مصيدة المناطقية

2016/02/17 الساعة 10:54 صباحاً

لعب الشيطان في سياق عقود من سياسته المُمنهجة لشق الصف الوطني في البلد وشرخ المجتمع , مستخدما أقذر الأسلحة , ومنها الوصمة المناطقية التي لا تقل أذى عن الطائفية , بل تزيد , لسهولة تناولها وما تتركه من صدى ينتشر بسرعة السرطان القاتل , عبر الأحاديث اليومية في مختلف المجالس و الأعمار و ذلك عبر نكات تبدو في ظاهر تداولها للمزاح و التسلية فقط ,ثم تتوسع الشروخ الاجتماعية لنجد أنفسنا أمام مشكلة حقيقية , مضرة لكل الأطراف , بل لكل المشاريع الوطنية والإنسانية , وتتفسخ القيم والأخلاق , ونسقط في وحل من الانتهاكات لبعضنا البعض , بل تصبح أداة معيقة أمام أي مشروع وطني جامع . تذوق العسل المسموم كبيرنا قبل صغيرنا مثقفينا قبل جاهلينا , البعض استلذ بطعم هذا العسل , ويهذي كلاما مناطقيا بذي بحق الآخرين , و وقع في مصيدة الشيطان الرجيم الذي أعدها بحنكة ودهاء وخبث , ويستخدمها اليوم كعصا يشق الصف الوطني والشرفاء والأخيار , ولا تخلوا ارض أو منطقة أو مدينة أو قرية منهم , أن اجتمعوا على كلمة سوى لرموه لمزبلة التاريخ , لكنه اليوم يقاوم مستخدما , مصائده التي أعدها ومنها المناطقية . بعضنا اليوم يتجنب النقد والإشارة لبعض الخلل أو الظواهر الخطرة التي تهدد الوطن والمجتمع , في منطقة بحد ذاتها , لأنه سيواجه هجمة شرسة من أبناء هذه المنطقة بمبرر انه استهدفهم , وسيبدأ تصنيفه المناطقي والبحث عن جيناته , وهذا ما حدث لبعض زملائنا للأسف , لمجرد انه تطرق لمعسكر لمليشيات خارجة عن إطار الدولة في منطقة معينة , باعتباره سلوك مرفوض , لكنها النزعة المناطقية الغالبة لدى البعض عن المصلحة الوطنية , ليؤخذ التنبيه بجدية ويأخذ مجاله في البحث والنقاش الجاد للتأكد من صحة الخبر أو من عدمه . من منا بلا خطيئة , وما منطقة إلا وفيها السيئ والصالح وفيها الوطني والمتآمر, والإرهاب ليس له هوية مناطقية منتشر كالسرطان في جسد الوطن , والعالم , ومحاربته واجب وطني وأنساني , ويفترض إن يكون كل إنسان ضميرا لامته في بيته ومنطقته وقريته ومدينته , لمحاربة الإرهاب والإجرام والمليشيات والعصابات , من يستخدم وصمة المناطقية لتسهيل عمل الإرهابيين والمجرمين فهو إرهابي ومجرم . مستغرب جدا من البعض المصر إصرارا عنيدا , على وصم الصراع اليوم بالمناطقية , بينما الصورة واضحة لا تحتاج لميكروسكوب , هناك عصابة اذرعها موجودة في كل مناطق البلد شماله وجنوبه , والشاطر يبحث داخل قريته سيجدهم بجانبه , هذه العصابة دمرت كل شي ونهبت كل شي في الجنوب والشمال , وان كان نصيبنا في الجنوب اكبر , لكنها في الأخير هي عصابة تهرب من جرائمها لتوصم الصراع بالمناطقي , لإثارة الفتن وتوجيه الصراع بعيدا عنها لتكن بمأمن من الحساب والعقاب, واذرعها في أمان حماية مناطقهم وطوائفهم . ذقنا العسل المسموم وصار البعض اليوم يستلذه , وصارت المناطقية سلاح يستخدمها البعض للدفاع عن الباطل في وجه الحق , وها نحن صرنا تحت مجهر المناطقية , (أنت من فين و والديك من فين وأصلك يعود لاين ) , يصطفون مع أبناء منطقتهم حتى وان كانوا أشرارا , وتجد من يوزع الوطنية بالصفة المناطقية , وان كانت منطقتك لا تروقهم عليك أن تصمت ولا تنتقدهم ولا رموك بحجارتهم و وصموك بأقذر الأوصاف . الخلطة العجيبة استنقاص الآخرين بمزيج الطائفية المقيتة , هي السم الزعاف الذي حقن فينا طويلا , ونرى أثاره في جسد بلدنا المتهالك , أنها المصيدة التي اصطادونا بها , ليعيشون متسيدين وجدوا من يساندهم مناطقيا وطائفيا , من معتوهي العقول ومرضى النفوس , ممن يروقه التعصب المناطقي والطائفي , اليوم و قد عرفنا الداء لن نعجز عن الدواء فهي نهضة واحدة تلك التي ستنفض عنا كل هذه الأمراض التي تحدُّ من رفعتنا و تهوي بنا سريعاً نحو اندثار كارثي للهوية المطعونة بهواية البعض للمناطقية . احمد ناصر حميدان