ضَل الرئيس هادي نائب لصالح لأكثر من خمس عشر عام دون سلطة ولا صلاحيات ولم يكن يمثل لصالح أهمية كأحد مستشارية السياسيين او احد مرافقيه الشخصيين الذين كان أكثرهم من الهاشميين.
كان النائب هادي يعرف أن صالح يستخدمه فقط كمجسم هامشي لتغرير الجنوبيين وإضفاء حججهم بأنهم شركاء في السلطة كما كان صالح يستخدم أكثر الأحزاب السياسية في البلاد كمجسم للشراكة في السلطة وتحسين صورة ملَكيته الجمهورية.
قامت ثورة الشباب السلمية على حين غرة من صالح قبل أن ينتهي من وضع آخر لبنة في مشروع توريث الحكم لنجله أحمد، فوجد صالح نفسه مضطراً أمام شخصية وحيدة رءآها توافقية وبنفس الوقت شخصية لا تمتلك مال ولا جيش ولا حزب ولا قاعدة شعبية في الجنوب والشمال لنقل صلاحياته صورياً له، ومن خلاله معتمداً على إنعدام عوامل بقاء هادي، من أجل تمرير السلطة بسلاسة الى نجله أحمد..
وقع صالح على المبادرة الخليجية لنقل السلطة مبتسماً ومتوعداً خصومة السياسيين وشباب الثورة، ورغم أن حزب صالح ضَل محافظاً على الأغلبية النيابية ونصف الحكومة إلا إن صالح نجح بتصوير حزبه خارج السلطة وعمل جاهداً على إفشال الحكومة من أجل تأليب اليمنيين عليها وعلى الرئيس هادي..
أستلم الرئيس هادي العلم مِن صالح "لم أقل السلطة" في ضَل وضع إقتصادي صعب وجيش منقسم وخزينة الدولة فارغة بل ودولة فارغة، لم يترك صالح لهادي حتى كراسي الضيوف في القصر الجمهورية بل حتى البقر والمواشي والخيول التي كانت في القصر الجمهوري نقلها صالح الى قصورة الخاصة على أساس أنها ممتلكات خاصة به، لم يشتريها من خزانة الدولة...
كان هادي يعرف صعوبة المرحلة وأعبائها وتعاقيد الدولة العميقة التي ورثها وكذلك تسلط المركز الذي أحتفظ صالح بكل حذافيره ومقوماته من ولائات شخصية داخل المؤسسة العسكرية والأمنية وداخل الكيان القبلي والمناطقي النافذ بقوة داخل موسسات الدولة.
التف الشباب ومعظم الأحزاب السياسية حول رئيسهم الجديد، ومن خلال خبرة هادي مع نظام صالح وكان يعرف مكامن القوة وخيوط العبة التي نسجها صالح طيلة فترة حكمة مدركاً أن لا خروج لليمن من عنق الزجاجة بوجود نفوذ صالح القبلي والعسكري وكذلك صعود حركة طائفية طامعة في الشمال وأصوات تتعالى للانفصال في الجنوب وغبن من تسلط المركز في الوسط سوى التأسيس ليمن جديد ودولة إتحادية من عدة أقاليم ومازال هذا برأيي، ورأي معظم أبناء اليمن في الجنوب والشمال والشرق والغرب والوسط من المسحوقين والمهمشين، الحل الأنجع وقد يكون الوحيد للحفاظ على ما تبقى من وحدة إجتماعية وثقافية بين اليمنيين وإنتزاع حقوقهم العادلة في المساواة والمواطنة..
شرع الرئيس هادي الى تفكيك قوى المركز المتسلطة قبلية وعسكرية وشل الولائات الشخصية داخل المؤسسة العسكرية، فعمل على هيكلة الجيش ومؤسساته وكان قرار الهيلكة لصالح ومن حوله بمثابة إعلان حرب، والمفاجىء أن هيكلة الجيش قوبلت بالرفض حتى من قبل الحوثيين الذين ضلوا، لأكثر من عشر سنين، يقاتلوه ويكفروه ويخونوه..
صعد هادي وأعلن بجرأة لليمنيين، بعد إنتزاعة موافقة الخارج، أن الشمال لن يبقي شمالاً ولا الجنوب جنوباً وأعلن عن الدولة الإتحادية المرتقبة من سته أقاليم وإنها الضامن لبقاء اليمن موحداً والضامن الوحيد لمستقبل اليمنيين بإنتقال الحكم من المركز الى الإقليم ليحكم أبناء اليمن شمالاً وجنوباً أنفسهم بأنفسهم لينتهي تهميش المركز لبقية أبناء اليمن.
عندها، التقت مصالح قوى المركز قبليين وعسكريين وسلاليين وتناسوا حروبهم التي فتكت باليمنيين وخلافاتهم، وأعلنوا رفضهم لأقلمة اليمن ورفض سحب البساط من تحت أيديهم وأعلنوا الحرب على اليمنيين شمالاً وجنوباً ووسط وحشدوا المقاتلين بأسم المذهب وأسم القبيلة والجغرافيا وأرسلوهم الى الجنوب ومأرب والبيضاء وتعز والحديدة.
يعتقد السلاليين أن حكمهم لليمنيين حقاً إلاهي ويعتقد صالح وقوى النفوذ القبلي والعسكري في المركز إن حكمهم لليمنيين حقاً تأريخي ويعلم صالح إن عودته الى الحكم مستحيله ولكن تحالفه، الذي أبتداء قبل التدخل العربي باليمن، مع الإماميين لقتال اليمنيين عندما ألتقت مصلحتهم في إحتكار السلطة في المركز، لم يعد صالح وقوى النفوذ العكسري والقبلي المنضوية حوله مكترثين ببقاء اليمن جمهوري أو ملكي او مشائخي بقدر جهادهم في إبقاء رقاب بقية اليمنيين تحت سوط سلطتهم ونفوذهم...!
لهذه الأسباب يحقد صالح على الرئيس هادي ولهذه الأسباب يلتف اليمنيين حول رئيسهم هادي والقتال تحت لواء شرعيته...
مذاب الشايف