نموذجان : صبر وبني حشيش

2015/08/02 الساعة 12:29 صباحاً

هل قلت لأصحابك إنك تسيطر، بالحساب الجغرافي، على مساحة 0.005%من مساحة تعز. بالتقريب إلى رقم عشري بسيط: 0.01% . أخبرهم، قل لأصحابك هذه الحقيقة. قل لهم إن محافظة مترامية الأطراف في يد أهلها الطيبين، وأنك تتواجد في منطقة مكشوفة في المطار القديم وما حولها وعند المدخل الشمالي للمدينة. ولا تتواجد في أي مكان آخر بالمرة في محافظة تمتد من البحر الأحمر إلى تخوم البحر العربي. 

حسنا: أنت مختبئ في المخأ. يجب أن لا ننسى هذه المعلومة. ومن وقت لآخر يتحول مقاتلوك إلى جثث، ثم هباء.

 

لماذا فعلت بأهلك كل ذلك؟

ماذا كنت تريد يا عبد الملك الحوثي؟

 

المُلك؟ أكنتَ لتصدق أنه بمقدور الشخص في العام ٢٠١٥ أن يخرج من الجبل ويدخل المدن ويعلن نفسه ملكاً على عشرات الملايين وأمام العالم، وأن تمضي هذه العملية إلى منتهاها هكذا بيسر؟

الرمال تتحرك من تحت قدميك وأنت لم يعد لديك الكثير لتقدمه. خياراتك الاستراتيجية مكشوفة: أن تحول ما تحت يديك من المحافظات الشمالية إلى شكل جديد من أشكال "الجمهورية العربية اليمنية" وأن تؤسس جماعات إرهابية صغيرة تحت نظرك. أي حتى يتسنى لك القول: إما أنا أو هذه الجماعات المتطرفة.

حسناً:

 

رأيناك تختار المساكين من البهرة قبل أيام لتدشين هذا الخيار الاستراتيجي. ويبدو أنه لم يكن ناجحاً كما توقعت. ذلك أن الأحداث تجري بسرعة ولا تسمح لأحد بالتقاط صور تذكارية لخياراتك الاستراتيجية. ربما تعيد الكرة مرة أخرى غداً وفي صنعاء. افعلها في صنعاء، فلا توجد حالياً كاميرات سوى في صنعاء. لن تنجح العملية. ذلك أنك قد مارست أعلى درجات الإرهاب الممكنة. ولا توجد عملية إرهابية أكثر قذارة وإجراماً من تدمير الدولة وتفكيك السلم الاجتماعي. مهما حدثت من عمليات إرهابية تحتها فإن "العملية الإرهابية الكبرى تهيمن على ما هو أصغر منها". هذه قوانين رياضية يا جعنان، ثابتة وصلبة مثلها مثل إن الشمس تطلع في النهار وأنك تفتقر لما يكفي من العقل.

 

الرمال تتحرك من تحت قدميك يا عبد الملك، والكهف ميراثك الوحيد، وقد تفقده.

حسناً..

 

تتذكر وفدك إلى جنيف قبل شهر. رأينا الغرور والكبرياء في ملامحهم حتى إنهم رفضوا النزول من الأوتيل ولم يدخلوا مبنى الأمم المتحدة. قالوا صراحة: نحن منتصرون والأرض لنا فعلى ماذا نفاوض.

ولم يمض سوى وقت قصير حتى كنتَ تستغيث تطالب الأمم المتحدة بحماية جماعتك.

أذكرك بهذه الأمور لأنك تنسى بسرعة، ولأنك لا تملك من العقل الحديث والأخلاق الحديثة ما يكفيك.

ذهبت جماعتك يتبخترون في شوارع جنيف كأنهم حازوا كأس العالم! أو جابوا جول في الجزائر.

الرمال تتحرك من تحتك، ولم تعد قادراً على فعل شيء. كل صنيعك الآن هو أن تحتفظ بالأماكن التي تتمترس فيها تشكيلاتك العسكرية في المدن وتسوق ما بقي لديك من رجال إلى الفناء معصوبي العينين.

أخبرني طبيب قبل يومين عن سبعة حوثيين في صنعاء قدموا من لحج. قدموا إليه بوصفهم جرحى، ولم يكونوا جرحى. كانوا يعانون من همدان وتعب وسخونية ربما بسبب حمى ضنك. حمدوا الله أمامه لأنهم نجوا من المذبحة في لحج. قال الطبيب: أخبروني بذهول عن كيف كانت المقاتلات الحربية تحرق المزارع والمنحدرات التي يختبئون فيها ولا تبقي فيها شيئاً.

 

إنها محرقة كبيرة خلقتها يا عبد الملك لأصحابك.

قبل يومين دون ناشط في صفحته مشاهداته من جنازة حضرها في بني حشيش. في الجنازة وقف أحد الشخصيات الهاشمية وألقى كلمة في الحاضرين. شكر الرجل مديرية بني حشيش لأنها قدمت، بحسب كلمات الرجل، ٣٧٠٠ شهيداً حتى الآن. رحت أبحث عن موضوع بني حشيش ديموغرافياً وتاريخياً وثقافياً فوجدتها مديرية لايزيد سكانها عن ٧٥ ألفاً. يسيطر عليها متطرفو الهاشمية ويعزلونها عن كل العالم. مؤخراً استخدموها خزاناً بشرياً وراحوا يحرقون أبناءها في كل اليمن مثل حنطة الشتاء.

 

وذلك هو المشروع الوحيد الذي يقدمه مخصي مرّان، المخلوق الذي لا يملك ما يكفي من العقل