صدمت بتلقي خبر وفات المذيعة المتألقة جميلة جميل بنت الصديق العزيز الماستروا جميل عثمان غانم . مؤسس ثم عميد لمعهد الفنون الجميلة بالمعلا، عدن. وكان قد أرسى تقاليد أكاديمية أصيلة في المعهد حيث كان قد أرسى دروس للموسيقى الشرقية والغربية وكان هناك بعض الأساتذة من الروس واليمنيين. عمل جميل غانم مع وزارة الثقافة للدراسة التراث الموسيقي اليمني وهو ذو ثقافة موسيقية عالية في الموسيقى الشرقية والغربية ويعزف البيانو. انتدبه الشيخ زايد بن سلطان بعد زيارته لعدن ليستفاد من إمكانياته في تأسيس المعهد الموسيقي في الأمارات حينها وعاد ليمارس مهامه في عدن حتى توفي جميل وهو في ريعان عطائه (في ثمانينيات القرن الماضي) وقد أطلق اسمه على المعهد الذي أسسه حيث يعرف ألان بمعهد جميل غانم للفنون الجميلة . المذيعة المتألقة جميلة جميل عثمان غانم نتاج تراكم فني وثقافي أبداعي إلى جانب تاريخ أبوها بتاريخه العريق المذكور أعلاه فان أمها عديله إبراهيم كانت مذيعة متألقة وتاريخ في تلفزيون عدن . كانت جميلة جميل إطلالتها رائعة حضورها بارز متميزة بالخامة الصوتية تمكنت في إتقان لفن اللقاء والحوار في التقديم الإذاعي و التلفزيوني ، تقدم برامجها والأخبار في اللغتين العربية والانجليزية , مهما اختلفنا معها في المواقف لكن يظل التاريخ الإنساني والثقافي والفني والإبداعي تاريخ يحترم ويجب أن نكون صادقين في التدوين وقول الحق , كنت من معجبين مهنية هذه الشابة المتعددة الإبداع والمواهب والمتمكنة من أدارة الحوار وتنظيم الندوات التلفزيونية . موقفها الأخير هو اختيار يعود لها وكل حرا في اختياره اسببها قد أوضحتها في صفحتها بالفيس بك , مهما استنكرنا وقلنا لا يحق لنا أن نفرض على شخص قناعاتنا , هي مذيعة تحترم مهنية في بلد لا يهتم بكوادره ويتركهم صيدا سهلا لظروفهم ومعاناتهم واحتياجاتهم , صدمت بمجرد سماع وفاتها بأزمة قلبية في المستشفى الجمهوري بصنعاء , في الوقت الذي كنت أتابع منشوراتها في مواقع التواصل الاجتماعي و احترام رأيها , حزنت كثيرا وشعرت أن جزءا من عدن انتزع مننا , وما أكثر ما فقدناه من عدن , فقدنا صوت إذاعة عدن كل صباح ويشجونا بتراث وفن عدن الأصيل فقدنا تلفزيون عدن من ارض عدن بمذيعي أبناء عدن التي غابت إطلالتهم من على شاشته مع احترامي للوجه الموجودة في شاشة عدن من الرياض , صدمة خبر وفاة جميلة جميل جعلني استعيد منشوراتها والألم والحسرة والخذلان الواضح في كلماتها , راودتني الشكوك ان المعانات هي السبب , ان القناعات تصارع الواقع وان الرغبات تصارع القيم والمبادئ , ان جميلة جميل دخلت في دوامة من الصراع مع الذات , وتركنها في صراعها هذا دون أن تقدم شرعيتنا وحكومتنا لها يد العون وكانت النتيجة أننا فقدناها في مقتبل العمر , والخوف من كثرت ما نفقدهم من تخاذل وسلبية القائمين على عدن في تعاملهم مع إنسان وقامات وأعلام عدن , رحمها الله وطيب ثراها واسكنها جنات النعيم هي جزءا بسيط من ضحايا عدن في هذه الحرب اللعينة من لم يمت بالرصاص والصواريخ والقذائف مات بالمرض والمعانات والقهر كما حصل لجميلة جميل والله يحفظ ما تبقى من عدن وتاريخها وأعلامها وقاماتها .