__________________
د عيدروس نصر ناصر**
كتبت مرارا أن الكثير من المواطنين الجنوبيين (وأنا أحدهم) كانوا يتوقعون أنه وبمجرد انسحاب قوات الغزو من عدن والمناطق المجاورة لها ستتحول المقاومة المسلحة التي سجلت أروع صور البطولة والفداء والإيثار والتضحية، ستتحول إلى سلطة الأمر الواقع، على الأقل باعتبارها صانعة الانتصار، وصاحبة الاستحقاق القادم في التحكم في شكل الجنوب القادم، وعند أسوأ الاحتمالات توقع البعض أن المقاومة ستكون نواة للجيش والأمن القادمين للعاصمة عدن، خصوصا بعد انكشاف أكذوبة (الجيش الموالي للشرعية) الذي اتضح أنه كان مجرد مجموعة من المسلحين الماهرين الجاهزين للإيجار لمن يدفع أكثر، وخصوصا بعد أن أثبتت السلطة الشرعية أنها عاجزة عن عمل شيء ذي قيمة يرتقي إلى مستوى التحدي الأمني والدفاعي الذي تواجهه عدن والمناطق الجنوبية المحررة، فلا هي كونت جيشا وطنيا جديدا يستحق أن يسمى الجيش الوطني اليمني، ولا هي أعادت المبعدين منذ عقدين إلى أعمالهم لتستفيد منهم في مواجهة التحديات العاصفة خصوصا وهم ممن لم يتلوثوا بآفات مرحلة عفاش وشركائه، ولا هي استوعبت المقاومة الجنوبية في صفوف القوات الحكومية الرسمية ردا لجميل مناضليها وتأمينا لجبهتها (أي الشرعية) الداخلية.
وعودة إلى موضوع المقاومة الجنوبية وواجباتها الراهنة والمستقبلية، يمكن القول أن الوقت لم يفت بعد لتقوم بواجبها في حفظ الأمن وتثبيت الأوضاع في مناطق سيطرتها وحضورها، فمع تقديرنا وشكرنا لأشقائنا من الإمارات العربية المتحدة وجمهورية السودان الذين جاءوا للمساعدة في مواجهة تحالف الحوافش وتثبيت الوضع الأمني إلا إن الوضع لن يثبت ولن يستقر إلا بمعرفة أهل المنطقة أنفسهم، وليس هناك من مؤهل لهذه المهمة أفضل من أبطال المقاومة الذين ضربوا أروع الأمثلة في البطولة والفداء والاستبسال في مواجهة أعداء الإنسانية من الحوافش وأنصارهم.
يا قادة المقاومة ومنتسبيها الأبطال!
الوضع يذهب نحو الأسوأ وثلاثي الشر (صالح والحوثيين والقاعدة) الذين يتحدون في كل شيء ويتعاونون في مواجهة قوى الخير ويرفضون قيام دولة وبالتالي يدخلون في مواجهة الشعب في الشمال والجنوب على السواء، هذا الثلاثي المقيت يضاعف من تناسق عملياته ويخطط للمزيد من العبث بحياة الناس طمعا في استعادة السيطرة على الجنوب وتحسين وضعه التفاوضي في أي مباحثات قد تعقد هنا أو هناك، وتعلمون أن ثمرة انتصاركم لن يحرص عليها أحد مثلكم فاحرسوا هذه الثمرة بمزيد من الثمار، وعودوا إلى الميادين وافرضوا حضوركم على الأرض وتخلصوا من أدعياء المقاومة من اللصوص والناهبين وآكلي السحت وفارضي الإتاوات والمتاجرين بجوع الناس ومرضهم ومعاناتهم، ونقوا صفوفكم وتابعوا العابثين مهما كان شكلهم أو انتماؤهم، وأنتم قادرون على هذه المهمة بشيء من التنظيم وهيكلة المهمات وتوسيع الانتشار على الأرض، والضرب بيد من حديد على أيدي كل العابثين والمستهترين والمجرمين وقطاع الطرق، ومرتكبي المجازر سواء كانوا من الدواعش أو الحوافش فكلهم يتغذون من نفس المشكاة وينبتون في نفس التربة ويرتوون من نفس الحنفية ويتلقون التوجيهات من نفس المركز.
* * *
في غمرة الحزن والصدمة الناتجة عن اغتيال اللواء الركن الشهيد جفر محمد سعد محافظ عدن نسى الناس أن ثمان أرواح أزهقت من مرافقيه وهنا نتقدم بصادق العزاء لأهلهم وذويهم ولكل أسر الشهداء الأبرار نسأل الله أن يتغمدهم جميعا بواسع رحمته وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبوالسلوان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك
** رئيس مركز شمسان للدراسات والإعلام.منقول