الكثير من المنفيين خارج اليمن بفعل الانقلاب يتمسكون بالشرعية، فهي ملاذهم ومصدر القوة، الا ان الشرعية برموزها الحاكمة لا تدير معركة التحرير وفق القيم التي تمكنا من تحقيق النصر.
فالتشكيلات التي اعتمدها الرئيس هادي واوصلتنا الى الانقلاب لم تتغير بل يتم تضخيم هذه التشكيلات بنفس الوعي الذي يعيد بناء الولاءات في أطار نخبوي ضيق دون انتباه للواقع ومدى قدرة هذه التشكيلات على انتاج فاعلية ميدانية، بل العكس من ذلك فإن القرارات التي يتم التعامل معها بالمحسوبيات والعلاقات الشخصية وتنمية ولاء لإشباع حالة الاهتزاز والضعف الذي تعاني منه القيادة، والتي تتحكم فيها شللية فرضتها طريقة الادارة الفوقية من خلال العزلة والاعتماد على الفاعلين الآخرين لفرض المتغيرات.
المأساة التي تعانيها المعركة هي في القيادة وشبكاتها المخنوقة في صندوق التعامل مع الفرص بوعي التاجر السياسي الباحث عن غنيمة على حساب معركة مصيرية، وبوعي العقد المتراكمة والتي تجعل من الموقع الشرعي بابا لادارة معارك غبية بنزعة ثأرية وكأننا في بلاط رئاسي يعيش ملل لا حرب تحرير، تصبح أدارة الحكم الشرعي وفق اللعاب رجل متوج يكرهه الشعب لذا لا يبالي ان يلعب طالما انتصار الشعب يعتمد على بقائه.
تدرك دوائر الرئيس هادي مدى مخاطر انتقاده او اعلان الاعتراضات على طريقة فريقه في التلاعب بكل شيء واصبحت مدمنة على المغامرات واستغلال ميل الرئيس للعزلة واللامبالاة في التعامل مع الحركة اليومية وتركيزه على الخطوط العريضة للمشروع الذي يدافع عنه.
يمرر الرئيس هادي الكثير من الامور النابعة من المزاج والمحسوبيات والخوف من الانكشاف وتجد الآخرين مجبرين عن التغاضي عن هذه الأخطاء التي تتراكم يوميا حتى غدت وكأنها حرب مضادة من ممثلي الشرعية ضدها، وهي نفس الاساليب والآليات والتكتيكات التي اوصلت هادي سابقا الى الحصار ثم الانقلاب ثم الهروب من زحف الجحافل الحوثية.
مازال التحالف العربي قوة الاسناد الأعظم للرئيس اما القوى الشرعية فلم يعد مع الرئيس على الشبكات الانتهازية والفاسدة والباحثة عن مغانم ومتربصين ينتظرون من الرئيس إشباع هوسهم بالمال والسلطة، واصبحت حرب المواقع السلطوية التي تؤثر في توزيعها ايضا الاحزاب مصدر لاضعاف الرئيس لا تقويته، ومازال هو نفسه عاشق لطريقته في التلاعب بهذه الادوات باعتباره بيادق في مشروع يعتقد انه ذاته غير متحكم به وانما دوره ان يتلاعب بالجميع بطريقة مكشوفة جعلته محل انتقاد الجميع.
هناك من يدافع عن الرئيس وهي أقلية نشطة مخلصة لكن هادي يتعامل معهم كمجموعة من الاغبياء الذين يمارسون النفاق الغير مجدي لترميم صورته، ولا يمكنهم ان يغيروا شيء فالأقوياء وحدهم همّ صانعي الأحداث ولا يرى في قوى الداخل الا جماعات حقيرة يدرك ايضا كم تحتقره وبعضها ينافقه مجبرا.
القيادة الشرعية لدى الكثير هي كالسم الذي لابد من تجرعه لحماية الشرعية باعتباره مدخل اسقاط الانقلاب وتحرير البلاد وهذه المسألة تعاظم من المشكلة وبالذات انه معروفة من الرئيس هادي ودائرته ويدركونها جيدا، لذا يديرون حروب خفية ضد الجميع وحتى ضد التحالف العربي!!!
نجيب غلاب