------------------------ شفيع العبد
للجرحى، جراحات مفتوحة على الوجع، وأخرى تكشف حقيقة تعامل حكومة بحاح مع هذا الملف الإنساني، الذي ينتظر قليل من الإنسانية، تسهم في تخفيف أنات الجرحى ودموع أهاليهم. الجرحى الذين قدر لهم السفر للأردن الشقيق، لم يكن حالهم أفضل ممن يفترشون مطار عدن الدولي و تزدحم بهم مستشفيات المدينة التي تعيش في ظلام جراء الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي. من وصلوا للأردن، تعاملت معهم حكومة بحاح، بكرم باذخ، حيث أعتمدت مبلغ (25دولار امريكي) لكل مريض في اليوم الواحد، وعليه أن يتقاسمها مع مرافقه الشخصي الذي يسكن في فندق يبعد عن موقع المستشفى. الفنادق، حجزتها حكومة بحاح للمرافقين، دون أن تعتمد لهم ما يواجهون به نفقات المعيشة والتنقلات من الفندق والى المستشفى، مع علمها بأن الجريح ومرافقه غادرا بملابسهم الشخصية فقط. بعيدا عن الأردن، هنا في السعودية، يتواجد العشرات من الجرحى منذ شهور طويلة، لم يتمكنوا من الدخول للمستشفيات ولم يسأل عنهم أحد. الجريح عبدالله احمدعلي محسن، اصابته في العين اليسرى، حيث كان في جبهة (الجرباء بالضالع)، استشهد الى جواره المحامي محمد محسن العقله في ذات المكان. اربعة شهور مضت منذ وصوله للسعودية بمعية جرحى آخرين من محافظة الضالع-اصاباتهم في العيون- وهم (احمدعلي مساعد صبيره، علا معمر ناجي حمود السنمي، عارف فضل محسن علي الجندبي) لم يلتفت اليهم احد من حكومة بحاح ولجانها المتناسلة، رغم ترددهم اليومي على مقر عمل الحكومة في المبنى المجاور للسفارة اليمنية بالرياض. اضطر عبدالله لبيع ذهب زوجته واستدانة مبلغ اضافة لتبرعات وصلته من بعض المغتربين، ليتمكن من اجراء عملية جراحية واستخراج الشظايا حتى لايفقد عينه. تمت العملية التي كلفته ما يفوق الثلاثين الف ريال سعودي، لكن الأمر لم يتوقف هنا، ولم تكتمل فرحة عبدالله، الذي قيل له لابد من تدخل اخر لاصلاح الشبكية واستخراج ماتبقى من شظايا، وهذا يتطلب سفره دولة أجنبية لصعوبة اجرائها في السعودية، وعلى وجه السرعة حتى لايفقد النظر في العينين. لم يعد لديه ما يبيعه لإجراء عملية أخرى، رغم عدم رؤيته بتلك العين. جريح آخر من محافظة شبوة، "جلال سالم المرزقي"، اصيب في كتفه الأيسر، في جبهة المصينعة بشبوة. هو الآخر أضطر لإجراء عملية لاستخراج الرصاصة المستقرة في الكتف، على نفقته الخاصة وما حصل عليها من مساعدات من اخوانه المغتربين. عبدالله وجلال، مثالان للحالة الانسانية التي يعيشها الجرحى في اليمن وبلاد الشتات.