جمال بن عُمر .. الموظف تسعة واحد واحد!

2015/04/28 الساعة 08:26 مساءً

اليوم قال جمال بن عمر إن التدخل العربي في اليمن أفشل الاتفاق السياسي الذي كان قاب قوسين من التوقيع النهائي!

لا يمكن أن يكون جمال بن عُمَر ضعيف الذاكرة. أيضاً لن يجازف بن عمر بالقول إن كل شيء، في الساعات التي سبقت التدخل العربي، لم يكن على ما يُرام. فقد كان عرّاب الأيام السوداء كلها خلال 37 زيارة. سقطت كل المدن في يد الحوثيين وبن عمر يأكل المندي وبنت الصحن في صنعاء. لم يصدر بياناً واحداً حول اجتياح واحد للحوثيين. وبعد اعتقال رئيس الجمهورية وإطلاق "الإعلان الدستوري" قال محمد الصماد، موفد الحوثي السياسي إلى صنعاء، إن كل ذلك تم بالتسيق مع بن عمر. وكان رد عمر على ذلك التصريح خجولاً ومرتبكاً بخلاف رده الحاد والكاسح على تصريح لمحمد قحطان، ممثل الإصلاح في الحوار، عندما قال الأخير أن بن عمر اتفق مع الحوثي على مجلس رئاسي.

وفي 36 زيارة قال بن عمر إن كل شيء على ما يُرام. في الزيارة السابعة والثلاثين ارتبك بن عُمر ثم قال "اليمن يقترب من حافة حرب أهلية". وكلمة "يقترب" تعني أن اليمن كان يركض، ويركض منذ زمن، وها قد اقترب. غير أن بن عُمر لم يستطع خلال 36 زيارة رؤية اليمن الذي كان يركض تجاه "حافة" الحرب الأهلية. كان بن عمر معصوب العينين، أو أنه لم يكن يفهم طبيعة مهمّته. ويمكن قول أمور أخرى.

على كل حال، هذه هي اللحظات التي سبقت التدخل العربي، وصفها بن عمر بأنها لحظات توقيع اتفاق نهائي بين القوى السياسية:
ـ بن عمر يتحدث إلى حميد الأحمر في التلفون ويقول له بيأس "لم نعد قادرين على فعل شيء، وكل ما أستطيع عمله أنا كأمم متحدة في اليمن هو أن أعمل كـ 911". وهو تلفون الإغاثات والطوارئ في أميركا! وعندما سأله حميد الأحمر "وما العمل إذن" غمغم بن عمر بكلمات قليلة وقال لا أدري، هذا هو الوضع. سأله حميد الأحمر: تقصد الآن يا أستاذ بن عمُر إن الحوثي معهم إيران وإحنا كل واحد يشوف له جهة تدعمه وندخل في حرب؟ وذهب بن عمر يغمغم وعاد وقال أنا أمم متحدّة، أعمل كميسّر. والآن أعمل كـ 911. ورد عليه حميد الأحمر: أعتقد إن الأمم المتحدة أكبر من ذلك، و 911 يمكن أن يقوم بها أي موظف في مكتبكم في صنعاء.

قال بن عمر هذا النهار إن تلك اللحظات التي سبقت التدخل الخارجي كانت لحظات الحل السعيد في اليمن!
ـ قبل التدخل العربي بأيام وضع رئيس الجمهورية تحت الإقامة الجبرية.

ـ قبل التدخل العربي بأيام وضعت الحكومة كلها تحت الإقامة الجبرية.

ـ قبل التدخل العربي أصدر الحوثيون "إعلاناً دستورياً" منحهم الحق في حكم البلد والرقابة عليها.
ـ قبل التدخل العربي هرب الرئيس إلى عدن، فاختطفت الميليشيا أسرته وأطفالاً من أسرته في طريقهم إلى عدن.
ـ قبل التدخل العربي أعلن الحوثيون نيتهم حل حزب الإصلاح والنظر في المشروعية السياسية لأحزاب أخرى، وقاموا بمناورة على حدود السعودية وقالت قناتهم الفضائية وصحفهم "على السعودية أن تتلقى الرسالة بشكل صحيح. راجع أرشيف صحيفة المسار".

وقال ابن عمر إنهم كانوا على وشك التوقيع على اتفاق عادل مع أحزاب سياسية قرروا حلها!!

ـ قبل التدخل العربي ألقى صالح خطاب "المنفذ الواحد" وطالب "المهرولين إلى عدن" بالخروج من اليمن عبر منفذ بحري إلى جيبوتي. وتوعّدهم بالملاحقة. وأرسل أول رسالة خارجية إلى عُمان بتوقيع "الرئيس اليمني علي عبد الله صالح". راجع أرشيف صحيفة اليمن اليوم.

