في بادرة غريبة من نوعها ، يصدر محافظ محافظة عدن توجيهات بتسليم مبنى المجلس التشريعي لناشطة شابه وباسمها ؟! وليس باسم منظمتها التي لم تؤسس وتشهر بعد ؟!
وذلك على اساس انه لغرض ممارسة انشطة ثقافية متنوعة .. يحيطها على بعد مساحة ليست ببعيدة عن المجلس، مشاريع صغيرة مدرة للدخل ، لتشجيع الشباب .. الى هنا، كما طرح هو محتوى المذكرة والمشروع .
شخصيا لست ضد الناشطة ولاضد النشاط الثقافي او الاقتصادي او حتى السياسي ان وجد فيما بعد ، و"الذي فيما يبدو من أجله صدر التوجيه"؛ وسيتم إكتشافه في باطن ذلك النشاط أو المشروع ، مثله مثل مشاريع كثيرة تمت في عدن .
غير ان التصرف بحد ذاته مرفوضا ، من حيث انه يتعلق بمعلم تاريخي بلغ عمره 145 عاما ، ولكل مرحلة تاريخيه لهذا المبنى ، حكاية تحكي عمر هذا المعلم وما كان فيه وعليه ، وعمر المدينة .
إن هذا التصرف في اصدار توجيهات من ذلك النوع يشجع على فتح شهية الجميع ، في السعي للحصول على توجيهات مماثلة بما تبقى من معالم اثرية لعدن؛ ولأن الكثير من الناشطين والناشطات لديهم انشطه ثقافية وفنية وتنموية تحتاج الى مبنى لممارستها ، ومنظمات مجتمع مدني لديها انشطة مماثلة وكل مبانيها الحالية مستأجره؛ اذن كل هؤلاء سيستهلكون كل المعالم التاريخية.. وبحجة مزاولة انشطتهم ومشاريعهم؛ وهي لن تكفيهم بالتأكيد.. ومن حق الجميع الحصول على توجيهات مماثلة؛ على اعتبار ان هناك سابقة وتوجيهات تتعلق بهذا الموضوع .. فالأمر إذن ليس بتلك الخفة التي يتم التعامل بها مع هكذا معالم .
والمطلوب هو توظيف المعالم التاريخية توظيفا ثقافيا ، تاريخيا يحفظ لها قيمتها ، تحت إشراف جهات مختصة متخصصه رسمية وغير رسمية ، وفقا للأسس القانونية المعتبرة وربما الخاصة بهكذا معالم .
… فعلا يتحسر المرء منا في هذه المدينة الحزينة وهو يجد السلطة التنفيذية تبدع وتتفنن فيما تصدره من توجيهات واوامر ، تقطع اوصارها تارة وتارة تخنق متنفساتها. - إن كان بقصد او بغير قصد - وتارة تصمت عما لحقها ولحق بخدماتها من اضرار بالعشوائيات. والتي صدر بشأنها قرار من رئيس الحكومة وتعميم من المحافظ بايقافها ومنعها ومحاسبة ومعاقبة كل من تسول له نفسه مخالفتها.. غير ان الواقع يؤكد بأن تنفيذ ذلك يبدو محالاً حتى الآن على الأقل .. مالم يكن الواقع يدل ان حال المدينة ومعالمها الى الأسوأ ؛ اذا اخذنا في عين الأعتبار ان السلطة المحلية نفسها لا تولي اعتباراً لهذه المعالم ؟!
وما هكذا توجيهات الا تأكيد على الاستمرار في الفوضى و العشوائية والفساد وعدم إحترام للقيم الانسانية التي تقتضيها الاخلاق، قبل النظام والقانون ، بل والامعان في تعميمها وإتساع رقعتها ..
يا أولياء الامر فينا وراعين شؤوننا و المسؤولين عنا من أعلى هرم في سلطة شبه الدولة هذه الى أدناها ..
أرحمونا قليلا من الاسهال في إصدار القرارات والاوامر والتعميمات والتوجيهات ، التي إما تعمق تربة جذور الفساد؛ وإما تساعد على إستفحاله باشكال وانواع ومسميات مختلفه ، وإما تظل حبر على ورق ولاتوجد أجهزة دولة حقيقية لتنفيذها .
يكفينا الاعلام الاصفر والاخضر والاحمر وهو يمتهن عقولنا و يوطد خوف البعض منا؛ و ينشر الرعب والدجل والزيف ، ليصنع من الكثير تماثيل من الصلصال ، ونحن نرى افعاله تذوب تحت الشمس او عروس حلاوة تمضغ لتنتهي ، وفي الحالتين يعني انه لم يقدم شيء ..
فارحمونا قليلا ...وأشفقوا على حال هذه المدينة الثكلى ، الجريحة بما تصنعوه وتقترفوه وتفعلوه بها وبنا جميعاً ...
____________
الخفة هي :
1 - تصرفات صبيانية.
2 - التصرف بعيد عن الاصول المتعارف عليها.
3 - وهي : تعني التطفل بشكل عام. او تطفل من يفترض انهم عقلاء..
ومن الخفة ايضا: التعامل بسطحية افقية ؛ وعدم ادراك الابعاد والمترتبات العمودية..
وهذه يعتني بها علم الاجتماع.