الهوية اليمنية متماسكة وقوية بأبعادها الاجتماعية، تعدد ذات جذور تاريخية متوائمة، بسيطة وتلقائية ولا تقاوم أي وافد إليها بل ان قدرتها على الهضم والاستيعاب فريدة وعبقنرية لانها مؤسسة على جذور حضارية إنسانية لا نزعة عرقية عنصرية، لذا تقبل من يأتي اليها وتجعله واحد لا يتجزأ من تركيبتها بل ان أخلاقها الأصيلة قد تعطيه ميزات هو كرم من اجل ان نكون كل متكامل من اجل كل فرد فينا.
والعجيب اننا سنجد اليماني يهاجر ويستوطن في بلدان أخرى ويتماهى مع الهويات الاخرى ويصبح جزء اصيل من تركيبتها دون ان يفقد أصالة الانتماء للأرض التي خرج ابائه وأجداده منها وهي مصد فخر عبر الأجيال لان تراكم الخبرة لدي اليماني عميقة في وعي تأصَّل عبر آلاف السنيين، اليماني يحن لوطنه وولائه الجديد نابع من أصالة عميقة للإنسان ويتمكن من الجيل الاول المهاجر من تفهم واقعه الجديد وتكون نزعته الانسانية قادرة على التواصل مع أنضج الأبعاد في الهوية الجدية لكنه يطل رغم الاندماج المخلص للوطن الجديد يحنّ الى جذوره وأصالته.
اليمانية ليست هوية عنصرية ولا يمكنها ان تكون كذلك لان أصالتها المؤنسنة شكلتها حضارات تاريخية عظيمة في تاريخ الانسانية، لذلك لا تجد اليماني متعالي ومغرور بل تلقائية منفتحة على الآخر ايا كانت وهذه الهوية الأصيلة شكلها تراكم حضاري هضم خبرات الأديان السماوية وخبرات الوثنيات القديمة وارتبطت جميعها بالسماء لا بالأرض لذا البعد التصوفي بمعناه الإنساني مازال عميقا حتى لدى اليماني الغارق في واقعية مادية انانية.
كان التحدي والخطر الابرز الذي واجهها النزعة العرقية ذات البعد الاصولي الكهنوتي لدويلات الإئمة ورغم تهديداتها عبر فترات تاريخية متقطعة الا ان اليمانية تمكنت من احتوائها وهضمها واستيعابها اجتماعيا وظل الصراع من اجل السلطة العقدة الابرز والسم الخطير الذي يهدد الهوية اليمانية لانها استغلت التنوع اليماني وتعاملت معها كتناقضات وعملت على تفجيرها لتصبح هي المحكم والحاكم لها.
شكلت الجمهورية نقلت نوعية وتحول جذري بلغ ذروته بالوحدة الا ان مخلفات العنصرية الكهنوتية وظفت هذا الإنجاز العظيم للتاريخ اليمني واستغلت النزاعات الداخلية وفجرت القوى الوطنية وجعلتها شتات ثم انقلبت على الجميع ولكنها لم تتمكن من تحقيق اختراقات لترسيخ كهنوتها كنبتة غريبة وطارئة ومازالت اليمانية تقاوم لاعادة الأمور الى نصابها.
تحرير الهاشمية الزيدية المتطرفة من كهنوت هي حرب يمانية من اجل الهوية الجامعة ومن اجل اعادة الاعتبار للهاشمية اليمانية لذا فهي لا تهدف الى إلغاء التكوين الهاشمي بل حماية والحفاظ عليه كوجود مكتمل وكجزء اصيل في بعد اليمانية الحضاري ذات الجذور التاريخية وهذه الحرب هدفها تنقية الهاشمية من الولاية الكهنوتية من اجل الحرية وإعادتهم الى يمانيتهم وإخراجهم من عصبية الولاية وعنصريتها القاتلة لمجد الهوية اليمانية الحرة. اليمانية امتداد عبر العروبة وفي شرق اسيا وإفريقيا وتصل الى لندن وأمريكا وتنمو كتكوينات حضارية إنسانية هي هجرات متلاحقة في ارجاء الارض ومواطنة متكاملة في البلدان التي تعيش فيها ومازال حنينها لليمن ذاكرة تتوارثها الأجيال وشيء غريب انها لا تنسى لديهم بل هي مصدر انبعاث تمنحهم نشوة الانتماء، وهنا لابد ان نركز على دولتنا الوطنية فانبعاث دولتنا الوطنية بحدودها التي شكلتها الدولة الحديثة يمنحنا قوة ويمنحان امتداد ناعم يجعل من دولتنا رمزية إنسانية ناضجة،. اليمانية لابد ان تتجاوز ميوعة الشتات وتعيد بماء مركزية الدولة من خلال الاتحاد الحر بين احرار عظام ولابد لدولتنا ان تتكامل داخليا بالابعاد الحضارية لجذورها التاريخية وتراكم الخبرة عبر الزمن وصولا الى طموح بمستقبل جديد وهذا يقتضي تجاوز وعي دويلات الطوائف وصراعات الأيدولوجيات الخبيثة ونزعات البحث عن غنائم الفساد والانطلاق باتجاه المعاصرة والانفتاح المرن على العالم وجعل الامتدادات اليمانية في العالم بكل تنوعها قوة إسناد لدولتنا الحديثة دولة اليماني الحر الغارق بمجده الإنساني.