الكاتب : ثابت الأحمدي
"المفوضية السامية لحقوق الإنسان" للأسف هكذا اسمها، نظريا فيها معاني السمو، إلى جانب الحقوق. أما عمليا فالأمر مختلف..!
أتكلم عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في اليمن، وممثلها جورج أبو الزلف، من جورج هذا؟؟
جورج حوثي، هذا اسمه في الواقع. وهو لا يمثل إلا غطاء للحوثي وفقا لمنظمة وثاق التي وسمته هذا الوسم. منذ تأسست المنظمة في مارس من العام، 2012م في صنعاء، وفقا لقرارات مجلس حقوق الانسان 18/19 وما بعده، ومنذ تم تعيينه ممثلا لها منتصف العام 2013م، تم اختيار عناصر من اتجاه معين، لها موقف من الشعب اليمني، ومن نظامه الجمهوري وثورته المجيدة. عناصر إمامية، ذات موقف إيديولوجي، ترى نفسها فوق البشر كلهم، متخلصا ـ وعلى طريقته ـ من أي عنصر لا يحمل هذا الفكر ولا ينتمي لهذه الجماعة. والعجيب أنه يدعي الاستقلالية ويدعي الحياد. الأكثر عجبا أن تعاملاته كانت أكثر مع المليشيا الحوثية ولا تزال الحكومة الشرعية قائمة، وكانت أنشطته معهم على الدوام، أكثر منها ميدانيا على الرغم من الانتهاكات التي تمارسها هذه الجماعة.
منذ العام 2012م ثمة آلاف القضايا الإنسانية التي انتهكت بحق الشعب اليمني، على الصعيد الفردي والجماعي، وأبو الزلف معرض عنها، ويصم أذنيه أمام أي نداء أو استغاثة. وللعلم فقد أدان فريق الخبراء المعني باليمن الحوثي وجماعته الهمجية، في 22 يناير، كانون الثاني 2016م.
منازل تم تفجيرها.. مدارس هدمها الحوثيون.. نساء وأطفال قتلوا وتشردوا وتهجروا قسرا من ديارهم.. صحفيون وناشطون حقوقيون تم اختطافهم وسجنهم وتعذيبهم.. حصار خانق على تعز.. حرب مفتوحة واغتيالات في عدن.. انتهاكات بالجملة والتجزئة في البيضاء وكل محافظات اليمن، كل هذا وموقف السيد جورج يشبه موقف "عباس أحمد مطر"!! "اصقل سيفك يا عباس"!!
لا عين رأت ولا أذن سمعت.. ولا يزال الحبل على الجرار.. أذن من طين وأخرى من عجين. الأمر لا يعنيه، كل ما يعنيه ألا يغضب السيد الحوثي أو رئيس اللجنة الثورية منه، والأخير زاره إلى مكتبه يوما ما، لتوجيهه بما يلزم في ضبط مسار التقارير الحقوقية..!
هل هذا هو العمل الحقوقي المتصل مباشرة بالإنسانية.. بالضمير..؟! الأمم المتحدة تفقد مصداقيتها في اليمن. وهي المعنية بالإجابة عن هذا السؤال..
جورج.. سوف أذكرك بما حدث، ولا تستطيع أبدا أن تنكر ذلك..
1ـ حين هجَّر الحوثيون قسرا ما يزيد عن عشرة آلاف يمني من منازلهم وعملهم في دماج إلى صنعاء وغيرها من المدن اليمنية، لم ينبس السيد جورج ببنت شفة، ولم يصدر عن مفوضيته بيان استنكار لما يحدث، في الوقت الذي استنكرت فيه كل منظمات العالم هذا الفعل.
2ـ حين دخل الحوثيون عمران أحرقوا أحد المنازل هناك بمن فيه، ولم تنج منه إلا طفلة، كانت إصابتها أخف. تم إحضارها كشاهد عيان إلى مكتب المفوضية من قبل إحدى المنظمات الفاعلة والمستقلة، وذلك لتناول قضيتها، السيد جورج ومعه ليث العامود "عراقي الجنسية" اعتذرا للحاضرين عن شحة المعلومات، متعللين أنه لم يصلهما أي شيء..! وبما أن المعلومة قد وصلت، فكان ينبغي عليهما التحرك مباشرة إلى مسرح الجريمة للتحقق أكثر ورفع تقرير عاجل عن الحادثة وأخواتها؛ لكن ذلك ما لم يحدث.!
