ســـام الغـُــباري ×
..
يتغذى "الحوثي" على مصالح الشيخ في مناطق العشائر القبلية بقرى وأرياف شمال الشمال اليمني ، وهي الجغرافيا التي أقام فيها "يحيى الرسي" المُلقب بـ"الإمام الهادي إلى الحق" دولته الجديدة في القرن التاسع للميلاد مُـعتمداً على المذهب الزيدي الذي قام بتحويله إلى مذهب مُـحارب ورافعة سياسية له ولأحفاده وحصر الحكم في سلالتهم وبإختراع نظام إجتماعي (طبقي) يعتمد على تقسيم المجتمع وفق هرمين أو قالبين متوازيين ، وهما مجتمع السيد ومجتمع الشيخ أو القبيلة وفق التراتب الآتي:
* مجتمع السيد الهاشمي :
- السيد وهو الإمام الهاشمي كرأس النظام العام بمختلف المناطق والقبائل وله تُـوجب الطاعة وتُـعقد البيعة .
- القاضي وهو قاضي المحكمة الشرعية وأغلبهم من القبائل المتعلمين الذين ساندوا دولة الرسي ، ويقال أنهم من بقايا الأبناء الفرس .
- الفقيه وهو معاون القاضي ومعلم الصبية
- الأمين وهو غالباً من الهاشميين المتعلمين ويقوم على تسجيل المواليد والعقارات والأراضي وغيرها
..
تمركزت حياة غالبية هذه الطبقات الإجتماعية في المُـدن التي كانت توجه شتائمها وسخريتها الدائمة من القبيلة وشيوخها وأفرادها ، وقد بنت لنفسها نماذج عصرية من التعامل المدني مثل الأسواق وإحتكار التجارة ، وضربت الأسوار حول مُدنها خشية من ثوران القبيلة ، وسيطرت على مجمل وظائف الدولة ، وكانت هذه التكتلات المغرورة تزدري أبناء الفلاحين ، وتنظر إليهم كمورد للعطايا والمِـنح العينية مثل البيض والسمن والعسل الذي تنتجه مزارع الفلاحين الصغيرة .
* مجتمع القبيلة :
- شيخ الضمان وهو حاكم القبيلة ومشرفها ، ويتبعه شيخ الحبل ، وشيخ العزلة ، ولهم تُـمنح بعض العطايا من الزكاة والجباية وفق نظام فقهي لضمان ولائهم .
- العاقل وهو شرطي الأحياء السكنية أو القرى التي تتألف منها القبيلة
- القبيلي وهو الفلاح المواطن
- البعم وهو الدوشان والجزار والحلاق والحمامي وما إليه من المهن الدونية وكان أغلبهم من عامة اليهود أو فقراء المسلمين
..
تمركزت حياة غالبية أفراد هذا المجتمع خلف أسوار القبيلة ، بداخل أدغال الريف ، ولم يكن يُـسمح لها بالمبيت في المدن إلا للضرورة ، كما كان نظام الرئيس الرحل إبراهيم الحمدي – مثلاً – وهو نظام إعادة إنتاج مجتمع السيد الهاشمي ، منذ إنقلاب القاضي الإرياني في نوفمبر 1967م ، لا يسمح ببقاء الفلاح داخل مدينة "ذمار" دون أن يُـسأل من أفراد الشرطة عن سبب بقاءه ! .
- أحفاد مجتمع الإمام أو السيد ورثوا المسميات عن آبائهم وأجدادهم ، فيُخاطب حفيد قاضي المحكمة مثلاً بـ "القاضي" وإن كان عاملاً في سلك آخر غير القضاء ، حيث تحولت المهنة إلى صفة تلازم سلالة الفرد ، ثم إلى طبقة إجتماعية ، شأنهم شأن أُسر عديدة مثل آل الأكوع والحجري والعمري والإرياني يسمون بـ (القضاة) وغيرهم .
- في نظام الإمامة الحديث ويبدأ بعهد "يحيى حميد الدين" وإبنه "أحمد" 1908 – 1962م اعتمد النظام الطبقي رسمياً وسمح – لأول مرة – للمشايخ وبعض أفراد القبائل الذين فرضوا أنفسهم بدمجهم ضمن جهاز وظيفي ، وأعتمد نظام التعليم الجديد ، كما إتخذت هوية الطبقات رداءً جديداً وهو لباس الدولة ويمثل العمامة الدائرية المصنوعة من القش والخيوط الذهبية الملونة ، واللباس الصوفي الطويل المزخرف ، والجنبية المعقوفة ، وفي تمييز السيد عن القاضي يكون إتجاه الجنبية يميناً دلالة على هاشمية الشخص ، وإذا كان إتجاهها يساراً فهي لشخص ينتسب لطبقة القضاة أو الفقهاء ، ويُحرم على الفلاح أو القبيلي أو البعم لبس هذا الرداء المميز ، مالم يكن ملتحقاً بجهاز الدولة في حكومة بيت حميد الدين التي انتهت بقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م .
