إِ .
يا خادم الحرمين الشريفين : صعدة هي أرضىي فيها وُلِدْتُ وترعرعتُ ، لحمي ودمي وعظمي نبت ونما هناك ، ولم أخرج منها إلا مُكرها ومهاجراً فاراً بديني وكرامتي .
لكنني إلى اليوم ياخادم الحرمين ونفسي تتوق إلى معانقة جبالها واحتضان سهولها ، ولازلت أتلفت إلى من يأخذ بيدي إليها .
ست سنوات وتزيد وأنا مُهَجر عن داري وأهلي ووالدي ووالدتي ولوكنت بالقرب منهما لخدمتهما وغسلتُ قدميهما
ست سنوات وتزيد وانا غائب عن منبري الذي كنتُ اخطبُ فيه عن السماحة وصيانة الدماء ونشر العلم ومكافحة الجهل .
ست سنوات غيبتنا عن أرحام و أصهار و أصدقاء ماكنا نُطيق فراقهم ولا كانوا يملّون من الجلوس معنا .
ست سنوات كلها عجاف ملئية بالوقائع المُرّة كلها تهجير ونُزوح وهجرة وغُربة وأخبار غير سارة .
ست سنوات رُزُقَتْ فيها الأسرة مواليد لم أراهم ولا هم يعرفونني وغاب عن الدنيا أقارب وأصدقاء لم أتمكن من توديعهم أو تشيعههم والصلاة عليهم .
ست سنوات وتزيد وأنا بعيد عن مزرعة والدي المتواضعة التي كان يُطعمنا من من عنبها ورمانها وأطايب ثمرها .
ست سنوات وربيع صعدة الخضراء يأتي وتنجلي أطرافه لا الطل طلي ولا الأزهار أزهاري .
ست سنوات و لازال قلبي يركض نحوها وبصري شاخص لايتحول عنها .
أُسامر نجم الليل وتمر بي جميع الذكريات وتطوف بي المشاهد كلها .
لكنني مع هذه الحميمية والتعلق الكبير بها اقتربت من اليأس نعم إقتربت من اليأس ياخادم الحرمين الشريفين وظننتُ أن لا عودة إليها ولا سُكنى فيها ولا طريق نحوها .
لكنني فجأة ولله الحمد والمنة ولك جزيل الشكر والتحية وجدتُها ، وجدتها بعد شبه يأس ، ووجدتُ ريحها وشممت عَبَقَهَا
وجدتُ صعدة كلها وجدتها في قلبك يا ملك العرب في حديثك وجدتها في نظراتك في تحركاتك في سياساتك في قراراتك في مشروعك في همك في همتك في حزمك في أملك
لم أعد أشك في عودتنا إليها وصلاة الشكر على أراضيها
فمن أعاد عدن إن شاء الله سيُعيدها ومن حرر العند سيُحررها .
بعون الله ثم بجهدك وعزمك ستعود صعدة لأبنائها وسيعودون هم إليها
إني لأجد ريحها لأنك سلمان ولأن سلمان منا أهل اليمن ... وفقك الله وسددك وبارك في عمرك .
صعدة وإن أغفت على أحزانها ....
حينا وطال بها التبلد والخدر
سيثور في وجه الظلام صباحها ....
حتما ويغسل جدبها يوما مطر .
# كتبه إبن صعدة : محمد بن عيضة شبيبة .