في تصريح لافت للنظر عبر أحد أهم مفاوضي جماعة الحوثي حمزة الحوثي عن قناعته بفشل مؤتمر جنيف و بشكوكه حول قدرته على تحقيق أي نتائج تصب في مصلحة اليمن, و هو التصريح الذي يظهر تحولا كبيرا في موقف الحوثيين تجاه هذا المؤتمر, فبعد أن كانت الجماعة و حليفها صالح من أهم المنادين بانعقاده و الداعين له أصبحت الجماعة ترى فيه فشلا مسبقا, و لربما يعود ذلك بشكل رئيسي إلى اختلاف مرجعيات و أهداف لقاءات جنيف المزمع عقدها خلال شهر يونيو عما توقعه و سعى إليه تحالف صالح/ الحوثيين, مدعوما بشركائهم الإقليمين و الدوليين - إيران و أمريكا - من أن يصبح حوار جنيف مكملا لحوارات موفنبيك صنعاء الأخيرة و التي توقفت بعد هروب الرئيس عبدربه منصور هادي من حصار مليشيات الحوثي إلى مدينة عدن, و أن يتم الحوار بدون أي شروط مسبقة و بأجندة مفتوحة و هو الأمر الذي تعذر تحقيقه خصوصا بعد الضغوط الدبلوماسية التي مارستها رئاسة الجمهورية مدعومة بالسعودية و حلفاءها حيث بعث الرئيس هادي برسالة للأمين العام للأمم المتحدة عبر فيها عن موقف القيادة الشرعية و القوى السياسية المساندة لها الداعم لأي مساعي جادة للحوار و مطالبتهم بتأجيل حوار جنيف و بذل مزيد من الجهود للإعداد الجيد له, و قد استجابت الأمم المتحدة لذلك و تحول مؤتمر جنيف إلى مشاورات جنيف بأجندة واضحة محددة حول آلية تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 و هو القرار الذي يقلص من التمدد الحوثي الصالحي على الأرض و ينزع منهم أهم أدواتهم و قواهم في التمدد العسكري الميداني.
و بهذا يكون انقلب السحر على الساحر و تحول مؤتمر جنيف من حوار يخدم مصالح مليشيات الانقلاب إلى مشاورات تلزم جميع الأطراف بالالتزام الجاد بكل ما تتفق عليه و ما اتفقت عليه سابقا, و هو الأمر الذي لم يعجب الكثير من قيادي الجماعة فظهرت أصوات تعبر صراحة عن توقعها لفشل المؤتمر مثل حمزة الحوثي و مثل عبد الملك العجري الذي قال عن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بأنه لا يصلح إلا للمهام الإنسانية و ذلك خلال آخر زيارة للأخير لصنعاء و إبلاغه للجماعة بآخر مستجدات مؤتمر جنيف.
و لا تبدو خطوات التصعيد الأخيرة على الحدود السعودية إلا محاولة لعرقلة مسار مباحثات جنيف السياسية بدون الوقوع مباشرة في شبهة عرقلة الحوار السياسي أمام المجتمع الدولي, من خلال توقع ردة فعل عنيفة من قبل السعودية تؤدي لفض أي حوارات.
لا تبدو مشاورات جنيف بالضرورة كحل حاسم للوضع اليمني الراهن لكنها تظل خطوة إيجابية صحيحة في العمل الدبلوماسي والسياسي بالتوازي مع استمرار المقاومة على الأرض و الاستعداد للحسم العسكري في حال لم ترضخ جماعة الحوثي وتعلن في جنيف انسحابها من جميع المدن التي غزتها و على رأسها العاصمة صنعاء و التعهد بتسليم كافة الأسلحة المنهوبة من الدولة و غيرها بحسب الآلية التي سيتم الاتفاق عليها خلال المشاورات.
بقلم : مبارك البحار