- ذلك التمييز العنصري العلني في الرداء والوظيفة العامة ، لا تسمح للقبيلي "الفلاح" من الوصول إلى مرتبة القاضي ، فقد كان الأمر محصوراً في بيوتات معينة ، لا يمكن تجاوزها ، تتوارث القضاء ، ووظائف الوقف والأجهزة الحساسة في الدولة ، وحتى الإعلام الرسمي ، وهو ما خلق مجتمع "التقاسم" الطبقي ، الذي إتفق على نهب الفلاح القبيلي ، وتسخيره وإستعباده لعشرات السنين ، غير أنه ما يلبث أن يتمرد ويستعيد السيطرة على مقاليد الأمور ، ثم يخسر في مواجهة إعادة ترتيب الصف الكهنوتي لنفسه .
- ولذا فإن قبول الكهنوت الإمامي بصيغة المصالحة في حرب الملكية والجمهورية عام 1970م بعد هزيمته من تنظيم الضباط الأحرار الذين كانوا يشكلون العمق القبلي ، ومثّلت الجمهورية بالنسبة لهم ذروة المشروع الحقيقي لتدمير مجتمع الإمامة الطبقي وإلغائه ، فقد جاء تنازل الكهنوت عن المرتبة الأولى في مجتمعه وعن النظام الملكي ، وتقبله الهزيمة التاريخية بعد إنقلاب القاضي عبدالرحمن الإرياني على الفلاح الرئيس عبدالله السلال في 5نوفمبر 1967م و مانتج عنها من حرب امتدت لثلاث سنوات ، وقد ظهر الرئيس الإرياني برداء مشابه لنظام الإمام البدر ، إلا أن جنبيته المعقوفة كانت بإتجاه الشمال فقط !، وذلك كان صراعاً فطرياً بين بقايا مجتمعات الإمامة وتقسيماتها الطبقية ، غير أن النخب المتصارعة لم تكن تُـدرك أن ذلك الصراع حقيقي ويمثل موروث النزاع القديم .
- لقد كُـنا أمام كتلتين أو هرمين كبيرين داخل المجتمع اليمني ، وهما مجتمع المدينة ومجتمع الريف – مجتمع الدولة ، ومجتمع العمال – مجتمع الأغنياء ، ومجتمع الفقراء ، أو بالأحرى مجتمع اليمن القديم ومجتمع المستوطنين الذين يرون لأنفسهم تميزاً عرقياً خارج نطاق الهوية اليمنية التقليدية ، ويطلقون على أنفسهم لقب الأشراف أو الهاشميين في تكوين عنصري غريب يستخدم الدين لإشاعة هالة من القداسة العِـرقية على سلالته التي يدعي أنها تنتسب للبيت النبوي المطهر ، وبعكس عرقية "السيد" ، لا يستطيع الفقيه أو القاضي تمييز نفسه عِـرقياً عن المجتمع القبلي ، إلا بكونه الموظف المثالي الذي يتكاثر ويعيش في بلاط الدواوين وقصور الحُـكم ، فهم على الدوام البطانة الدائمة وكتيبة المستشارين للإمام الديني الذين جاء بهم من بقايا الأتراك والأكراد والفرس الذين جاؤوا إلى اليمن في مراحل سابقة لتكوين مجتمع جديد داخل المجتمع اليمني العشائري الذي إعتنق الإسلام ، وإستغل المحتالون المتدينون عاطفية الأفراد الطيبين لتأطيرهم في فكرة لاهوتية تدعي الوصاية على الدين والحُـكم .
- ينحدر الحوثيون من المجتمع الأول وهم من سلالة "يحيى الرسي" القادم من طبرستان وجدهم يُـدعى "القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا" ويدّعون أحقية بالحكم عبر الولاية المتشيعة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم . ، وبهذه الدعاية المضللة إستطاع الرسي الوصول إلى قلب العاصمة صنعاء بعد معارك شديدة خاضها مع شيوخ القبائل الذين كانوا يرونه مُـهدداً لسلطتهم التاريخية .
