الإسلام الوظيفي هو الوجه الحقيقي للتدين، الإسلام الذي يعكس الحديث النبوي اللافت «أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام».
والإسلام الوظيفي لا يعني ذلك المفصول تماماً عن السياسة، لاستحالة فصل ثقافة أي مجتمع عن سلطته، ولكنه يعني وضع حد للعمليات البشعة التي يتم على أساسها تسييس الإسلام لمصالح جماعات تيارات «الإسلام السياسي»، و»الإسلام الجهادي»، في ابتسار مخل بالمقاصد العليا للإسلام وغيره من الأديان.
وضمن الإسلام الوظيفي يمكن للساسة ان يتباروا في تقديم برامج عمل انتخابية على أساس خدمي (الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)، وليس على أساس «عقدي»، يتمثل في أن فلاناً أو علاناً سيمضي بالناس إلى الجنة إذا ما فاز بمقعده في مجلس البرلمان.
وصدقوني إن الساسة هم آخر من يفكر في إدخال الناس جنة السماء، لأنهم غالباً يحرمونهم من جنة الأرض. ولذا نريد منهم ألا يفكروا أثناء وضع برامجهم الانتخابية في أن «يعمروا الجنة»، لنا، نريد منهم أن» يعمروا الدنيا»، وليتركوا لنا السعي في ما بيننا وبين الله ليشملنا برحمته وجنته.
المشكلة اليوم أن لدينا قدراً كبيراً من التدين الذي دمر مدارسنا ومشافينا وجامعاتنا، فهل سيكون لدينا القدر نفسه من التدين الذي يمكن أن يبني ما تم تدميره. النصوص التي نقاطع بها الآخر اليوم، هي ذاتها النصوص التي أقام بها النبي مجتمعاً متواصلاً، ومد جسور العلاقات بها مع الآخرين.
الدين المتهم اليوم بالهدم هو ذاته الذي بنى أمس، والإسلام الذي يتحدث باسمه أبوبكر البغدادي، وحسن نصر الله، هو ذاته الذي تكلم باسمه واصل بن عطاء ومحمد بن إدريس.
علينا أن نعيد تحديد زاوية النظر لا أكثر.