نحن شعب الجنوب ارهقتنا السياسة ، والتحليلات السياسية ، وأنهكتنا الحروب ، واتعبتنا صور شخصيات نحملها ونرفعها ، وأوهنتنا تقلبات الأوضاع ، وأزدادت همومنا بين طلب المعيشة ، وطلب الأمان ، والبحث عن ذاتنا وهويتنا . كل ذلك وأكثر من شتى أنواع الهموم والمعاناة . سببها أنفسنا وعواطفنا وتقلب قلوبنا وامزجتنا .
نسير بلاهدى ، ونجري خلف كل من يقول شعب الجنوب مظلوم ، ومن حقه النظر في قضيتة نظرة عادلة .
كلمات يقولها كل طرف منهزم يدغدغ فيها مشاعرنا ، ويألب عليها أفكارنا ، لنظلي حبيسي النت والكتابات ومتابعات فلان وعلتان ، ماذا قال ؟ وماذا رد عليه الأخر ؟
بوصلتنا ضائعة ونجم ليلنا اختفاء خلف السحب المتراكمة في عتمة الليل البهيم .
لم نجلس مع أنفسنا جلسة مصارحة نقييم فيها أوضعنا ومراحل حياتنا .
وسنظلي كذلك ، ما دمنا نعتمد على التفكير بعواطفنا ، ومادمنا نجيد الكلام وتأويل الأحاديث ، مع أنها كلها أضغاث أحلام اليقضة ، لا تسمن ولا تغني من جوع .
كثيرين الكلام قليلين الأفعال ، نقزم قضية وطن ونحجمها بشخص معين ، يعجبنا ويطربنا من ينمق الكلام بحقنا وبحق قادتنا ، مع إدراكنا أنه كلام منمق ، لا ينطبق على أرض الواقع ولا يسد رمق ، ولا يحرك ساكن ، ولا يطعم فرخ حمامة ، وأن هو إلا كلام يسلي الخاطر ، ويثبط الهمم ، ويعمل لقائله شعبية مؤقتة .
يريدونا فقط أن نعتكف نناقش ذاتنا بذاتنا ، فنزداد أختلاف وتباعد .
أن الواقع لاتغيره الأماني والأحلام . ولا السماء تمطر ذهبا وفضة . أن الله عز وجل الذي أذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم . اشترط بدء تغيير النفس، وهو القادر على تغيير كل شي ، أن تبدء بمبادرة التغيير من ذاتها بالفعل لا بالقول فقط . فأن نوى العبد على التوبة تلفظ بالقول وباشر بالعمل .
فلا تنتظروا من أحد يقدم ليغير لكم الواقع ، أو يأتي لكم بالجنوب ودولته ومؤسساته ، وأنتم خلف شاشات النت ، وفي مقايل نقاشاتكم وجدلكم . متكئين على الأرائك . فها نحن في بحر أحلامنا ، وأمانينا ، وتطلعاتنا ، تتقاذف بنا هول أمواجه ، فهل لنا من صلب أشجارنا عود أو قشة نتعلق بها طلبا للنجاة ؟! فأن أشجار غيرنا حتى وأن امالتها الرياح نحونا لا تصل أفنانها إلى أيادينا لنتعلق فيها وتنقذنا .
والله من وراء القصد .
✍🏻 عبدالقادر زين بن جرادي