ذا فويس مران !

2015/11/30 الساعة 11:58 مساءً
• ســـام الغـُــباري - مَـرّاْن .. جبل ومنطقة في ضواحي مدينة صعدة اليمنية ، منها يتكون المقاتلون الحوثيون الذين تحولوا إلى ارهابيين مع استيلائهم المفاجئ والغادر على العاصمة اليمنية صنعاء في مساء مظلم ليوم حزين هو الحادي والعشرين من شهرٍ دامٍ هو سبتمبر لسنة الشؤم 2014م ، وشكلوا فرعاً لتنظيم الدولة الإسلامية بإسمهم "أنصار الله" ، يعتقد دواعش العراق بالمذهب السني ، ويعتقد الحوثيون بالمذهب الزيدي وكلاهما له إرتباطات إيرانية ، حيث تسعى طهران بدأب في إنفاذ اذرعها الثورية لقلب أنظمة الحكم في الخليج العربي متعاونة مع كل ما له شأن أو إرتباط حتى الوصول إلى ادغال افريقيا.! - في صعدة .. كان الرمان والعنب ومزارع الليمون ، وحقول الخضرة الممتدة بنعيم لا يعرف الإنقراض ، وكعادة اليمني البائس يرفس الجنة ويستبدلها بـ "جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ" ، كان هناك طموح متقد منذ ثورة السادس والعشرين من سبتمبر للعام 1962م لإستعادة الإمامة السلالية ، حيث شيدت الجمهورية أولى لبناتها على انقاض ذلك النظام المعيب نحو الحرية والمساواة والكرامة وسيادة القانون ومبادئ الديمقراطية ، ودخلت صعدة تحت ظلال الجمهورية ، غير أن تنازع الهضبة الشمالية بين قوى المشيخة المتحجرة والهاشمية المتربصة واستمرار تدني مستويات التعليم العام ، وتراجع الثقافة العامة إلى ما دون التحصيل المذهبي المتشنج ، ومع تراخي قبضة الدولة عن أحلام السيادة الحوثية على اليمن ، وتحالف القوى السياسية المتصاعد مع هذه القوى الظلامية ، سقط كل شيء دفعة واحدة .. وبلا سابق إنذار ، ووجد المواطن اليمني نفسه في مواجهة مع مليشيا متصلبة لا تتورع في إتيان أي من الأعمال الإجرامية بمبررات دينية مزعومة ومضللة. - كان اليمنيون يُـغنون خلال الأعوام الخمسين الماضية ، وصوت الفنان الشعبي علي السمة ينشد "أمانتك .. ياغزال الحي امشي دلا " وصديقته الفنانة تقيه الطويلية تمسك بأصابع الفنان علي الآنسي وتتراقص معه على أنغام صوت يهيم بأغلب اليمنيين في معظم مقايل القات ، كان اليمنيون يغنون ويرقصون ويحتفلون ويناضلون من أجل مستقبل أجمل ، كانوا يبنون البيوت ويتفننون في رسم ألوان البهجة بداخل منازلهم ، كانوا يقرأون ويتقدمون ببطء رغم مثالب الفساد وهشاشة النظام ، إلا أنهم متفائلون ومتوكلون بالله دائماً. - جاء "المرانيون" من اقاصي صعدة وقد احرقوا مزارعها ودورها وحنانها وبهجتها ، استولوا على كل ما فيها استغلالا لتداعي قبضة النظام في ربيع العام 2011م ، وتقدموا بثبات وإرهاب ، واستفادوا من كل التناقضات السياسية ولعبوا في الفراغ حتى وصلوا إلى صنعاء ، ومنها تمددوا يملؤهم الجهل والعار والتخلف والوحشية ، كنت اشاهدهم وأنا الذي سقطت أسيراً في سجونهم لثلاثة أشهر محاولاً تبيان شيء من ملامحهم فلم أجد يمنياً شهماً بينهم ، لا أحد يملك المروءة المعتادة ، لا نخوة فيهم ولا شفقة ، كانوا كالجراء المسعورة متلهفون لملاحقة اليمنيين من شارع إلى آخر ومن صحيفة إلى دار نشر ، اغلقوا كل منافذ الحب ومقاصد المعرفة ، وأبقوا على ملازم سيدهم الراحل حسين بدر الدين الذي ملأ وجه اليمن بكتابات سوداء لا تصلح أكياساً للنفايات ، ولأنه الجهل والحمق صار مثل ذلك البائس مفكراً يموت لأجله المجانين ، بينما اختفت كتب ودواوين الفيلسوف العظيم والشاعر الأسطوري عبدالله البردوني عن كل مكتبة وقد كان مثلها يُـباع في أرصفة المارة بأسعار زهيدة بُـغية التثقيف والتوعية ، غير أن لا أحد يقرأ في تلك الأيام ،ولا في غيرها. - لو كان لنا في اليمن برنامج واحد للفن من داخل صعدة يسعى لاكتشاف أصوات البهجة وتغريدات الأمل ، لو كان لنا ناي يغرد كل صباح من داخل كهف "مران" الحجري لربما تحول الكهف إلى مزرعة خضراء تسر الناظرين. .. وإلى لقاء يتجدد #سام_الغباري