أخي الصحفي في بلدي لست أول الضحايا ولا أخرهم في بلد متخلف , نخره الجهل والتعصب , يقتل الإنسان أخيه وهو يكبر باسم الله , بلد مخنوق بالعنف , وقدرك انك تريد أن توعيه , الجهل جعلك عدوه , نصير الشيطان في نظره , لأنك صحفي تبحث عن الحقيقة وناشط حقوقي تدون الجريمة , وتلك بحد ذاتها خيانة في بلدي , تحكمها ثقافة أم أن تكون سندي أو أنت عدوي .
نحن لسنا كسائر الأمم ولا نشبهها , نستمد منها القبح ونرفض الحب والجمال , يفرحون وحرام أن نفرح , لماذا تفرح لو كذبا , فالحزن قدرنا والموت مصيرنا في بلد تاريخه يتعرض للهدم بدعوى الوثنية , وحضارته تنهار بتشوهات الحاضر , الفرق بيننا سنوات ضوئية هم يصنعون ونحن مستهلكون , هم يستخدمون عقولهم وأفكارهم ,يبدعون ,يبتكرون ,ينهضون , ونحن الحرام أغلق كل شي فينا لا عقول تفكر ولا عيون تتمعن , كل ما نراه عدوا وحرام , هم يجتهدون لخدمة الإنسانية والحياة , ونحن نجتهد لطاعة الطغاة والمستبدين ونموت لأجلهم ونعمل من اجل أخرتنا أكثر من دنيانا .
أخي أنت في بلد العقول المعطوبة منذ الصغر ومهما تعلم بعضهم و وصل لمستوى راقي يعود لمنبعه ويصطف مع طائفته , نهدر فرص الفرج والنهوض , وثورات الشعوب للتخلص من العفن , ننقسم بكل سهولة ويركبنا شيطان الخصومة فننسى ما ثرنا من اجله لنعود لخصومتنا الفاجرة , ونتحسس شركائنا ونتوجس منهم و نشيطنهم ,نحن للأسف ننسى ما تعلمنا ومرجعيتنا هي ذاتها , أن تحاورنا بكل سهولة شككوا بحوارنا حتى وان كانت مخرجاته تخدمنا , فالذي يخدمنا لا يخدمهم والعكس , وهذه مشكلتنا منشطرين في وطن واحد وارض واحدة , كلا يفكر بذاته وطائفته ومنطقته والوطن خارج اهتماماته .
لم أجد في تجارب الأمم أن شعب يتوق للحرية فيهم من يتوق للعبودية , ويتخلى عن مصالحة وأحلامه وطموحاته , ليقف مع مصالح وأحلام وطموحات الطغاة والاستبداد للسيد أو الشيخ أو الزعيم , لا يرى بعينه بل يرى بعين أسياده , يرى الموت للأخر حق , ولا يحق للأخر أن يدافع عن كيانه وان فعل فقد فجر وخان , يا أن يعيش عبد خاضع جبان يا هو مارق وخائن مرتزق .
جلبوا لنا أجندات الإقليم والعالم ومصائبهم , وأرادوا أن يكونوا أدواتهم فينا , فخخو الوطن وشرخوه اجتماعيا و وطنيا , وحولونا من شعب لقبائل متناحرة نتربص لبعض ونتوجس من بعض , نعيش خزعبلات الزمن الفائت ,وثارات الأجداد والأسلاف , نتوجع ونصرخ ,ومدننا تدمر وتنهب ونستغيث ,صرختنا لا تؤثر فيهم بل يرقصون على أوجاعنا ويزهون بمنظر أشلائنا برعا , ويستثمرون هذه الظروف للثراء والمتاجرة , يحاصروننا من اللقمة والدواء والماء , و يساومون على صبرنا و جوعنا وهلاكنا ومجاعتنا ,الله المستعان نجدهم ليس منا أو فينا بل هم وحوشا تجردوا من إنسانيتهم بطيشهم دمروا وطن ونهكوا شعب وجعلوه ساحة لصراعهم مع الإقليم والعالم , فأحرقت الأرض ومات من مات فيها ودمر ما دمر حتى كيانهم العفن ويبقى عدونا وعدوهم هو المنتصر .