ماهر الشعبي
مع مرور نصف قرن على ثورة 14 أكتوبر المجيدة لا تزال ذكراها ترسم طريقا للحرية لخلاص الشعوب من العبودية والاستعمار البغيض , لذلك كانت ثورة أكتوبر فريدة زمانها ولم يضاهيها احد في ذلك الوقت بطرد المستعمر الأجنبي من أراضية والذي بسط سيطرته على الجنوب أيضا ما يربو على 128 عام .
لكن ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا طرى تزيف كبير عن ثورة الـ 14 من أكتوبر ومعظم هذا التزييف متعمد حول طبيعة هذه الثورة وابرز قادتها ومهندسيها الحقيقيون وتعظيم دور آخرين بحسب أهوى الرواة , متناسين بان عظمة ثورة أكتوبر المجيدة إنما أتت من الإجماع الذي تحقق فيها ومن حولها وان محاولة استخدامها للإقصاء والهيمنة يقضي على مضامين هذه الثورة ومرتكزاتها الخالدة .
كما أن جل مجهودات من دونوا ووثقوا عن ثورة أكتوبر مازال قاصرا ولم يقدموا تحليلا مكتملا عن تفاصيل هذه الثورة في الوقت الذي رحل فيه أيضا جل من شاركوا في صناعة أكتوبر ولم يتركوا ورائهم أثرا مكتوبا .
وان كانت الأنظمة التي أعقبت أكتوبر تعمدت إقصاء الثوار الحقيقيون وصانعوها فمن المعيب أيضا أن تسلك النخب المثقفة والباحثة عن تاريخ مجد ثورة الجنوب طريق الإقصاء وتعمد الاعتراف بصانعي تاريخ الجنوب المشرق .
ومع كل احتفالية جماهيرية بهذه الذكرى ينبري بعضا من هولا المزورون لرفع صور ويافطات لشخصيات لصيقة بالثورة بل إن البعض منها لا يمت لأكتوبر بصلة ولم نشهد يوما مع دنو كل مناسبة اكتوبريه أو نوفمبريه برفع صور الثوار الحقيقيون .
يجب ان تكون أكتوبر مرادفة للوعي السياسي والثقافي الجنوبي وان تكون قيمتها كأهم حدث ملهم في تاريخنا المعاصر وتحيا فينا مازلنا أحياء .
و مع انقضاء نصف قرن من انتصار الثورة إلا إننا نستطيع القول بان القوى السياسية التي تسلمت السلطة عجزت من إيجاد عقد اجتماعي ديمقراطي يؤسس لدولة تحتكم للأنظمة الدستورية والقانونية وما يزال الجنوب إلى اليوم يعاني ويلات هذا الإخفاق , وتم الزج بدولة الجنوب وتسليمها لدولة لا تحتكم أيضا لشرعية الدستورية والديمقراطية ولم يستطع الجنوب انتزاع حقه باختيار إرادته الشعبية والجماهيرية آما في البقاء مع هذه الدولة في إطار فدرالي أو انفصاله عنها بإرادة شعبية وفقا للاحتكام الديمقراطي الذي يفترض أن يحويه هذا العقد .