بعد تطويع الشيخ وقبوله التنازل عن موقعه "مؤقتاً " لصالح القوة الدينية المسلحة التي إستقطبت الكثير من رعيته الذين يرون أن الحاكم الديني أحق بالإتباع من شيخهم القبلي ، كان تمرد الشيخ على هذا النظام الكهنوتي مستمر عبر تحالفه مع أي نظام أو قوة جديدة تستطيع نزع سلطة الإمام لتُعيد إليه سلطته التاريخية وفق نظام العشائر السائد .
- تبادلية الصراع بين (الشيخ والسيد) في مجتمع القبائل اليمني بما يشكل اليوم جغرافيا الخارطة الملتهبة التي تستعصم أمام قوة التحالف العربي هي مفتاح الحل لإختراق سهل في تكوين المجتمع ، وتفكيك بنية الإنقلاب السائد على النظام الشرعي للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً .
.. كيف ؟ ، ذلك ما سأقوله لكم الآن .. فأتبعوني :
يرى الشيخ الإقطاعي أن طغيانه هو السبيل الوحيد لإستمراره كـ (شيخ) ، حين تدخل الدولة بأجهزتها التنفيذية من أقسام شرطة ونيابة ومحاكم وقانون وجامعات ومدارس في منطقته .. يغيب دوره ويتحول إلى إنسان أليف ، تُسحب منه تدريجياً أراضيه وإقطاعاته وطغيانه وسجونه .. السلاح الكبير والأتباع الصارمون الذين يتغذون على قضايا الفلاحين كلهم في يد الشيخ الذي يخشاه "القبيلي" وهو بالضبط سبب بقاء الشيخ شيخاً ، وحاكماً وآمراً ، فإذا حلت الدولة مكانه ، تراجع دوره وبقي دوراً إجتماعياً مُساعداً للدولة فقط .
- في عهد الإمامة القديمة لم تُـبنى دولة بالمفهوم المتعارف عليه ، ظهورها إعتمد على التعاطف العام لجمهور عريض من المجتمع ومنهم بعض المشايخ القبليين الذين كانوا يحكمون مناطقهم بحدود متعارف عليها ، وكان نزاعهم معروف في المناطق الحدودية وسبباً لإشتعال الحروب بين قبائلهم ، ولأن اجهزة الدولة كالجيش والأمن والادارات المالية من جباية وضرائب وزكاة كانت غائبة تماماً فقد إخترع الإمام الحاكم ذلك النظام الطبقي .
..
في المناطق أو القبائل التي ماتزال تتعامل وفق التقسيم الطبقي ، وكانت بعيدة عن إهتمام الدولة ورعايتها مثل مناطق حاشد وأقاصي صعدة وعمران وبعض القرى النائية في ذمار مثل عنس وضوران وجهران ومغرب عنس وبعض الأسر المشيخية في تعز مثل آل عثمان والبحر التي كانت ترتدي الزي الحجازي ، وبقايا الأبناء الفرس مثل الجنيد والرميمة ، استطاع "الحوثيون الرسّيون" استعادة دورهم الذي تم تهميشه لأكثر من خمسين عاماً منذ قيام الجمهورية العربية اليمنية برئاسة الزعيم عبدالله السلال كأول رئيس يمني يستعيد مفهوم الدولة التي قضى عليها الصراع الطبقي ولم يوحد إستقرارها منذ تشكيل ذلك الفرز المقيت على روح المجتمع اليمني ، وبلور الضباط الأحرار الذين شكلوا الخلية الأولى لتفجير الثورة الشعبية التي استعانت بالكثير من مشايخ اليمن الشباب لإعلان نظام جديد قائم على القوة القانونية وإلغاء الإمتيازات بين أفراد المجتمع اليمني ، ذلك هو روح 26 سبتمبر المجيد الذي تم ضربه اليوم بإبتلاع الدور المحوري لفكرة الضباط الأحرار وهم يمثلون (مؤسسة الجيش والأمن المركزي) عبر السماح بتراخي الدولة وإستعادة نظام الإمامة الطبقي تدريجياً ، و هو ما وفّـر البيئة الحاضنة لتكاثر الحوثيين وإستعادة دورهم ، عبر خط زمني معاكس بدأ بالضباط النظاميين وانتهى بتوجيه العصى والجزرة للشيخ القبلي ، ومن إختار المواجهة في ظل غياب (الجيش) وتحييده تم تفجير بيته وملاحقته بصورة بشعة كما حدث مع أنجال الشيخ الأحمر أقوى شيوخ اليمن وأعتاهم ، ومن ثم الشيخ الدعام في أعماق الرضمة في إب .
