحوثي الدولة ومؤسساتها سبتمبر الماضي واستكمل في يناير، صارت اليمن بلا دولة فلا رئيس جمهورية ولا وزراء ولا مؤسسات تعمل بعد ما حلت محلها اللجان الشعبية في ابسط وظائف الدولة مثل توفير الأمن وفض النزاعات بين الناس، وهذا توجه لافت من جماعة الحوثي التي كان يمكنها لعب دور الدولة من خلال مؤسساتها لكن عقلية الميلشيا لم تستطع استيعاب هذه الفكرة.
بعد اسقاط الدولة ومؤسساتها تحولت اليمن لساحة جغرافيا بلا سلطة سياسية تضبط سكان هذه المساحة الجغرافية وبالتأكيد الحوثي وصالح بإسقاطهم مؤسسات الدولة لا يمتلكوا حق لعب دور الدولة متجردين من ابسط رموز الدولة وشرعيتها، وبشكل طبيعي تحولت المساحة الجغرافية الخالية من الدولة باعتبارها تجمع مصالح الناس وتحمي الحد الادنى من وجودهم الطبيعي إلى ساحة اقتتال اقليمي لا وجود لليمنيين فيه إلا كضحايا ومقاتلين بالوكالة.
غياب الدولة يعني تسيد قانون الغاب وهو البقاء للأقوى كما يحاول الحوثي وصالح ودخلت السعودية لخط اثبات إنها الاقوى في معادلة الغابة التي لا تحكمها شرع وقوانين، لكن هناك بديهيات تعطي حقوقاً. فلا يحق لتكوين عصبوي منحصر تمثيله بمنطقة معينة وهي صنعاء وشمالها بما يعنيه هذا الانتماء من حمولات مذهيبة وسلالية السيطرة على مساحات جغرافية خارج تكوينه وادعاء الحق فيها.
من هنا يحق لأبناء عدن وتعز ومأرب الدفاع عن أرضهم ومنازلهم من اطرف معتدية جاءت من مناطق جغرافية أخرى للسيطرة عليهم دون وجه حق ولا شرعية دولة، لكن ما لا يحق لأبناء هذه المدن هو خوض المعارك بنفس منطق الحوثي وصالح بذات العصبية المناطقية، بذات الحشد الجهادي الديني الذي لا يخلو من عصبية طائفية مقيتة.
هذه الفكرة سوف تجعل من المقاومة فعل يتجاوز العمل المسلح في منطقة ما ليشمل جميع اليمن ويضغط على الحوثيين وصالح اكثر لكن المقاومة كرد فعل بدائي على التكوين البدائي العصبوي المشوه والبغيض الذي يمثله صالح والحوثي. الارتقاء بفكرة المقاومة لحالة وطنية عامة سيخدمها في خلق حالة اصطفاف شعبي داخل مناطقها وخارجها ويجنبها الانقسام والشراء السهل للولاءات.
فمثلاً استطاع صالح والحوثي ولأسباب اجتماعية وتاريخية كسب مناطق بتعز كان فيها تواجد لعكفة الإمام وعماله مثل الجحملية وحوض الأشرف،لأن المقاومة اخذت طابع القتال ضد الزيود وأهل مطلع بينما تراجع الحس الوطني في مقاومة لأجل يمن تقوم فيه دولة عادلة لكل ابنائه.
سوف يتراجع الحوثي وصالح بشكل أو بآخر من هذه المناطق في وقت من الأوقات، لأنها تظل في النهاية مناطق مرفوضين فيها اجتماعيا وتوسعهم فيها ليس لسبب سوى جعل هذه المدن وأهلها اوراق تفاوضية رخيصة في لعبتهم السياسية الحقيرة والمنحطة.
المقاومة بذات منطق الحوثي سيكون أكبر مكسب للحوثي وسبب قوى لبقاء هذه الحركة المحكومة بالفناء مع أول خطوة للمستقبل وبناء الدولة. المقاومة بمنطق الجهاد الديني ضد الروافض رداً على جهاد الحوثي ضد الدواعش لا يعني سوى خلق مكونات دينية متطرفة معادية للحوثي وللدولة أيضا حتى لو كانت دولة في كيلومتر مربع واحد.
المقاومة بذات النفس المناطقي تعني تقسيم اليمن وتقسيم اليمن يعني المزيد من التدخل الخارجي ومزيد من الحركات الدينية الظلامية ومزيد من الفوضى والتعقيد، فكل المشاريع المناطقية المطروحة هي مشاريع سلاطين متشحين بالدين لا وجود لفكرة الدولة الحديثة العادلة في مفاهيمهم.
المقاومة فرضت على الناس وهي حقهم الطبيعي ضد غزوة الحوثي وصالح لكنها لو استعارت ادوات صالح والحوثي من مناطقية وتطرف ديني واستقواء بالخارج، فهي سوف تسقط بوحل لا قاع له ولا يقل اتساخاً عن الوحل الذي يغرق فيه تكوين الحوثي – صالح.