تعز المدينة التي لا تُقهر

2015/09/03 الساعة 01:23 صباحاً

كانت ولا تزال وستظل تعز مدينة تنشد السلام ، تزف بشائر البهجة والسرور ، وتعزف على إيقاع الوطن لحن النضال والصمود .

تتألق في جَنس الأصالة ، وتتكئ على طلائع العلم والمعرفة ، وتتسلق عتبات المستقبل بكل عزيمة وإرادة .. تتحكم بتدفق الأمواج المُقلقة والعاصفة ، وتبحر في شاطئ الأفكار العميقة ، وتحلق في فضاء الكواكب الإبداعية .

ترتدي ثياب التحدي ، وتتقلد وسام الشجاعة .. تندمج في ضلوعها حبر القلم مع بارودة النضال ، وتنذر بروح المقاومة آيات الكفاح ، ومواعظ الاحسان لقدر الحالمة .

ضلت تلك المدينة تنسج خيوط الصمود والعزيمة .. في مختلف المجالات وعلى كافة الاصعدة في أرضها وفي كل بقاع الوطن .

سلكت طريق المقاومة.. وعبرت حدود التحدي والنضال الوطني المشروع في الدفاع عن الدولة وعن المدينة في وقت خضعت أم المدن ، وأعلاها عُلواً وتضاعفاً.. بطبيعة المنطقة الجغرافية الحاضنة للمشروع المذهبي .

مدينة أذهلت الجميع بصمودها ،، قدمت نموذجاً هادفاً في الكفاح والنضال تحت راية الوطن. أقبلت على جناح التوحد. ومعانقة القدر المكتوب في سبيل الدفاع عن كرامة تعز .. وكل اليمن

لقد قدمت تعز أروع البطولات ،، وضربت أروع الامثلة ، وجسدت روح الدولة .. والحفاظ على شرف الوطن من استباح مليشيا الحوثي وصالح حرم السيادة ، وكرامة الشعب.. وذلك عندما رُفعتّ راية المقاومة صوب الصمود بإمكانية ضئيلة مقارنتا بالإمكانية الذي يحتضنها ويستخدمها الحوثي وصالح في حربهم الاستنزافية من تعز والوطن بشكل عام .

حشدت المليشيا كل قوتها.. لعلها تستطيع ان تغير من الواقع شيئا جذريا.. بعد ما استسلمت لما يجري على الأرض بخصوص تعز.. وايقنت تماماً أنها أمام روح قتالية متحجرة .. تتشبث بها ايقونة النضال ، ومزروع على وجناتها بذرة الخير والعطاء.

روح ترتدي ثياب الصمود ، وتتعطش زخم الخلود ، وتستبدل سذاجة التراجع بأدبيات التقدم والهجوم.. مدينة لا تقهر ، بل أنها تُقهر الخصم . ولا يمكن لأي قوة أن يستضعفها مهما كانت تميل الى السلم والعلم. فإنها تستنسخ من مواعظها آيات السلم ، وتلاوة الصمود في ميادين القتال .

استفاقت تعز او بالأصح انتهت في الاسبوعين الماضيين من المحاور البدائية لمعركة مصيرية واستنزافية.. لتحلق فوق سماء النصر.. لتستطيع بذلك احراز تقدم نوعي في معظم جبهات القتال والمواقع الاستراتيجية .

اعادة ثياب الحياة على أرواح المدينة. وزرعت ملامح الابتسامة في وجنات الحالمة.. ادخلت اوجه البشرى في محارب الجميع.. رغم عدم استكمال المرحلة الأخيرة لحسم المعركة وتحرير المدينة بالكامل من جحافل التمرد.. إلا انهم يرون بذلك انتصار محقق ، وخطوة أولى نحو أعتاب التحرر الحتمي .

انتحرت المليشيا كلياً.. فقدت صوابها.. ان كان فعلاً هناك نوع من هذا المصطلح لديهم.. شعرت بانتكاستها ، واستشعرت بخطورة الوضع.. مما أقدمت على تعزيز بقوات كبيرة .

وقفت المقاومة التي تمتلك سلاحاً شخصياً حجر عثرة امام قوة عسكرية جبارة. قاومت تغطرس المليشيا. ومحاولاتهم البائسة.. جرعتهم مرارة الهزيمة . وكبدتهم خسائر فادحة في العتاد والافراد.

وصلت المليشيا مصرعها في استخدام آخر الأوراق لديها. مع استخدمها مسبقاً.. لكن الان بصورة عمياء ، وبشكل جنوني.. لجأت كعادتها الى تطويق الخناق على المدينة.. واعدمت مقومات الحياة الاساسية.. وذهبت تتمركز في تباب خارج المدينة.. لتفرغ خبثها وحقدها الدفين ، وهزائمها بقصفها على الأحياء السكنية .

ارتكبت بحق المدنيين مجازر مفزعة.. ذوقتهم مرارة العيش ، ومعاناة القهر ، وألم الوجع والجراح.. دون أي تجاوب يُذكر من القيادة السياسية حينها.. لأهداف وابعاد لم تتضح بعد.. لكن ذلك يعني تخاذل وسكوت ملحوظ ، وتقصير كبير امام جرائم تُرتكب بحق أبناء تعز اللذين وقفوا وصمدوا وما زالوا ضد المليشيا.

كل ذلك الحقد الغليظ ، والمشئوم.. وكل ذلك القصف الوحشي على المدينة.. وما تزال الحالمة واقفة شامخة كالجبال ، وصامدة صمود الابطال .. يا لعظمة هذه المدينة المذهلة ، التي استنسجت من صلابتها شيئاً مقدراً إلهياً.. ان الحالمة لا تُقهر ، ولا تستلم . ولا تستأصل من جسدها بذرة العطاء في سبيل الوطن ، وجوهر الوطنية المسكونة في روح المواطن .

الشيء الوحيد الذي استطاعت المليشيا أخذه من أبناء تعز.. أنها تلقنت دروساً قاسية بأدوار متخلفة.. وتعلمت جيداً فنون القتال ، والكفاح ، وضخامة الجوهر الذي يتعملق لأجله هؤلاء.. ويتسلق من شأنه رواد السلام والسلاح معاً.. وبلورت في ذهنها. ان وجد ذلك.. حكاية الاصرار التي وهبت لأهل تعز. في دفاعهم المشروع عن مدينتهم وعن الجمهورية !!

 

الى القيادة السياسية ،، ودول التحالف

مستشعرين ما تقوم به القيادة السياسية من خطى وابعاد سياسية.. وقيادة المقاومة ورجالها وكذلك المواطنين متفهمين لذلك الوضع الحتمي الذي يصب في صالح الوطن حاضراً ومستقبلا.. وكذلك تعز ومقاومتها.. تكن لقوات التحالف وعلى رائسها السعودية والامارات كل الشكر لما قُدمته من سند وعون لأهل اليمن وتعز خصوصاً.. مع ارتياحهم الشديد الى تطور الدعم المطلوب. وتكثيف الضربات الجوية. لتخفيف نوع من متاعب ابناء تعز ومقاومتها للتمكن من حسم المعركة بأقرب وقت ممكن.. ولست مشككاً من عدم تلمس ذلك الأمر من قبل القيادة السياسية ودول التحالف .!!

راكان عبدالباسط الجُــبَيحي

كاتب صحفي- يمني