وقفتنا هنا مع الشهيد من لحظاته الأولى، والأخيرة للمجاهد .. تلك اللحظات التي يتمناها الشرفاء، و وسام في صدر ألأبطال .. تلك اللحظات التي يفارق فيها الإنسان حياته وكل ما رتبه لنفسه من أحلام وأوهام لتنقطع فجأة ويصبح في عالم آخر لم يشاهده ولم يعرفه إلا خبراً لا عيان , كلهم يعلنون قتلاهم شهداء وربك اعلم منهم بالشهيد , وهاجسي بالشهداء أقابلهم في المنام ولي حكايات معهم ومنها .
شهيدا سقط في معارك الدفاع الأولى عن معشوقتي عدن من هجوم برابرة الحوثي والمخلوع , قدم روحة فداءا للأرض والعرض والشرف , استشهد ورفرفت روحة سماء المدينة وينتابها القلق والثقة بالنصر فانتظر يترقب توارد الشهداء ليستطلع أخبار الوطن واذا بشهيد روحة تئن قهرا , قدم له الترحاب والتحية وهنئه بالشهادة وقال أخبار الوطن يا عزيز , رد له التحية بالمثل مع زفرات من الأنين للوطن يا أخي أخبار طيبة وفيها ما لا تسر , صدمه هذا الخبر وتجهم وقال , كيف هي ما لا تسر وأنا أشاهد قوافل الشهداء المرتاحين والمبتهجين للنصر المؤزر فرحين بان دمائنا لم تهدر سدى و تحقق الهدف الوطني الذي قدمنا أروحنا لأجله هل تحكي لي ما لا يسر , رد قائلا صحيح أننا دحرنا الطغاة والغزاة والقتلة ولكننا نعاني الوجع من الداخل وفي النفس , النصر ليس دحرهم من الأرض بل الإصابة بمقتل لمشروعهم وسلوكهم وثقافتهم وفكرهم الهدام بل هو تطهير للواقع وتغيير للحال وتصحيح للمسار وتعزيز للقيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية , يا صديقي استشهدت وأنا أطارد العصابات الناهبين والبلاطجة واللصوص , هل تصدق ان أخوك يستغل استشهادك وروحك الطاهرة ليستثمرها لنفسه يقود عصابة للنهب والسطو ويحمل سلاحك الذي قاتلت به الأعداء ليضر الوطن وهي حالات فرديه لكنها تؤثر في النفس وتشوهه النصر, هناك دخلاء يا صديقي على عدن كالذي اقتحم شقة جاره لسنوات في المعلى وهو غائب وقال نصيبي من الفيد ,وهناك من تركوا الجبهات وهي مشتعلة وتمترسوا في بعض المرافق ويرفضون اليوم الخروج منها وتسليمها للقائمين عنها ليمارسون عملهم دون ان يستلموا حق (الحفاظة ) وغيرهم سطا على المتنفسات والحدائق والأرصفة ليبني بها عشوائيته , والبعض من تجرءا ونهب ممتلكات الآخرين , وعصابات تجول وتصول لتهدد السكينة العامة وسلب العزل ممتلكاتهم وحدث ذلك لمحلات تجارية في مدينة إنماء وغيرها , هل تصدق أن عدن اليوم حالها لا يسر من مثل هولا ,أمنها مفقود جروحها تنزف وجرحها الأبطال تتألم وتموت على أسِرة المستشفيات ومستشفياتها في وضع مزري وخدماتها في وضع مخزي والقائمين على إدارة شؤونها في الشاشات والفنادق والتصريحات , نسمع أخبارا و نرى اليسير مما نسمعه فقط من معونات وخدمات وتطبيع للحياة الكهرباء والماء في نفسها الأخير , الإنسان فيها أخر الاهتمامات , إلى اليوم يا أخي الناس بدون رواتب والراتب مشكلة المشاكل , الفساد يجرنا إلى الهزيمة وبإصرار على استمرار معانات الناس في البريد او السوق لشراء الضروريات , في الدخول لعدن والخروج منها , احد القادمون من الخليج وصل عدن مفلسا من نقاط التفتيش المبتزة , واسمك يحدد هويتك وطفل يهين كرامتك , جاري محمد شاهر لم تشفع له بطاقته الشخصية ولا شهادة ميلاده لان في نقطة التفتيش اسمه لا يروق لهم , يقتل اليوم الإنسان في عدن في الشارع العام دون ان نسال من قتله ؟ لأننا لم نجد شرعيه على الأرض لنسألها , لدينا جماعات متناحرة تهادن بعض وتتجنب بعض ونحن ضحاياها , شعر الشهيد بخيبة الأمل وأمانيه في الواقع تتبدد .
فشهداء الوطن عند ربهم يرزقون من بقاع الأرض اليمنية المعطاة , لا احد يزايد على الآخرين , هناك ممن قاوم ببسالة وشجاعة , وعاد ليمارس عمله الطبيعي في الحياة من اجل بناء الدولة وإرساء أركانها وأدواتها من الشباب الوطني الغيور والصادق رغم فقدان التنظيم والصقل والاستفادة من الطاقات , المتابع يجد أن العصابات تنظم صفوفها وتخطط لتأمرها ويفتقد الشباب للتنظيم لمقاومتها .
اليوم المهمة أعظم وترسيخ أسس النصر مطلوب ومحاربة العصابات والإرهاب ولصوص المال العام والفساد ومستثمري الأزمات ومعانات الناس مهمة وطنية تفرضها علينا المرحلة ,المهم ان النخب تعي الواقع وتكون عند مستوى التحديات , هناك طرق عدة تؤدي للهدف أحداها يخطط له المغرضون ويدفع فاتورته الأبرياء وأخر يسير وفق إستراتيجية وطنية بفاتورة اقل حفاظا على الوطن والمواطنين الذين لا يبحثون سوى عن حياة كريمة ولقمة هنيئة وسيادة واستقلال وحق وحقوق ومساواة وعدالة اجتماعية لا تؤسس لصراع طويل المدى تنفجر بؤره من حين لأخر لصالح نخب مصالحها هي الأولى وفي مقدمة أولويتهم ولك الله يا وطني .