=ء=============
بقلم: عبدالرب السلامي
أهمية تعز في الشمال كأهمية عدن في الجنوب، فهي الحاضنة المدنية للشمال كما أن عدن هي الحاضنة المدنية للجنوب..
اذا كانت عدن هي بوابة التحرير والاستقلال التي يتقرر على أعتابها مصير اليمن جنوبه وشماله، ومصير علاقة اليمن مع المنطقة والعالم.. فإن تعز هي بوابة التغيير التي يتقرر على أعتابها مصير النظام السياسي والاجتماعي في اليمن ومصير العلاقة بين الدولة والمجتمع ومصير الثورة والسلطة!
هذه الحقيقة أدركها الطغاة قبل الوطنيين منذ زمن طويل.. فالإمام يحيى وابنه أحمد كانا يدركان أن عصر الإمامة ستأتي نهايته من تعز، وعلي صالح وأولاده علمتهم ثورة 2011م أن نهاية عهدهم قادمة من جهة تعز، وها هو اليوم عبدالملك الحوثي وإخوانه، باتوا يدركون -بعد هزيمتهم في عدن- أن قاصمة ظهر مشروعهم السلالي ستكون بتحرير تعز!
تعز اليوم أمام تحدي كبير، يتلخص في مصير علاقة المقاومة بالتغيير، وهنا تكمن النقطة الفاصلة بين نوعين من المقاومة: المقاومة لاستعادة الدولة فحسب، والمقاومة لاستعادة الدولة وصناعة التغيير معا!
عناصر المقاومة في تعز -اليوم- هم أنفسهم شباب ثورة التغيير الذين خرجوا في الثورة السلمية عام 2011م، والمقاومة في تعز لا تزال إلى الآن ترفض عملية التسليم والاستلام، وترفض عودة عناصر النظام السابق من خلال بوابة المقاومة، وهذا ما يجعل الرؤية باتجاه مقاومة تعز مختلفة عن غيرها.. وبالتالي لا غرابة أن يتأخر الحسم في تعز الى هذا الوقت!
تعز اليوم تعيش مشكلة تأخير الحسم، وقد عاشت عدن مشكلة تأخير الحسم أيضا في الأشهر الأولى للحرب.. لكن سبب التأخير مختلف!
في عدن كانت الضغوط الدولية لتأخير الحسم بهدف إجهاض عملية التحالف العربي من جذورها، وفرض التعامل مع الأمر الواقع المفروض عسكريا على الأرض، وتحويل توصيف المعركة من حرب بين متمردين وسلطة شرعية مستعينة بالتحالف العربي الى حرب سعودية يمنية، وهو ما يعني أن التحالف العربي هو المستهدف بدرجة أساسية من تلك الضغوط، الأمر الذي جعل التحالف العربي يدخل في تحدي مباشر ويعزم على تحريك عملية السهم الذهبي لتحرير عدن رغم الخسائر المحتملة على مستوى العلاقات الدولية.
اليوم في تعز يتكرر مشهد تأخير الحسم، وتتكرر الضغوط الخارجية لمنع تحريرها، لكن الأسباب مختلفة بعض الشيء عن تلك التي كانت في عدن، ومستوى الاستجابة مختلف!
فالضغوط الجارية اليوم بشأن تعز لم يعد هدفها إسقاط التحالف برمته، فقد تحررت عدن وفي ذلك كفاية لحفظ ماء وجه التحالف وبعض مصالحه في اليمن بحسب تقدير بعض الأطراف الدولية، ولكن هدف الضغوط الجارية اليوم هو إيجاد إطار يحفظ للقوى الانقلابية وجودها في النظام السياسي القادم في اليمن!
في تقديري أن مبادرة ولد الشيخ الأخيرة تصب في هذا الاتجاه تحديدا، فهي في جوهرها ليست سوى عملية وأد ممنهجة للمقاومة الشعبية وحبل إنقاذ للانقلابيين ونافذة لعودة النظام السابق من بوابة التسوية السياسية..
من ناحية أخرى تأتي هذه الضغوط في ظل ضعف ملحوظ وغير مبرر في التنسيق بين قيادة المقاومة الشعبية في تعز وقيادة التحالف والقيادة الشرعية في الرياض.. مما يعني أن هناك مشكل ما في العامل الذاتي له علاقة بمسألة تأخير الحسم في تعز، الأمر الذي يضع القوى الوطنية اليمنية أمام مسؤلياتها التاريخية في ضرورة القيام بالتحرك الجدي مع السلطة الشرعية ومجلس التعاون الخليجي، للدفع باتجاه عملية دعم جدي للمقاومة في تعز، وتجاوز كل ما يمكن أن يبطئ الحسم..
إن التحالف العربي لا يزال معنيا بدرجة رئيسية بعملية تحرير تعز، فعملية الوأد الممنهجة للمقاومة التي يطرحها ولد الشيخ، هي في المحصلة النهائية عملية انقاذ غير مباشر لليد الايرانية في اليمن..
لهذا على المقاومة الشعبية في تعز أن تحافظ على تماسكها الذاتي من جهة، وتتحرك مع الأطراف الثلاثة الشريكة: التحالف العربي والسلطة الشرعية والقوى الوطنية..
وسيظل اليمانيون في انتظار سهم ذهبي جديد به تتحرر تعز بإذن الله، وبتحريرها ستكون اليمن على أعتاب مرحلة تغيير سياسي واجتماعي جديدة، ويومها فقط نستطيع الحديث عن سقوط المشروع العصبوي في اليمن.
14 أغسطس 2015م