كان صوتُهُ يصدح والسّيل مُورِدْ!
صحيح أنّ البلدَ برمّتهِ غارقٌ في جنونِ الموت والقتل ، لكنّ قتلَ فنانٍ مع سبْقِ الإصرار والترصّد بعد أن غنّى حتى لقاتله! ..هو دليلٌ إضافي على عمق الهاوية التي تنحدر إليها البلاد!
في سنة ٢٠٠٤ عرفت نادر الجرادي .. كان في الثانية عشرة من عمره تقريبا .. جاء إليّ زائرا مع بعض أقاربه ..وعندما صدحَ صوتُهُ العصفوري الطفل مِلءَ المكان أذهلني!.. كان قوة وروح وحيوية وبساطة وجمال وادي بنا!
مثل سيل وادي بنا ..والسيل مْورِدْ!
..وأهديته عودا ..وغادر الطفل المكان سعيدا بالعود جذلانَ بالهدية المفاجئة .. ناثراً ورْدَ صوتِهِ وبهجة روحه النادرة ..
كبر الطفل وصار له طفلان. .توأم!
غنّى لقاتليه في حفلِ وداعٍ أخير .. غنّى كما لمْ يفعل من قبل!
مثل طائرِ بَجَعٍ أسطوري يشهقُ أغنيته الأخيرة..
وعندما لفظ أنفاسه كانت أهدابُ عينيه تُطبق على آخرِ طيفٍ لطفليه الرائعَين
لكنه لم يودّع طفليه التوأمَ..الوداعَ الأخير! ..كما فعل في حفل الموت!
ولمْ يُغنّ لهما أغنيةً أخيرةً قبل أن يناما. . قبل أنْ ينامَ هُوَ نومَتَهُ الأخيرة!