3ـ عقب غزو الحوثيين عدن، تم ارتكاب مجزرة في مدينة التواهي، بحي السياح، راح ضحيتها سبعة وأربعون شهيدا، سمع بها القاصي والداني، وتم إبلاغ السيد جورج من أكثر من جهة وشخص، لزيارة مسرح الجريمة، أو الإشارة ولو في خبر عابر عن الجريمة، ولكن.. لا حياة لمن تنادي.. !
4ـ عقب دخول الحوثيين صنعاء تم قتل واختطاف وسجن العشرات من الناشطين والحقوقيين، من الرجال والنساء، وكان الجميع ينتظرون إشارة عابرة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان، رغم البلاغات المتكررة والشكاوى، ولكن: "اصقل سيفك يا عباس"!!
5ـ أكثر من سنة كاملة وتعز تحت الحصار الخانق، تحللت الجثث، وتفحمت الأجساد، وانعدمت اسطوانات الأوكسيجين عن المستشفيات، وانعدمت مياه الشرب، كما انعدم الدواء، وأصبحت حديث العام والخاص، ومع هذا الأمر لا يعنيك يا جورج؛ بل لا يوجد منسق للمنظمة في تعز..!
6ـ عشرات من الصحفيين تم اختطافهم، وآخرون وضعوا بعد اختطافهم في كمائن وأهداف عسكرية، ولا يزال الكثير من هؤلاء إلى اليوم مخفيين قسرا ومختطفين، لا يعلم أهلهم عنهم شيئا، كل هذا لا يعنيك يا جورج؟!! كل ما يعنيك هو خدمة السيد وتزييف الحقائق وتزوير الوقائع.
7ـ تم إغلاق أغلب الجامعات اليمنية الاهلية، وكذا الصحف والمجلات والمنظمات الفاعلة، ومصادرة ممتلكاتها بغير وجه حق، وجورج لم يحرك ساكنا أو يسكن متحركا..!!
8ـ السيد جورج "المحايد جدا" عيَّن قياديا حوثيا في محافظة حجة منسقا للمفوضية، مهمته توثيق جرائم الحوثي في المحافظة.. لا تعليق..!
9ـ السيد جورج يقيم دورة تدريبية بفندق سبأ بصنعاء لعدد 18 متدربا، أغلبهم من شمال الشمال، وبتوصيات حوثية، سيكون عملهم إلى الاستخباراتي أقرب منه إلى الحقوقي..
10ـ السيد جورج، أذكرك أنك أصدرت تقريرك الأول عن أحداث اليمن، وأنت تبتعد عن اليمن حوالي 2000 كيلو متر، في الأردن، ولم يكن التقرير إلا لسان الحوثي لا غير.! وأذكرك بموقف العديد من المنظمات الحقوقية المستقلة في اليمن منك ومن منظمتك، كمنظمة وثاق وشبكة رصد لحقوق الإنسان، وغيرهما من المنظمات.. هل تذكُر؟.. تذَكَّر..
11ـ أخيرا هذا تصريح معالي وزير حقوق الإنسان السابق عز الدين الأصبحي، منتقدا دور المفوضية التي تنكبت طريقها، وانحازت بلا مبرر لجماعة الموت؛ حيث قال: ".. مع كل هذه الجرائم نجد المفوضية تتغاضى ولا تذكر أو تدين هذه الجرائم في معظم بيانات وتقارير المفوضية ووكالات الأمم المتحدة، وهو أمر حتّم على الحكومة البدء بمراجعة حقيقية لأداء هذه المكاتب وتعاونها مع العاملين في الداخل، الذين من الواضح عدم التزامهم بأي معايير مهنية دولية، أو مراعاة لمبادئ القانون الدولي اﻻنساني و حقوق اﻻنسان