- هذه الطبقات المجتمعية من الشيخ حتى آخر السُلم الإجتماعي دانوا للسيد مجدداً ، بينما فشل الحوثيون في إستعادة محافظة "البيضاء" التي كان يحكمها نظام شبيه بأنظمة السلاطين في الجنوب مثل الرصّاص والحميقاني وغيرهم وتم إخضاعهم بالقوة لسلطة الإمام المذهبية وفق اتفاق خبيث مع الانجليز ، وفشلوا ايضاً في استعادة "تعز" لأنها قامت أصلاً منذ أيامها الأولى على التعليم والتنوير فذابت شخصية الشيخ والطبقات واعتمدت على الدولة واجهزتها ، وهي مثل "عدن" لا يمكن أن تعيش أو تستقر بلا نظام إداري لدولة عصرية .
- لقد اعتمد نظام الرئيس اليمني السابق "علي عبدالله صالح" على تقوية عواصم المحافظات والقبائل فقط ، وكان تركيز التعليم بصورة محدودة في هذه المناطق المدنية بينما تُركت اجهزة الدولة غائبة في القرى عدا عواصم القبائل مثل الحدأ مثلاً أو عنس أو ضوران بمحافظة ذمار ، كانت الدولة حاضرة في عاصمتها بطريقة صورية دون تواجد حقيقي وفاعل ، نتيجة لتردي الطرقات والخدمات العامة ، وصار التعامل مع الشيخ الطريق الأنسب والأجدر لتسوية القضايا العالقة بين الدولة ومواطنيها ، حتى أن سلطة الشيخ تستطيع حبس مواطن في سجون الدولة المركزية دون إخضاعه للقانون ، وهو ماحدث مثلاً في سجون شيخ الجعاشن محمد منصور ، وشيخ قبيلة حاشد الراحل عبدالله الأحمر .
- مثّـل نظام "صالح" إستعادة الفلاح لجمهورية "السلال" غير أنه لم يستمر في تحرير مناطق الشمال اليمني بصورة كاملة من مجتمع (الإمام) الطبقي ، وسمح بعد خروجه القسري من الحُـكم بإختطاف الجمهورية مع خلفه الرئيس "عبدربه منصور هادي" الذي لم تكن لديه أدنى فكرة تاريخية عن حساسية الصراع والمجتمع في العُـمق القبلي ، وتنازل الإثنان عن قوات الجيش ، أو مايسمى في الجمهورية الوليدة بـ "تنظيم الضباط" ، فإستعاد مجتمع الإمامة الطبقي دوره سريعاً ، وظهرت المطامع المدفونة بصورة فجة ، وبالتالي أصبح مجتمع "السيد بمن فيه من القضاة والفقهاء" بعد اختطافهم لتنظيم الجيش في مواجهة مع مجتمع الشيخ والقبيلة عموماً ، ولم يكن من الصعب التكهن بعد ذلك بنتائج الصراع ، وبمجرد عودة (السيد) لممارسة دوره البائد على رأس الهرم المجتمعي ، ذلك جعل الشيخ حاقداً ومقاوماً في بعض الأحيان وإن أظهر ولائه الانتهازي لسيده القديم - الجديد ، الشواهد ماثلة من صعدة حيث آل مجلي وفي حرف سفيان حيث "صغير بن عزيز" ، وفي حاشد حيث آل الأحمر ، وفي الرضمة حيث الدعام ، هذه الأسر المشيخية التي قاومت السلطة الكهنوتية للإمام الجديد عُـوقبت بصورة مرعبة كانت كفيلة بإستجابة بقية مشايخ اليمن – مُـكرهين - لحاكمهم القوي البغيض.
- لقد إستطاع الإمام السفاح أحمد حميد الدين إستعادة عرشه المسلوب برفع قميص والده "الشهيد" المثقوب برصاص الثائر القردعي ، عبر حشد المشايخ القبليين وإستدرار عطفهم لما أسماه "خيانة وغدر" آل الوزير ،واستطاع في أيام قلائل محاصرة صنعاء واستباحتها بالآف القبائل الطامعين ، حتى وصل النهب إلى خزينة الدولة ، فأرسل الإمام المنتشي بنصره رسالة عتاب لقبيلة الحدأ التي شاركت مع قبائل خولان مذبحة الإباحة الدامية لكل جميل على مدينة صنعاء البريئة بقصيدة مقتضبة يقول مطلعها "ياحدأ ياخيرة الله عليكم * حق بيت المال كُلن يرده" .
