بعد أن باتت وسائل الاتصال الحديثة في متناول الجميع، فقد تغيرت معالم كثيرة في حياتنا العملية والدراسية, لكنها بالمقابل حملت معها الكثير من المشكلات الأسرية, فقد طوقت الأسرة بسور العزلة,وفي أوج هذا التطور التكنولوجي يتردد كثيراً أن نسبة كبيرة من حالات الطلاق سببها الفيسبوك.
وممالا شك فيه ان ظهور وسائل الاتصال التكنولوجية الحديثة أحدث طفرة فى المجتمع ونتجت عنه سلوكيات مختلفة، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فبعض الناس ترى أن تأثير التكنولوجيا على المجتمع يرجع الى كيفية استخدامها ويرى البعض الآخر انه على الرغم من ايجابيات وسائل الاتصال الحديثة فإن سلبياتها طغت على إيجابياتها .
ولفترة طويلة ظلت الاسرة والمدرسة تلعبان دورا أساسيا فى تكوين مدارك الانسان وثقافته وتسهمان فى تشكيل القيم والأخلاق التى يتمسك بها ويتخذها كمقومات للسلوك الاجتماعي بما فيها علاقات الآباء بالأبناء.
اما اليوم فقد انتقل جزء كبير من هذا الدور الى شبكات الإنترنت والهواتف المحمولة الامر الذى حل محل الحوار والمحادثة بين أفراد الاسرة الواحدة ، وأدى الى توسيع الفجوة والصراع بين الآباء والأبناء،
وهذه التحولات التكنولوجية افرزت تفاعلات جديدة للعلاقات الاسرية وادت الى تعزيز العزلة والتنافر بين افرادها وتلاشى قيم التواصل الاسرى واستبدل الأبناء الانترنت بإبائهم، كمصدر للمعلومات وفقدوا الترابط الأسرى والتصقوا بالحوار مع الغرباء لدرجة الشعور بالغربة على مستوى الاسرة الواحدة، واستخدام بعض التطبيقات التى تتيح للشخص تقمص شخصية وهمية تتيح له التفاعل مع مجتمع وهمى واصدقاء وهميين،
ويرجع السبب فى انتشار هذه الظاهرة الى فقدان التفاعل والانسجام مع المجتمع الفعلي الذى يحيط بالفرد ولذلك اصبح اللجوء الى هذا المجتمع الوهمي بديلا عن التفاعل الاجتماعي الصحي مع الأهل والأقارب والأصدقاء وقضاء الساعات الطويلة فى استكشاف مواقع الانترنت المتعددة مما يعنى تغيرا فى منظومة القيم الاجتماعية للأفراد وذلك يؤدى الى الاستخدام المفرط للقيم الفردية بدلا من القيم الاجتماعية، ويعزز الرغبة والميل للوحدة ويقلل من فرص التفاعل والنمو الاجتماعي.
إلا اننا
لا نستطيع أن ننكر فضل التكنولوجيا حيث انها سهلت كثيرا فى حياتنا اليومية وأصبح يمكن للشخص ان ينجز الكثير من الاعمال فى اوقات قليلة وبسرعة فائقة وفى الوقت نفسه: ولا نستطيع ان نغفل عن اثارها السلبية الكثيرة، فعلى الاباء مساعدة ابنائهم فى التعرف على اهمية التكنولوجيا الحديثة وكيفية استخدامها بشكل إيجابي .
ومن اهم انواع تكنولوجيا الاتصالات التى لها تأثير واضح النت والفضائيات والموبايل لأن هذه الانواع أصبحت تقوم بدور يتساوى مع دور الانسان ، فيتم الاعتماد عليها كمصدر للمعلومات بل التسليم بمصداقيتها، ووسائل الاتصال الحديثة لها تأثير واضح على العلاقات الاسرية، وأصبح اهتمام معظم الشباب وحتى الاطفال واحيانا الكبار متعلقا بالأنترنت والفيس بوك أكثر من اهتمامهم بالعلاقات الانسانية الواقعية، وأصبح معظم وقت الشباب يقضونه فى حجرة مغلقة مع جهاز الكمبيوتر بالأنترنت، وتتكون بينهم صداقات قد تكون غير ملائمة بخلاف الاستخدام السيئ للأنترنت من الجانب الأخلاقي كالدخول على المواقع الاباحية، ومع مرور الوقت يتم اكتساب معلومات بعيدة كل البعد عن عاداتنا وتقاليدنا وافكارنا بما يؤثر على الروابط الاسرية، ويحدث صراعا بين الاسرة وبين الفكر الذى يتبعه الاطفال والشباب حتى الازواج وتتسع الفجوة بينهم وتتباعد الافكار وتتصارع الاجيال .
ومن الناحية الاخلاقية هناك الكثير من الانحرافات بسبب التعليم عبر الانترنت، وتبدأ دائما بعلاقات غير جيدة ، والدخول على مواقع يتعلمون من خلالها ممارسات وسلوكيات غير مشروعة واصبح هناك من يخترفها خاصة تزوير المعلومات وتشويش الحقائق بمعنى انه من الممكن جدا الاساءة لشخص بتركيب الصور ونشر كثير من المعلومات تؤدى الى خراب البيوت وانفصال الازواج الى آخره، وهذا فى منتهى الخطورة لأنه يؤدى الى مشكلات اجتماعية وسياسية واخلاقية، وهذا لا يقلل من قيمة تكنولوجيا الاتصالات، ولكننا اصبحنا فى مجتمع مفتوح للعالم فى كل المجالات العلمية والفكرية والاخلاقية واصبحنا مجتمعا يعايش كل المجتمعات ويتطور ويتقدم بشكل كبير جدا.
وانا بدوري أناشد كل ام واب قبل أن ينغمس أبناؤكم فى العالم التكنولوجي الحديث يجب أن يتعلموا كيف يتعاملون معه وان يكونوا مشاركين لهم فى كل أنشطتهم، ويجب ايضا ألا تترك الاجهزة فى الحجرات المغلقة وأن توضع فى الاماكن المفتوحة او اماكن المعيشة حتى يكون هناك نوع من الرقابة للأبناء حتى لا يقوموا بسلوكيات سيئة بعيدا عن أعين الام والاب، كدلك ويجب ان لا نغفل دور المدرسة في التوجيه والتوعية والإرشاد عن طريق مجالس الطلاب ومجالس الآباء والأمهات
ويجب ايضا على الدولة عمل توعية شاملة بمخاطر التكنولوجيا الحديثة على الشباب والمجتمع وتحرك المؤسسات الاعلامية فى هذا الاتجاه بالطبع سوف يكون اقوى وأكثر تأثيرا.