* بقلم : عبدالوهاب العمراني
يتفق أغلبية اليمنيون بأن التدخل السعودي في اليمن سلاح ذو حدين فبعد سبعة أشهر من عاصفة العجز كان بداهة بمثابة طوق نجاه لأعدا الداخل تحالف »صالح والحوثي« ، ومن جهة فأن هناك علاقة جدلية بين الإيقاع البطي سياسيا وعسكريا للقيادة الشرعية والتحالف من جهة قد قابلة من جهة أخرى معاكسة تخندق والتفاف شعبي مع الجلاد الداخلي واقصد تحالف » صالح والحوثي« ، فاليمنيون بين قتل مزدوج وحصار مزدوج عدوان داخلي وآخر خارجي وبهذا الثنائي لكلا الطرفين هما من يُنكل باليمنيون والذين يدفعون الثمن دموعا وعطش وتشريد لم يسبق له مثيل في التاريخ السياسي الحديث لهذا البلد فهذا الشعب المنحوس بحكامه قد دفع ثمناً غلياً لتلك السياسات الحمقاء وفي تراثنا العربي فقد قال علامة الاجتماع إبن خلدون بأن الطغاة يجلبون الغزاة
لقد كتب مقالة قبل شهور تتضمن شخصنه في الخصومة السياسية والبعد الانتقامي في نفسية ساسة اليمن ولاسيما »صالح والحوثي« وهادي ، فالرئيس السابق صالح« بالنظر للدهاء المعروف عنه والذي سخره فقط لايذا من يعارضه وبالتي أيذا اليمنيين عموما عندما حرص بداهة على تثبيت الرئيس هادي خلفاً له بالنظر لمعرفة شخصيته منذ تعيينه نائباً له غداة حرب 94 م ، فهذا هادي الذي اسماه آنذاك » الأيادي الأمينة« والذي حرص أن يكون مجرد محلل سياسي لرئيس من بعدي اسمه »احمد« ففي حقيقة الأمر سلمهُ رئاسة ولم يسلم سلطة ، سلمه خرقة ذات ثلاثة ألوان في حفل كرنفالي استعراضي ، ليس إلا « . !
وهكذا فأن قدر اليمنيين هو رئيس ماكر او آخر ضعيف ، وبينهما شعب يئن ويقتل على مدار الساعة !
لعل أوضح وأسهل قياس للرأي العام اليمني هو مواقع التواصل الاجتماعي وعلى سبيل المثال لا الحصر في مفردة آخر مقابلة للرئيس السابق فقد كانت تلك المقابلة محل جذب وشد وسِجالات عكست رأي عام غير حقيقي من جهة وواقع ملموس من جهة أخرى ، فكونه غير حقيقي فأن الكثيرون يخشون التعبير عن أرائهم بحرية كاملة بالنظر لحالة القمع الواسعة وكونه حقيقي ان الطابع العام مهما كانت الحريات مكبوته إلا أنها توضح مدى الهوة في المجتمع اليمني الذي فرقة الرئيس السابق غداة ثورة 2011 سياسيا بينما حلفائه الجدد الحوثيين قد قسموه جهوياً ومذهبياً ، وإجمالاُ فأن ذلك السجال حول المقابلة المشار إليها قد تمحور بين أغلبية منتقدة وشامتة ومستغربة وبين آخرين يمكن تصنيفهم بين مضلل وينقصه الوعى وبين متنخندق لكلاً الحليفين »صالح والحوثي« بالنظر لن مصيرهما واحد وخصمها واحد أيضا ، واللافت بأن هؤلاء المتخندقين بصنفيهم يعكسون رأى عام مظلل أيضا فالآلة الإعلامية للجهة المعادية للثورة اليمنية قد شوهت تلك الثورة وقلبت الحقائق وعزفت على وتر حساس هو سيادة وكرامة اليمني والتي هي مفقودة أصلاً فلا سيادة ولا كرامة ولا تنمية ولا تحديث فقط انشغال النُخب السياسية بترتيب وضعها السياسي في تنافس مفضوح بداء منذ وأد المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني التي يتشدق بها الجميع وينسفها الجميع في نفس الوقت .
وفي هذا السياق يمكن القول بأنه وبرغم انتشار وسائل الاتصال الاجتماعي وتيسر المادة الإعلامية عموما لأغلب سكان اليمن، إلا أن اليمنيين لم يستفيدوا حقيقة من تدفق المعلومات المتضاربة والمتناقضة وغدوا في حيرة من أمرهم ، بل غدت هذه الوسائل سهاماً ورماحاً لنشر ثقافة الكراهية ، لان الآلة الإعلامية بيد جهتين مسيطرتين على المشهد السياسي هما زعيم الفساد والانقلابيين، واللافت إنها مؤخراً نُمطت بلون واحد لا طعم له ولا رائحة.
يمن الحكمة غُيب منها أهل الحكمة وما كان يخشاه اليمنيون منذ اندلاع الربيع العربي قد حصل فقد كان أهل العربية السعيدة يتباهون بأن ربيعهم متميز رغم انتشار السلاح لدى اليمنيين وكانت ثورة سلمية ، إلا أن انقلاب 21 سبتمبر من العام الماضي قد خلط الأوراق فزاد من تفرق أيادي سباء وعاد باليمن للمربع الأول ، وانزلق اليمن للهاوية وفتحت عليه أبواب جهنم ، فالوضع بعد نحو سبعة أشهر من هذه الحرب أكثر تعقيداً ولا يلوح في الأفق حسم عسكري سريع ولا رؤية سياسية توافقية تنهي نزيف الدماء ، وفي الجملة يمكن القول أن المشهد اليمني لا يمكنك أن ترى كل أمر أو إشكال من زاوية واحدة، بل عليك أن تتفاجأ كل يوم بزاوية جديدة لكل قضية. اليمن يجمع فقر الصومال، وطائفية العراق ، وتنظيمات سوريا ، وقبلية ليبيا ، ولعبة العسكر والإخوان على الطريقة المصرية. وإضافة إلى كل ذلك، فهو يشبه لبنان كساحة يتصارع فيها الأقوياء في الإقليم الكبير، وإن بصورة أقل.