- وعلى النقيض إستطاع الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر تدمير وقلب نظام الحُـكم الإمامي في اليمن ، بإستمالة الشيخ الذي رأى في زعامة عبدالناصر إلهاماً أثار شجون كل القبائل اليمنية ، إنتهى بإخراج الإمامة من صنعاء خلال أقل من 24 ساعة ، وكانت الوصفة السحرية بمعرفة طبيعة مجتمع الشمال اليمني حين فقد السيد تأثيره الكهنوتي على القبيلة ، واستطاع الشيخ التحرر من سلطة الإمام بالركون إلى زعامة قومية عربية ، وتنظيم مُـدرب كان يُـطلق عليه تنظيم الضباط الأحرار ، وهو ما شجع الشيخ على التمرد والإنتصار .
- هزيمة الحوثيين بعد كل هذه الإستفاضة المتنوعة تاريخاً وحاضراً تأتي تراتبياً كالآتي :
1- إستحضار مجتمع الإمامة الطبقي "مؤقتاً" وإستمالة الشيخ لإستعادة دوره الإيجابي على رأس هرم القبيلة بدعم وسند قويين سيجعله مندفعاً للتخلي عن (حوثيته) الزائفة ، بدافع السيطرة الفطري على قبيلته التي سُـلبت منه وسيكون رأس الحربة مع قبائله الذين لم يعودوا يرون في سلطة "الرسيين" المُخادعين ذلك البريق الزائف كما في السابق .
2- الإستفادة المثلى من القوة العسكرية النظامية في "مأرب" بإعتبارها جيش "الضباط الأحرار" التي رفضت السلطة الدينية وتوجيهها للتعاون مع الشيخ كي يستعيد كلٌ منهم سلطته وفق القواعد السابقة ، فيعود الشيخ إلى قبيلته مكلالاً بالغار بعد تجريعه الإهانة والذُل من سلطة الحوثيين الفاسدة ، وتعود الدولة عبر جيشها إلى معسكراتها ومقراتها الأمنية بإستدعاء كل الضباط والأحرار والقوات والأفراد الذين نأوا بأنفسهم عن خوض حرب مجهولة المعالم .إلى أن تتمكن الدولة بمساعدة الشيخ من ترتيب صفوفها بجيش مُسلح وقوي يفرض سيطرته على كل قرية باليمن .
3- التركيز في مرحلة قادمة خلال خمسة أعوام على طمس معالم الجريمة الحوثية بإعمال الدستور ، وإستعادة التعددية السياسية ، وإعادة الإعمار ونشر ثقافة المصالحة العامة وتجريم السلالية بقانون نافذ ، ونشر التوعية والتعليم في مناطق اليمن النائية بكثافة ودعم خليجي ووطني متصل.
4- ضرب الإقطاع المشيخي في المرحلة الأخيرة ، ونزع الأراضي والوديان الشاسعة التي يملكها الطرفين الاقطاعي (السيد والشيخ) وتسليمها للقبائل (المواطنين) القائمين عليها ، وإنهاء دور الأمناء الشرعيين وعُقال القرى بأجهزة وموظفين في الدولة عبر مجالس محلية منتخبة ، وإعادة النظر في نظام أراضي الوقف الشرعي الذي يوظف "الرسيين والقضاة والفقهاء" للتحكم في مساحات خيالية من أراضي الدولة عبر تقديسها وتحريمها على الفلاحين ، وتقاسمها أو تقاسم خراجها في حال تأجيرها بين بقايا أفراد إنتهازيين من مجتمع الإمامة الطبقي .
- أتكهن أن هذه المحاور الأربعة ستحسم الصراع نهائياً داخل اليمن وتُـلغي أي تهديد مستقبلي لعودة مجتمع الإمام ، بما فيها تنافس الشيخ والسيد حول السلطة الصغيرة وإعتبارهما سبباً رئيسياً لكل النزاعات والحروب التي تُفكك المجتمع اليمني منذ إختراع ذلك النظام الطبقي الإنتهازي .
سيكون نتاج هذا الأمر هو شيخ بلا رعية ، وسلالة هاشمية بلا أنصار .. سيتذكر كل فصيل موروثه الماجد ، ومناطق حُـكم أسلافه ، كما تتذكر الملكة البريطانية "إليزابيث" أجدادها الذين كانوا ملوكاً كاملي الدسم ، فكل ما سنفعله هو أننا سننزع الدسم عن الأبقار الكبيرة حفاظاً على رشاقة الجسم اليمني المتُخم من الصراعات المجنونة .
.. وإلى لقاء يتجدد
× كاتب وصحفي يمني