ـ قبل التدخل العربي أعلن الحوثيون الرئيس هادي مطلوباً وأهدروا دمه وحددوا مكافأة لرأسه ب ـ"92 ألف دولار".
ـ قبل التدخل العربي أعلن الحوثي التعبئة العامة، ووضح أرقام حساب للتبرّع "للمجهود الحربي" . ألقى خطاب الحرب الأخير وأطلق على العملية العسكرية تجاه تعز ومأرب وعدن اسم "الفتح المؤزر". وانطلقت عملية "الفتح المؤزر" بالفعل، بلغت حد قصف القصر الرئاسي في عدن بالطيران.

ـ قبل التدخل العربي كانت كل البعثات الدولية قد هربت من اليمن وحذّرت كل دولة رعاياها وحتى الأميركان أحرقوا أرشيفهم وغادروا. وقالت كل مذكراتهم "الحوثيون سيعلنون حرباً عامة". ولم يبقَ في صنعاء سوى رجلين دبلوماسيين أجنبين: بن عمر، وسفير روسيا! إذا استثنينا السفير الإيراني!

ـ قبل التدخل العربي .. كان الحوثيون يجرون تعاقدات قتالية مع كل القبائل. وأغرقوا المدن بالمقاتلين أبو 30 ألف ريال في الشهر. وكانت كل التقارير والملاحظات ترى الآلة العسكرية للحوثي وهي تتعملق، وتكبر، وتتعاظم. وآخر الصفقات العسكرية التي استلمها الحوثيون في الدقائق التي سبقت التدخل العربي: سفينة سلاح روسية تحمل شحنة من 185 طنّاً من الأسلحة. شحنة أميركية اشترتها وزارة الدفاع بنصف مليار دولار تحوي طائرات ومعدات قتالية متطورة، وصلت الصفقة إلى يد الحوثيين "راجع تصريحاً لوزارة الخارجية الأميركية". فضلاً عن دعم عسكري إيراني سخي بمعدل 56 طائرة معدات عسكرية في الشهر! بخلاف الخبراء والتقانة، ومطار صعدة!

ـ وقبل التدخل العربي بأيام قليلة هرب وزير الدفاع من صنعاء إلى عدن وقال صراحة، كما قال أيضاً مستشاره: زارني أبو علي الحاكم إلى المعتقل! وقدّم إليّ خطة كاملة لاجتياح عدن وتعز ومأرب باسم الجيش، وعندما رفضتُ أبلغوا عبد الملك الحوثي فهاتفني غاضباً وهددني، وكانوا يصرّون على أن تتم العملية عبر الجيش نفسه. "راجع لقاء صحيفة المصدر بمستشار اللواء الصبيحي".
وقبل التدخل العربي بساعات:
سيطر الحوثيون على الضالع ولحج وعدن وانطلقوا إلى شبوة ونشروا كتائبهم العسكرية في تعز وقتلوا أكثر من 30 متظاهراً وغطوا تعز بآلتهم العسكرية والقناصين من الحوبان شمالاً حتى التربة جنوباً، ومن المخا غرباً حتى القبيطة شرقاً. بلغ انتشارهم في تعز حد وضع ثلالة قناصين في كل جولة، وملأوا عدن بالأنفاق.
وبدأت اللجنة الثورة، قبل التدخل العربي، في إعداد قائمة سوداء بالمطلوبين وأعرف منهم الكاتب اليمني مروان الغفوري، على سبيل المثال.

وفي تلك اللحظات تدخل الطيران العربي.

وقال بن عمُر: لقد أفسدوا اتفاقاً وشيكاً كان اليمنيون على وشك التوقيع عليه!

هاه؟ هل استيقظت ذاكرتك الآن، أم لا تزال في سرنمتك العميقة؟

يا لها من ساعات من السلام الإلهي المجيد تلك التي سبقت التدخل العربي.
أليس كذلك يا بن عمر؟

يا بن عمر، يا جمال بن عُمر.

أعلم أنك لا تملك سوى أن تقول إن كل شيء كان جيّداً، فالأمر يتعلق بالكارير الخاص بك. وإنك لا تجسر على قول الحقيقة الكاملة، لأنها حقيقة ممتدة ومعقدة، وسيسألونك "ولكن لماذا أخفيتها علينا كل ذلك الوقت". ومن هنا كان أقصر الطرق عليك أن تقول إن الآخرين أفسدوا مهمتك، وأنه لولا الآخرون لكان كل شيء الآن على ما يُرام.

وعلى كل حال، فقد أصبحت جزءً من الماضي. واستغنوا عنك أخيراً. وكان يمكن أن يُقال إنك أكثر رجل يعرف مشكلة اليمن، وأنها معقدة وبحاجة لتدخل رجل درس كل طقوسها وتناقضاتها. لكنهم عينوا رجلاً آخر. وأنت تعلم ماذا يعني ذلك. هارد لك، يا تسعة واحد واحد.


من صفحته على "الفيس بوك"