قبل أربع سنوات وتحديداً مع احداث 2011م كتبت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بأن علي عبدالله صالح رجل يكن الأحقاد بداخله ورحيله ضربه مؤلمة لغروره.. إلا انه يترك خلفه كأساً مسمومة ستحقق له الانتقام الذي يسعى إليه .
يا له من تنبؤ عظيم استبقت إليه الصحيفة في بعد نظرها لما سيحمله الزمن القادم من متغيرات اتجاه الدولة.. في افراغ علي صالح كل انتقامه من خصومه السياسيين والشعب بشكل عام .
ها هو علي صالح .. بغطرسته وخبثه .. بظلمه وعبثه .. يجرع الشعب كؤوس وفيرة من العذاب الأليم.. ويفرغ من روحه حقده الدفين ليس فقط على خصومه السياسيين.. وانما على الشعب كل الشعب .
لقد استطاع علي صالح ان يحقق كل انتقامه تحت غطاء الحوثي.. عندما فتح لهم أبواب المحافظات ، ومنحهم زمام الأمور. باستخدام نفوذه في مفاصل الدولة.. وقوته العسكرية والشعبية بمختلف المحافظات.. وهو ما سهل للحوثيين الى الإسراع بخطواتهم الغبية للسطو على الحكم بطريقة متغطرسة وغير شرعية ومقبولة.. مما ألحق الدمار والخراب . وفتح باب الصراع والاقتتال على اعتاب الدولة .
ما ان برز الحوثي الى الملأ.. حتى رأى نفسه امام عالم آخر.. واصبح شيئاً من لا شيئاً. وهو الأمر الذي استند إليه الحوثيين في السيطرة على زمام الأمور ،، وإحداث موجات غير متوافقة مع بناء الدولة المطلوبة.. نتيجة القوة الصارمة التي يمتلكها والنفوذ الكبير الذي منحهم إياه صالح لغرض مصلحته الأساسية والرئيسية .
لم يعي الحوثي مجدداً ان خطواته المتسارعة .. وتحالفه مع صالح تسقطه تدرجاً نحو مستنقع الانهيار .. والهرولة نحو المجهول .. دون مشروع او رؤيا واضحة لطريقة الأسلوب الذي يتخذه سبيلاً لتحقيق اهدافه الجوفاء التي لا أساس لها من الوجود .
لقد ارتكب الحوثي خطأ فادح عندما رمى بنفسه وبجميع اوراقه في حضن وطاولة صالح.. بمجرد تفكيره بركب الموجة. والسطو على زمام الحكم كما يحلو له الواقع.. بطريقة غبية وهزلية .
عندما فُتحت العاصمة صنعاء للحوثيين دون وجود أي ردة فعل او مقاومة من أبناءها بطبيعة المنطقة الجغرافية الحاضنة لهم غير بقية المحافظات.. وبعد ما أخذ صالح ما يريده من أهداف كان يسعى ورائها وحقق معظمها من خلال الحوثيين.. كان في ذلك يدرك ان التحالف مع الحوثيين لم ينتهي بالشكل السلمي والتفاهم الودي وتبادل الانتصارات والاهداف الجسيمة.. فاستبق الحدث حتى لا يكون هناك أي مردود انقلابي او ما شابه من عمليات لركب الموجة.. كونه الداعم الاساسي بمختلف الجوانب.. مما دفع بهم نحو المدن الرافضة لمشروعهم..وذلك لإحراقهم ، وإنهاكهم ، وتفتيت نسيجهم الاجتماعي .
وهو الأمر الذي انعكس جليلاً.. بعد توسع نطاق العملية نحو اجتياح المدن. وتجريع المواطنين من كأس الخراب والدمار .. حتى رأى الحوثيين أنهم امام تحول جديد .. من تاريخ مشوارهم الخبيث . مما أحدث تغييراً جذرياً في معادلة الأزمة . وفتح صفحات الانتقام ، وإقصاء الآخر .. وهو الأمر الذي استخدمه الحوثيون على مستوى القرارات والتعيينات الوظيفية في إقصاء اتباع صالح وحزبه وعدم الاعتماد عليهم في بعض المنعطفات والتحولات التي يتجه نحوها.. كون الحوثي الطرف الوحيد امام الجميع والمسبب في انهيار البلد. وهو اللاعب الأساسي في جبهات الاقتتال. مع الإدراك انه لا شيئا في ظل وجود صالح واسناد قوته ونفوذه في كل أرجاء البلاد .
لربما يمكننا القول ان عملية عدن التي بدأت لتطهير المدينة من الحوثيين واتباع صالح بمختلف الأسلحة النوعية والمقاتلين ذو التدريب العسكري القتالي .. انما ذلك دليل على وجود فجوات متفاقمة بين المتحالفان على تمزيق البلد. مما استدعى الأمر الى شل حركة الحوثي عبر انسحاب قوة صالح من المدينة بشكل غير معلن.. مع الإمكان وبدون شك من وجود خط رجعة لعلي صالح للمحافظة على ثقله السياسي والعسكري وعلاقاته الدولية .
ان علاقة صالح بالحوثي باتت أشبه بموجة عاصفة في شاطئ الأحداث.. مما أصبح تحالفهم الخبيث لتمزيق البلد في مهب الريح ، وبات يمثل تدحرجاً نحو اعتاب الازمة الحالية ، وتغيير لموازين القوى.. وقلب الطاولة ، وخلط الأوراق.. وهو ما حدث جليلاً.. وما لاحظناه خلال الأيام الماضية من الحرب الدائرة في البلاد .
من لم يتعلم الدرس بعد على بساطته !!؟
[email protected]