في مقابلته الاخيرة مع قناة روسيا ،الثلاثاء الماضي،ذكر الرئيس (السابق )علي عبدالله صالح إنه قد اعد حفرةً كبيرة واحرق فيها المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
وبغض النظر عن كونه لم يأتي بجديد في كلامه المطول ،إلا ان استحضاره لاسم "الحفرة " التي ذكرها لاول مرة منذ طردهِ من دار الرئاسة اليمنية بداية عام 2012م، ،هو مايهمنا في الموضوع على وجه التحديد.
فالحفرة في الذاكرة السياسية هي: المكان الذي ال اليه مصير عدداً من اباطرة الرؤساء العرب الذين وجدوا أنفسهم في نهاية المطاف مطاردون شعبياً ومطلوبون قضائياَ ، جراء مااقترفته ايديهم من جرائم منكرة في حق شعوبهم ، وصالح ليس ببعيداً عنهم.
ومثلما انتهى مصير رئيس العراق صدام حسين في حفرة لمخلفات الدجاج لجاء إليها والقي عليه القبض فيها ،ومن بعده لجاء العقيد معمر القذافي الى حفرة لتصريف المجاري جنوب غرب ليبياء،فمن المؤكد ان صالح هو الاخر سيلوذ بالفرار قريباً الى حفرة في مقلب قمامة الازرقين شمال صنعاء.
اذ لا اجد اي تفسير اخر للحديث عن الحفرة من قبل صالح في هذا التوقيت الحرج من تاريخه الشخصي ،إلا انه يخبر عن مصيره الحتمي بلسانه .
فقد قيل قديماً ان " أقدار المرء تجري على لسانه دونما ادراكٍ او قصد منهُ"، وأكثر مايعزز هذا الاستنباط لدينا ،إ ن صالح اورد ذكر الحفرة مع المبادرة الخليجية،في جملة واحدة.
وكما نعرف جميعاً أن المبادرة الخليجية هي التي منحت صالح ومعاونيه واقربائه، الحصانة السياسية .
ويرى غالبية المهتمين إن صالح ماكان له ان يغادر دار الرئاسة ،الى للسجن والمحاكمة ،أو الفرار لاقرب حفرة .
لكن المبادرة الخليجية منحت صالح فرصة ذهبية للخروج الآمن والمشرف من السلطة ،خروجاً يليق بادميته ومن معه.
لكن الواضح ان اقدار صالح تابى عليه ذلك ،وحالت دون تمكينه من الخروج المشرف ،بل إن اقداره مضت تسوقه الى خاتمة مهينة تليق بالاعمال الإجرامية التي ارتكبها ومن معه في حق أبناء اليمن الطيبين طيلة فترة حكمه .
وعليه فقد أبدى صالح إصرار الحمقي على تكريس الباطل والتمادي بالعناد ولا غاية له الى الوصول الى سوء الخاتمة.
لذلك اندفع صالح في حديثه المتلفز الاسبوع الماضي للقول بانه قد اعد حفرةً كبيرة أحرق فيها المبادرة الخليجية.
وكأني به يقول مخاطباً قادة دول الخليج .." انتم في حلٍ من امركم فيما يخص التزامكم بتامين خروجي من اليمن،والعقد القانوني الذي اعطيتموني بموجبه الجصانه الامانة انا قد احرقته ولم يعد ملزما لكم" .
هذا مايتضمنه كلام صالح عن احراق المبادرة داخل الحفرة التي خصها بالذكر تصريحاً لاتلميحاً.
فالامر الذي لايدركه صالح ومن بقى حوله،إنه لم يعد مرتبط بالمبادرة الخليجية إلا في قانون الحصانة ،المنبثق عن المبادرة.
قرار الحصانة هو البند الوحيد الذي يمتلك صالح الحق في رفضه او تطبيقه ،لانه لصالحه وهو البند الذي لم تتخذ إجراءت تنفيذه حتى اليوم.
إذا صالح لم يحرق في المبادرة غير قانون الحصانة .
أما مايتعلق بتسليم السلطة والتنحي عن رئاسة الدولة فقد تم التوقيع عليه من قبل صالح وتم التنفيذ ولم يعد له اي شان بهذا الخصوص.
فالحصانة وحدها كانت الخيار القانوني الوحيد لخروج صالح الى مطار صنعاء بامان ،بدلاً من هروبه إلى حفرة في أقرب مقلب للمخلفات .
لكن صالح انتحل صفة الزعيم وتمسك بسلوك لصوص السياسة المنحرفين وقرر المضى نحو الحفرة التي سبقه اليها معاصريه في العراق وليبياء والذين كانوا من اهم اصدقائه. وبالا قصدٍ منه ولاعلم ، بادر لإلغاء العقد القانوني والشرعي الوحيد الذي ينجيه من قدر الحفرة المصيرية.
واعلن إعفاء قادة دول الخليج الكرام ،من التزامهم القانوني والاخلاقي في تامين خروجه،وحمايته من الملاحقات القانونية ، وفي مقدمتهم قادة الرياض الذين كان لهم الدور الاكبر في منح صالح الحصانة.